جار التحميل...
بأدواتها البسيطة، وأهدافها القيمة النبيلة، تُمثِّل الألعاب الشعبية مصدراً للمرح والترفيه في مرحلة الطفولة، إضافة إلى التراث الثقافي العريق لدولة الإمارات؛ إذ نشأت هذه الألعاب وتطوَّرت بناءً على طبيعة الحياة التي عاشها أهل الإمارات؛ لذا، فهي تعكس جوانب من كيفية تفاعُلهم مع بيئاتهم في الماضي، وطبيعة علاقاتهم الاجتماعية.
وتنقسم الألعاب الشعبية الإماراتية إلى ألعاب جَماعيّة تحتاج إلى أكبر عدد من اللاعبين، وتحكمها قواعد وأُسُس مُعيَّنة، مثل: "الدسيس"، و"الهشت"، و"الضبة"، و"كرة السوط"، و"الصوير"، و"القبة" أو ألعاب فردية- جماعية تتميَّز بالبساطة في أدواتها، وقوانينها، مثل: "الحبل"، و"حبيل الزبيل"، و"اللقفة".
وتُصنَّف الألعاب الشعبية أيضاً تبعاً لطبيعتها؛ فمنها الحركية التي تعتمد على النشاط البدني، مثل القفز بالحبل، ومنها الذهنية التي تحتاج إلى التفكير، وسرعة البديهة، والتحمُّل، مثل: الألغاز، و"الصبة"، و"الدامة"، و"سبت حي وإلاّ ميت"، والألعاب التي تحتاج إلى أدوات خاصَّة، مثل: "التيل"، إلى جانب تصنيفات أخرى تبعاً لأعمار اللاعِبين.
ومن الألعاب الشعبية ما يُناسب الفتيات؛ إذ لا تتطلَّب سوى حركات بسيطة تناسب مهاراتهنّ الجسدية، ومنها: "الحل"، و"اللقفة"، و"القحيف"، بالإضافة إلى لعبة "أنا الذيب باكلكم"، ولعبة "أم العيال" التي تشبه لعبة "الكرابي" إلى حَدٍّ كبير، وتترافق عادة مع أناشيد شعبية.
أمّا ألعاب الصبيان، فهي تتطلَّب عادة القوَّة البدنية، ومنها: "الزبوت"، و"الحلة، و"النشبيل"، و"حسن ديك"، و"الهشت"، و"الضبة"، و"عظيم السرا"، وهناك أيضاً مجموعة من الألعاب الشعبية المُخصَّصة للأطفال الأصغر عُمراً، والتي تتوافق مع قدراتهم الجسدية والذهنية، ومنها: "كو كسري"، و"الشنكعانة"، و"القرقعانة"، و"خوصة بوصة"، و"المروحة"، و"الصواوة".
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الألعاب الشعبية التي تعتمد على الكلمات والألفاظ، وأخرى ذات أهازيج غنائية ترافق اللعب؛ ممّا يعكس التراث الثقافي الإماراتي.
وتختلف قواعد هذه الألعاب؛ وفقاً للبيئات التي تُشكِّل الطبيعة الجغرافية لدولة الإمارات؛ الساحلية، والبدوية، والريفية؛ ممّا يمنح الألعاب الشعبية تنوُّعاً فريداً؛ إذ تعكس كلّ مجموعة منها فنون المنطقة التي تَشكَّلت فيها، ومُعتقَداتها، وطبيعة حياتها اليومية والاجتماعية، ولهجتها الخاصَّة.
فمثلاً، يستخدم مُمارِسو الألعاب الريفية عادةً موادّ طبيعية، مثل مُخلَّفات أشجار النخيل والسمر، ويُمارسونها غالباً في النهار، ومن أبرزها: "القفة"، و"الهبة"، و"المريحانة"، و"الفرارة"، و"الخاتم"، و"الحرب"، و"السقلة"، و"أم البيت"، و"النيبوة"، و"الهول"، و"الصقلة"، و"المقصة"، وغيرها الكثير.
ويجدر بالذكر أنّ الألعاب الريفية لا تختلف كثيراً عن تلك التي تُمارَس في المُدُن، وقد يكون الاختلاف الوحيد في التسمية؛ بسبب اختلاف اللهجات.
أمّا الألعاب الساحلية، فتعتمد أساساً على البحر الذي يُشكِّل بيئة مثالية للأطفال حتى يمارسوا ألعابهم المُفضَّلة، ومن هذه الألعاب: لعبة "صاقف لاقف" المُخصَّصة للفتيات، ولعبة "ديك ودجاجة" للصِّبيان، إضافة إلى لعبة "المزاحط"، و"المشابكة"، و"سباق السُّفن" التي تتطلَّب من كلّ لاعب صُنع سفينته الخاصَّة.
ابتكر الأطفال في دولة الإمارات الألعاب الشعبية مُستمِدِّين أفكارها من البيئة المُحيطة بهم؛ ممّا يعكس الخيال والإبداع الذي يتميَّز به هذا الأداء البسيط، لتصبح وسيلة تربط بين الأطفال، وتجمع بينهم من مختلف الثقافات.
وتعود الألعاب الشعبية بفوائد عِدَّة على اللاعِبِين من مختلف الأعمار؛ إذ تُسهِم في تعليمهم القِيَم الأخلاقية؛ كالصبر، والتعاون، والانضباط، وغيرها، وتعزيز لياقتهم البدنية، وصِحَّتهم العامَّة؛ لحاجة غالبية هذه الألعاب إلى النشاط البدني، إضافة إلى تأثيرها الإيجابي الكبير في صِحَّتهم النفسية، وعلاقاتهم الاجتماعية.
وللألعاب الشعبية أيضاً دور في تنمية شخصية الطفل، وإكسابه العديد من المهارات، مثل: الاعتماد على النفس، والدفاع عنها، وتحفيز الابتكار، والإبداع، وقوة التركيز.
ختاماً، تبذل الحكومة الإماراتية بمُؤسَّساتها المَعنيَّة جُهوداً كبيرة؛ للحفاظ على الألعاب الشعبية، وحمايتها من الاندثار والنسيان في ظلّ التطوُّر التكنولوجي، وانتشار الألعاب الإلكترونية، وتغيُّر أساليب الحياة اليومية؛ عبر تعريف الأجيال الجديدة بهذه الألعاب؛ من خلال المهرجانات التراثية، والفعاليات الثقافية؛ بهدف تشجيعهم على تعلُّمها، وممارستها، ونشر هذه الثقافة، وتعزيز الوعي بها؛ عبر وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي.
المراجع
[1] abudhabiculture.ae, معرض الألعاب الشعبية الإماراتية
[2] dct.gov.ae, استكشاف الألعاب الشعبية الإماراتية برؤية فنية معاصرة
[3] torath.gov.ae, الألعاب الشعبية في الإمارات