جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
من الأفكار البسيطة إلى الأنظمة المعقدة

تاريخ ظهور الذكاء الاصطناعي، وكيف كانت نشأته؟

29 يوليو 2024 / 3:05 PM
تاريخ ظهور الذكاء الاصطناعي وكيف كانت نشأته
download-img
فتح الذكاء الاصطناعي الباب أمام آفاق جديدة وابتكارات غير محدودة بما أحدثه من تغيير جذريّ في حياة الإنسان، ويمكن القول إنّه سيكون المُحرِّك الأوّل للتقدُّم والازدهار خلال السنوات القليلة المُقبلة، وبإمكانه أن يُشكِّل عالماً جديداً ربَّما يراه البعض اليوم ضرباً من الخيال.

ولكن لم تأتِ هذه الهيمنة والسيطرة للذكاء الاصطناعي فجأة ولم تكن هي نقطة البداية، بل سبقتها سنوات من العمل والبحوث والمَحطّات التي مَهَّدت الطريق أمامه، لذا فهو ليس وليد اليوم، فمتى رأى الذكاء الاصطناعي النور؟ وما المراحل التي مرّ بها حتى وصل إلى ما نشاهده اليوم ونعيشه؟

المرحلة الأولى: بدايات خجولة

بدأت محاولات ابتكار ما يمكنه أن يُحاكي البشر في ذكائهم وقدراتهم المعرفية والعقلية منذ عشرات السنوات؛ ففي عام 1940 ظهرت محاولات لابتكار شبكات إلكترونية بسيطة لمُحاكاة الخلايا العصبية في جسم الإنسان، لكنَّها كانت بدائية تهدف إلى تصميم نظام يُفكِّر ويستخدم المنطق في عمليّاته.


وفي فترة الخمسينات من القرن العشرين، بدأت ملامح الذكاء الاصطناعي بالتبلور أكثر، والخطوة الأبرز التي مهَّدت الطريق لما بعدها هي جهود عالِم الحاسوب البريطاني "آلان تورينغ"؛ إذ قدَّم عام 1950 ورقة بحثية لجامعة مانشستر في بريطانيا تحت عنوان "آلات الحوسبة والذكاء: Computing Machinery and Intelligence"، طرح فيها تساؤلات حول الذكاء الاصطناعي، ومدى إمكانية أن تصبح الآلات ذكية كالبشر، وأنشأ اختباراً لقياس ذلك.


وكان هذا الاختبار قد تمثَّل بطرح شخص مُختبِر مجموعة من الأسئلة على شخصية بشريّة وحاسوب أو برنامج حاسوبيّ موضوعَين في مكانين منفصلَين دون أن تظهر هويّتهما، ودون أن يعرف المُختبِر أنّ أحدهما حاسوب وليس بشراً، وتتمّ الإجابة عن هذه الأسئلة عن طريق الكتابة، فإذا لم يستطِع المُختبِر التمييز بين إجابات كلٍّ منهما، فحينها يمكن القول إنّ الحاسوب ذكيّ ويُحاكي البشر.


وفي عام 1952، طَوَّر عالِم الحاسوب الأميركي "آرثر صموئيل" أوّل برنامج للعب "لعبة الداما" من خلال التعلُّم الذاتي أو التعلُّم الآلي؛ وهي لعبة تُشبه الشطرنج في شكلها.

المرحلة الثانية: نقطة الانطلاق

في عام 1956، اتَّخذت الجهود المبذولة في إنشاء الذكاء الاصطناعي منحى أكثر وضوحاً وجدِّيةً؛ إذ عقد العالِم "جون مكارثي" بجهود مشتركة مع كلٍّ من العالِم "مارفن مينسكي" والعالِم "ناثانيل روتشستر" والعالِم "كلود إيلود شانون" ورشة عمل في كلية "دارتموث" تحت عنوان "مشروع دارتموث البحثي الصيفي حول الذكاء الاصطناعي".


وفي هذه الورشة، نُوقِشَت فكرة تعليم الآلة اللغة وتحدِّياتها ومفاهيمها ومحاكاتها للذكاء البشريّ؛ لتسهم في حلّ بعض المشكلات البشرية، ومن هذه الورشة ظهر مصطلح "الذكاء الاصطناعي" إلى العَلَن، ويمكن القول إنّ هؤلاء العلماء وضعوا أُسُس الذكاء الاصطناعيّ فيها على الرغم من أنَّها لم تتوصّل إلى أيّ اكتشاف.


وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الورشة فتحت المجال أمام بحوث الذكاء الاصطناعي؛ ففي عام 1958، أنشأ العالِم "فرانك روزنبلات" أنموذجاً اصطناعياً مُبسَّطاً للشبكة العصبية، يُشبه إلى درجة كبيرة الخلايا العصبية في دماغ الإنسان، وأصبح أساساً للشبكات العصبية الحديثة، وفي العام نفسه طَوَّر العالِم "جون مكارثي" لغة البرمجة "Lisp"، التي تُعَدّ واحدة من أفضل لغات البرمجة، وفي عام 1959 صاغ العالِم "آرثر صموئيل" مصطلح "تعلُّم الآلة" في ورقة بحثية نَشَرها؛ وهي تقنية تمنح الحواسيب القدرة على التعلُّم دون الحاجة إلى برمجة صريحة.

