جار التحميل...

°C,
يتسم القرآن الكريم بالإعجاز البياني واللفظي ولنا في آياته العظةوالعبر والأمثلة البيّنة ففي قوله جلَّ وعلا: ((وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم ‌مِّنۡ ‌إِمۡلَٰق نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ)) [الأنعام: 151]، وقوله تعالى: ((وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ ‌خَشۡيَةَ ‌إِمۡلَٰقۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ)) [الإسراء: 31] شرح لهذا الإعجاز.
ففي الآية الأولى قدَّم الله جلَّ وعلا رزق الآباء على رزق الأولاد، وفي الآية الثانية قدَّم الله تعالى العكس: رزق الأولاد على رزق الآباء، فما سِرُّ ذلك؟ 

والجواب: إنَّ الخطاب في الأولى مع قوم فقراء يَهمُّهم رزقُهُم أوَّلاً، ثمَّ رِزقُ أولادِهم ثانيًا، فقدَّمَ رِزقَهُم؛ لأنَّه عندهم أهمُّ، لذلك يقتلون أولادهم من الفقر الواقع بهم لا أنَّهم يخشونه، فنهاهم الله عن ذلك.

وفي الآية الثانية، الخطاب مع قوم غير فقراء؛ لكنَّهم يَخْشَونَ وقوعَ الفقر في المستقبل، فتجوع أولادهم، فهم يقتلون أولادَهم خشية الفقر لا أنهم مفتقرون في الحال، فصار رِزقُ أولادِهم -لأنَّه مَظِنَّة القِلَّة- أهمُّ لديهم من رزقهِم، وذلك أنهم يَخافون أن تسلُبَهُم كُلَفُ الأولاد ما بأيديهم من الغِنى فقدَّمَ تعالى رزقَ أولادِهم على رزقهِم، ونهاهم عن قتلهِم ثم قال: ((نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ))، أي إنَّ الله تعالى جعل معهم رزقَهُم فهم لا يُشاركونكم في رزقكم فلا تخشوا الفَقْرَ.

فإذاً التعبير في الآية الأولى: ((من ‌إملاق)) أي فقر واقع فعلاً، وفي الآية الثانية: ((خَشْيةَ ‌إملاقٍ)) أي فقر متوقع.

وهكذا تنصُّ كتبُ التفسيرِ وكتبُ البلاغةِ فليس لنا في هذا الموضع سِوى أمانة النَّقل.
May 11, 2023 / 1:11 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.