التيلوميرات هي تسلسلات النوكليوتيدات المتكررة الموجودة في نهايات الكروموسومات، وهي عنصر أساسي في عملية الشيخوخة التي تحدث في الخلايا.
ومع ذلك، فإن التقصير المطرد للتيلوميرات عبر الانقسامات الخلوية المتتالية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشيخوخة وظهور الاضطرابات المرتبطة بالعمر، إذ يساعد دورها كغطاء وقائي في منع انهيار الكروموسومات، لكن هذه العملية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالشيخوخة.
وتؤدي عملية تكرار الحمض النووي إلى تقصير التيلوميرات كنتيجة طبيعية، وأثناء عملية انقسام الخلية، تُفقد قطعة صغيرة من الحمض النووي التيلومري نتيجة لصعوبة التكرار النهائي، وعندما تصل التيلوميرات إلى طول معين، تدخل الخلايا حالة تعرف باسم الشيخوخة التكاثرية وتتوقف عن الانقسام، هذا لأن التيلوميرات قد وصلت إلى طول حاسم.
وتم اكتشاف هذه العملية لتتزامن مع العلامات الفسيولوجية للشيخوخة، والتي تشمل انخفاض القدرة على تجديد الأنسجة، وزيادة التعرض لأمراض مثل مشاكل القلب، والأوعية الدموية والسرطان.
وقد يتأثر طول التيلوميرات بعوامل تشمل كل من الوراثة والبيئة، وهناك عدد من المتغيرات البيئية ونمط الحياة التي قد يكون لها تأثير على وتيرة تقلص التيلوميرات، على الرغم من حقيقة أن بعض العناصر الجينية قد تم تحديدها على أنها مسؤولة عن تحديد طول التيلوميرات عند الولادة.
وكشفت الدراسات أن عوامل مثل الإجهاد وسوء التغذية وقلة ممارسة الرياضة، والتدخين قد تسرع من استنزاف التيلوميرات، مما يدل على وجود علاقة بين السلوكيات التي يمكن تعديلها وعملية الشيخوخة البيولوجية، وبسبب العلاقة بين التيلوميرات وعملية الشيخوخة، وكان هناك اهتمام متزايد بتطوير العلاجات العلاجية بهدف وقف أو حتى عكس تقصير التيلوميرات.
ولقد تم بذل قدر كبير من الجهد العلمي لاكتشاف إنزيمات مثل التيلوميراز القادرة على إطالة التيلوميرات، حيث يمكن التلاعب بطول التيلوميرات، لكن هذا يأتي مع مخاطر محتملة، مثل التنشيط العرضي للجينات الورمية، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، نظرًا للمخاطر المحتملة التي ينطوي عليها الأمر، لذا من الضروري التفكير جيدًا في الآثار الأخلاقية وإجراء اختبارات سريرية صارمة.
وتستخدم التيلوميرات كمؤشرات حيوية محتملة للشيخوخة البيولوجية نتيجة للارتباط الموجود بين طول التيلومير والأمراض المرتبطة بالشيخوخة، ولقد ثبت أن أولئك الذين تكون تيلوميراتهم أقصر معرضون لخطر الإصابة بأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والضعف الإدراكي.
وتُظهر هذه النتائج إمكانية الطب المخصص، حيث يمكن استخدام طول التيلوميرات لتوجيه الإجراءات الوقائية وأساليب العلاج.
وختاماُ، توفر دراسة التيلوميرات نظرة مميزة على العمليات الجزيئية التي تكمن وراء عملية الشيخوخة، حيث تكشف الصورة المعقدة التي تظهر من التفاعل بين الجينات والمتغيرات البيئية وديناميكيات التيلومير عن تفاعل ديناميكي قد يجعل من الممكن في يوم من الأيام تعديل عملية الشيخوخة باستخدام علاجات محددة.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الانضباط في مهده، ولا تزال العديد من القضايا بدون إجابة حول الوظيفة المحددة، التي تلعبها التيلوميرات في عملية الشيخوخة، والمخاطر المحتملة المرتبطة بالتعديل العلاجي، والآثار المجتمعية والأخلاقية الأكبر لهذه المشاكل.
ويجب توضيح الطبيعة المعقدة للتيلوميرات والدور الذي تلعبه في عملية الشيخوخة بشكل أكبر في الأبحاث القادمة من أجل توفير الأساس لتطوير مناهج علاجية وتدابير وقائية جديدة، إذ تتجاوز دراسة التيلوميرات وعملية الشيخوخة الفضول العلمي البسيط لأنها لديها القدرة على تغيير معرفتنا بصحة الإنسان وطول العمر، كما لديها القدرة على توفير سبل جديدة لتحسين نوعية الحياة في سنواتنا الأخيرة.