المرحلة الثالثة: التطور والتقدم

شَكَّلت فترة الستِّينات طفرة في الذكاء الاصطناعي، إذ شهدت تطوُّراً وتقدُّماً كبيراً فيه استمرَّ حتى عام 1973، وظهرت ابتكارات عِدَّة لإنشاء آلات ذكية يُمكنها أداء مهامّ تتطلَّب ذكاءً بشريّاً؛ ففي عام 1964، طَوَّر "دانيال بوبرو" برنامج "STUDENT"؛ وهو برنامج لمُعالَجة اللغة الطبيعيّة (NLP) -أي تفسير اللغة البشرية ومعالجتها-، ومُصمَّم لحلّ المسائل الجبريَّة.


وبعدها بعام واحد -أي في عام 1965-، طَوَّر مجموعة من العلماء، وهم: "إدوارد فيغنبوم"، و"بروس جي بوكانان"، و"جوشوا ليدربرغ"، و"كارل جيراسي"، أوَّل نظام خبير مُختَصّ في التحليل الكيميائي، واسمه "ديندرال: Dendral"، إذ ساعد الكيميائيِّين على تحديد الجزيئات العضوية غير المعروفة.


أمّا في عام 1966، فقد أنشأ العالِم "جوزيف فايزنباوم" أوّل برنامج دردشة آلي يحمل اسم "إليزا: Eliza"، يمكنه إجراء محادثة بين المُستخدِم البشريّ والحاسوب الذي يستطيع الردّ على الرسائل بعد تحليل الكلمات الرئيسية المُدخَلة إليه؛ فمثلاً لو أخبره أحدهم أنّ أمّه ربَّة منزل رائعة، سيردّ عليه بطلب إخباره المزيد من المعلومات عن العائلة بعد أن حلَّل كلمة "أمّ" وأدرك أنّها من العائلة.


وفي عام 1968، طَوَّر "تيري وينوغراد" برنامجاً حاسوبيّاً يعمل بالذكاء الاصطناعي لفهم اللغة الطبيعية، واسمه "SHRDLU"، وتبع ذلك إصدار عدد من الأبحاث والكتب ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي وموضوعاته.

المرحلة الرابعة: شتاء الذكاء الاصطناعي

وهي مرحلة ركود الذكاء الاصطناعي وتراجعه، وامتدَّت منذ عام 1974، حتى عام 1980، وكان سببها أنّ العديد من مشاريع الذكاء الاصطناعي السابقة فشلت في الوفاء بوعودها، ولم يتمّ إحراز تقدُّم واضح في هذا المجال، ممّا أدّى إلى خفض تمويل الأبحاث، واضطرّ العديد من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي إلى التخلّي عن مشاريعهم، وتراجع الاهتمام بهذا المجال بين المُستثمِرِين والجمهور، كما أنَّ العديد من المشاريع البحثية التي كانت ما تزال نَشِطة لم تتمكَّن من تحقيق تقدُّم كبير؛ بسبب نقص الموارد.

المرحلة الخامسة: عوداً حميداً

بعد انتهاء المرحلة السابقة، عاد الذكاء الاصطناعي إلى الواجهة مرة أخرى، فظهر في عام 1980 ما يُعرَف بالأنظمة الخبيرة، والتي نقلت الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية؛ وهي برامج تعمل بالذكاء الاصطناعي، تُحاكي أداء الخبير البشري في مجال مُعيَّن؛ إذ تحاول تنفيذ عمليات من اختصاص البشر، وبإمكانها اتِّخاذ القرارات، وفي العام نفسه عُقِدَ في "جامعة ستانفورد" المؤتمر الوطني الأول للجمعية الأميركية للذكاء الاصطناعي.


وساهم ذلك في زيادة الاهتمام بأبحاث الذكاء الاصطناعي ومشاريعه وزاد تمويلها، وفي عام 1986، أنشأ "إرنست ديكمان" وفريقه في "جامعة ميونخ" الألمانية أوّل سيارة دون سائق أو سيارة روبوت، بإمكانها القيادة بسرعة تصل إلى 55 ميلاً في الساعة في الطرق المفتوحة التي لا توجد فيها عوائق، ولكن دون وجود سائقين بشريِّين في الطريق.

المرحلة السادسة: شتاء الذكاء الاصطناعي الثاني

دخل الذكاء الاصطناعي مرحلة ركود أخرى امتدَّت من عام 1987 حتى عام 1993، بالرَّغم من التحذيرات السابقة -عام 1984- من أنّ زيادة الضجَّة المُتعلِّقة بالذكاء الاصطناعي قد تكون نهايتها مُخيِّبة للآمال، ومرَّة أخرى، توقَّف المستثمرون والحكومة عن تمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي؛ بسبب التكلفة العالية مقابل العائد المنخفض، وحدثت انتكاسات عِدَّة في سوق الآلات والأنظمة المُتخصِّصة.

