جار التحميل...
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، يُعَدُّ الصيد جزءاً أساسياً من التراث، لذا تُنظِّم الدولة عدداً من المهرجانات والفعاليات التي تُعنى بالصيد، وهذا ما يعكس أهميته؛ فهو ممارسة تُعزِّز الهوية الوطنية، إضافة إلى اكتساب فوائدها الأخرى المُتعدّدة.
يتطلَّب الصيد عادةً قضاء ساعات طويلة في انتظار الفريسة؛ سواء كان الصيد في البَرّ، أو البحر، ممّا يُعلّم الصيّاد التحلّي بالصبر وعدم الاستعجال، ولا يُعَدّ الصيد نشاطاً عشوائيّاً، إذ يتطلب وضع خطة، واستخدام استراتيجيات محددة لجذب الفريسة، والإمساك بها.
ويُشار إلى أنّ ما سبق يُنمّي لدى الصيّاد مهارة التخطيط المُسبق والتفكير بعناية قبل اتِّخاذ أيّ خطوة، إضافةً إلى أنّ بقاءه مُتيقِّظاً لمُراقبة الفريسة، وانتظار اللحظة المناسبة حتى يصطادها، يُعزِّز لديه مهارات التركيز والانتباه.
وقد لا يكون الصيد ناجحاً من المحاولة الأولى -في كثير من الأحيان-، ممّا يدفع الصيّاد إلى المحاولة مرّة أخرى، والتحلّي بالصّبر، فيتعلَّم كيفية التعامل مع الإحباط، والمثابرة لتحقيق الأهداف وحلّ المشكلات، إضافة إلى تعزيز قدرته على التحكّم في تصرُّفاته ومشاعره.
ونتيجة لما سبق، يمكن القول إنّ الصيد مدرسة للصبر والتأنّي؛ إذ يُطوّر عدداً من المهارات على نحو طبيعيّ لدى الصيّادين؛ بالممارسة المستمِرّة، والتفاعل المباشر مع الطبيعة.
كما يمنح الصيد الصيّاد فرصة التعرُّف إلى المهارات التي تتطلّب تركيزاً عالياً، ويُحسِّن مهارات التنسيق بين اليدَين والعينَين والمهارات الحركية الدقيقة في التعامل مع أدوات الصيد المختلفة، ويُعلِّم الصبر لدى التعامل مع التفاصيل الصغيرة.
ويُخفِّف الصيد أيضاً مشاعر التوتُّر والقلق؛ بالخروج إلى الطبيعة وقضاء مُدَّة طويلة فيها والاستمتاع بما فيها، ممّا يُوفِّر الفرصة للراحة والاسترخاء، ويمنح الصيادَ شعوراً بالحُرّية؛ إذ يحتاج الجميع إلى الهروب من صخب الحياة اليوميّة ولاسترخاء في بيئة هادئة.
ثمّ إنّ الصيد يُسهم في تحسين الروابط الاجتماعيّة؛ فالمشاركة في رحلات الصيد برفقة العائلة أو الأصدقاء، يُعزّز الشعور بالسلام النفسيّ، ويُتيح الفرصة للاستماع إلى الآخرين على نحو أفضل، إلى جانب مشاركتهم أوقاتاً ممتعة في الصيد والشِّواء.
وأثناء الصيد، يُسهم الجلوس لساعات طويلة بين أحضان الطبيعة في تقدير الحياة البَرّية وتعزيز احترامها، وإدراك أهمّية ممارسات الأعمال المُستَدامة في الحفاظ على البيئة، إلى جانب بناء الثِّقة بالنفس؛ بإتقان المهارات الأساسيّة المرتبطة بالصيد، والشُّعور بالفخر عند تحقيق الأهداف المَرجُوَّة منه؛ فهو يُقدِّم دليلاً ملموساً على المهارات والجهود الشخصية.
ويُعزِّز الصبر أيضاً قيمة الانتظار والصبر، علماً بأنّ الصبر يساعد في تنمية مهارات الاستقلاليَّة والاعتماد على الذات، والقدرة على مواجهة تحدِّيات الحياة بمُرونة وحَماس.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الصيّاد عادةً ما يُلاحظ بعد رحلة الصيد تغيُّرات عِدَّة في نظرته العامّة إلى الأمور؛ فالحياة ممتلئة بالروتين والمواعيد النهائية التي تحصر الشخص في دائرة مفرغة، وبما أنَّ الصيد يتطلَّب الهدوء، فهو يساعد الصيّاد في إعادة تقييم الصورة الشاملة لحياته.
من السُّبُل التي يُعزّز بها الصيد فضيلة الصبر ضرورة مراعاة الوقت المناسب من السنة للذهاب في رحلة الصيد؛ لأنّ الأسماك والحيوانات تُهاجر موسميّاً في كثير من الأحيان، ولكلّ نوع طُعم يُناسبه ويختلف عن الطعم الذي يناسب غيره، كما أنّ طريقة صيده مختلفة.
ثمّ إنّ هناك حاجة إلى دراسة حالة الطقس بدِقَّة في اليوم المُحدَّد للرحلة؛ فهو يؤثّر في حركة المياه، والسماء المُلبَّدة بالغيوم تُنذر بالمطر، ممّا يُصعِّب الصيد؛ سواء في البَرّ، أو في الأنهار والبحار.
ويتطلَّب الاستعداد للصيد التمرين الجيِّد قبل الرحلة؛ عبر الإلمام بكلّ ما يحتاج إليه الصيّاد، مثل طريقة رمي الطُّعم، ويمكن التدرُّب على ذلك في حوض السباحة؛ لاحتوائه على جهاز تهوية، ممّا يساعد في رَصد حركة الطُّعوم أثناء حركة المياه.
ولا بُدّ من إعداد أنواع متنوِّعة من الطُّعوم؛ تحسُّباً لأيّ طارئ؛ كالديدان، أو الأسماك الصغيرة، أو جراد البحر، أو الأسماك الذهبية، وتعلُّم كيفية التعامل معها، وتركيبها، وهذا كلّه يحتاج إلى الصبر.
ولا يحتاج الصيّاد الجيّد إلى الصبر والهدوء فقط، بل يحتاج إلى المثابرة أيضاً؛ فالتدريب لا يقتصر على الانتظار أو تخصيص الوقت، بل على الصيّاد التعرُّف إلى نقاط ضعفه في تقنيات الصيد، وتحسينها باستمرار.
وختاماً، يُعَدّ الصيد من الأنشطة الّتي تتطلَّب مستويات عالية من الصبر والانضباط والتركيز، وقد يستغرق الأمر ساعات أو أيّاماً للحصول على الفريسة، وقد يكون الانتظار لمُدّة طويلة دون أيّ نتائج مُحبِطاً.
وانطلاقاً ممّا سبق، لا بُدّ من التحلّي بالصبر وبأخلاقيات الصيد؛ كعدم الإفراط في الصيد، أو قتل الحيوانات غير المُستهدَفة، ويمكن استغلال وقت الانتظار بالاستمتاع بالطبيعة وهدوئها بدل التذمُّر من عدم صيد شيء.
المراجع
[1] fullfocusplanner.com, 9 Reasons You Need More Fishing in Your Life
[2] bassresource.com, Learning How To Slow Down
[3] flanouflage.com, How Hunting and Fishing Teaches Patience and Discipline
[4] bishfish.co.nz, Is Patience Really Required to be a Good Fisherman?
[5] fishandski.com, Reeling in Life Skills: Why Fishing Adventures are Great for Kids