المرحلة السابعة: النهوض مرة أخرى

بعد عام 1993، نهض الذكاء الاصطناعي مرَّة أخرى؛ ففي عام 1997، هُزِم بطل العالم في الشطرنج والأستاذ الكبير "غاري كاسباروف" أمام برنامج "Deep Blue" من شركة "IBM"؛ وهو برنامج حاسوبي خاصّ بلعب الشطرنج، وكانت هذه المواجهة قد حَظِيت بتغطية إعلامية كبيرة؛ فهي المرَّة الأولى التي يخسر فيها بطل العالم في الشطرنج أمام حاسوب.


وفي العام نفسه، تم تطبيق برنامج التعرُّف إلى الكلام الذي طوَّرته شركة "Dragon Systems" على نظام "Windows"، وكانت هذه خطوة كبيرة نحو الأمام في طريق تحليل اللغة المنطوقة، أمّا في عام 2000، فقد ابتكرت البروفيسورة "سينثيا بريزيل" روبوتاً اسمه "Kismet"، يمكنه مُحاكاة المشاعر الإنسانيَّة بوجهه الذي يشبه وجه الإنسان.


وفي عام 2002، دخل الذكاء الاصطناعي إلى المنزل من خلال المكنسة الروبوتية "Roomba"، أمّا في عام 2006، فقد بدأت شركات، مثل: فيسبوك، وتويتر، ونتفلكس، باستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات، وفي السنوات اللاحقة استمرَّ تطوُّر الذكاء الاصطناعي وصعوده شيئاً فشيئاً.


وفي عام 2011، فاز حاسوب "Watson" الذي أنشأته شركة "IBM" في برنامج المسابقات "Jeopardy" لحلّ الألغاز والأسئلة المُعقَّدة، فأثبت قدرته على فهم اللغة الطبيعية وحلّ الأسئلة الصعبة بسرعة، وفي العام نفسه، أصدرت شركة "Apple" أوّل مساعد افتراضيّ شهير؛ وهو "Siri".

المرحلة الثامنة: العصر الحديث للذكاء الاصطناعي

في عام 2012، شهد الذكاء الاصطناعي تطوُّراً هائلاً ومُتسارِعاً ما زال مُستمِرّاً حتى الوقت الحاضر، وظهرت مفاهيم جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي؛ كالبيانات الضخمة، والتعلُّم العميق؛ ويعني إيجاد خوارزميات تسمح للآلة أن تتعلَّم بنفسها من خلال مُحاكاة الخلايا العصبية في جسم الإنسان.


كما بدأ تطبيق الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وما زال يتَّجه نحو الازدهار؛ إذ لم تتوقَّف الإنجازات والابتكارات المختلفة، ومن الأمثلة على ذلك، إطلاق شركة غوغل عام 2012 تطبيق "Google Now" للأجهزة الإلكترونية التي تعمل بنظام "أندرويد"؛ وهو برنامج مساعد يمكنه التعرُّف إلى الكلام، وتنفيذ الأوامر الصوتية أو الكتابية، وتقديم المعلومات التي يطلبها المُستخدِم.


أمّا في عام 2014، فقد أصدرت شركة أمازون المساعد الافتراضي "أليكسا"، وغيرها الكثير من الأدوات والابتكارات المُعاصِرة التي تُستخدَم في الحياة اليومية، إلى جانب ما يحمله المستقبل من اكتشافات وتطوُّرات.

في دولة الإمارات متى بدأ الذكاء الاصطناعي؟

بدأت دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة بالتحوُّل الإلكتروني عام 2000، وفي عام 2013، أطلقت مُبادرة "الحكومة الذكية"؛ لتوفير الخدمات للجمهور، وبعدها بعام واحد أنشأت مشروع أوّل مدينة ذكية مُتكامِلة "سيليكون بارك"، وأكملت في عام 2015 التحوُّل الذكيّ للخدمات الحكومية بنسبة بلغت 100%.


أمّا في عام 2017، فقد أطلقت استراتيجية الذكاء الاصطناعي كأوّل مشروع ضخم ضـمن "مئويَّة الإمارات 2071"، وتجدر الإشارة إلى أنّ دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة توجَّهت إلى الذكاء الاصطناعي وأدواته انطلاقاً من حرص قيادتها الرشيدة على الريادة، وتحقيق السَّبق في المجالات جميعها، وتنمية المجتمع وتطويره.

المراجع

[1] tableau.com, What is the history of artificial intelligence (AI)?
[2] javatpoint.com, History of Artificial Intelligence
[3] freecodecamp.org, The History of Artificial Intelligence from the 1950s to Today
[4] techtarget.com, The history of artificial intelligence: Complete AI timeline
[5] sitn.hms.harvard.edu, The History of Artificial Intelligence

July 29, 2024 / 3:05 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.