وسط عالم مليء بالتغيرات التكنولوجية والاقتصادية، هناك دائماً تيار يدعو إلى التغيير وإيجاد فرص جديدة من أجل مواكبة النتائج الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن التغيرات. ولا شك أن العالم لا زال يعيش على تبعات أزمة كورونا وما يحدث حالياً من متغيرات جيوسياسية.
يدعونا ذلك إلى أن نقف متأملين أمام تجارب العالم في كل المجالات، ولا سيما تجربة الإمارات التي أثبتت أن قيادتها الرشيدة تقف على قدمين ثابتتين أمام كافة الأزمات. وأمام كل ما يحدث، نجد أن الإعلام – سواءُ على المستوى الجماهيري أو الحكومي – لعب دوراً مؤثراً في تعزيز سمعة الدولة وتعزيز ثقة المستثمرين والجمهور وكل أفراد المجتمع، وانطلاقاً من هذا الدور الكبير، تتعالى باستمرار أصوات تيار التغيير.
بالنظر إلى الإعلام بوجه خاص والاتصال بنظرة أشمل، نجد أن المحرك الرئيسي لإعادة صياغة رسائل الاتصال وآليات وأدوات الوصول إلى المجتمع تتحكم فيه التكنولوجيا الحديثة، وطبيعة الجمهور المستهدف إلى حد كبير، وهو ما يتطلب تجديد كامل المنظومة وتوجهاتها لتتناسب مع الوضع الجديد.
لقد سرعت أزمة كوفيد من ضرورة إيجاد حلول جديدة للاتصال والإعلام بسبب تسريعها الاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة لإدارة منظومات العمل مثل إدارة الاجتماعات على سبيل المثال، وكذلك تغيير في خريطة الاتصال والتي يعد أبرزها الاعتماد الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار خدمات الفيديو حسب الطلب، التي غيرت بدورها مستقبل الإنتاج الدرامي والسينمائي إلى الأبد.
يدعونا كل ذلك في الإمارات والمنطقة العربية إلى العمل من أجل هدف واحد لمواكبة الإعلام لتلك المتغيرات، وهو إيجاد حلول. حلول مرنة ... مستدامة ... متطورة ... متجددة.
ورجوعاً على الأمثلة التي وضحتها، يتضح أننا لا زلنا مستهلكين للحلول التي تمت صناعتها في الخارج، ما عدا بعض الاستثناءات القليلة والتي بالمناسبة كانت تقليد ومحاكاة لما هو سائد. وهنا أخص بالذكر مواقع التواصل الاجتماعي وما يسمى بالـ "تريندات"، ومطالعة منصات خدمات البثّ الحي والفيديو حسب الطلب.
ومن هنا أستطيع أن أوضح طبيعة التغيير الذي أدعو إليه، فهو بالطبع لا يقتصر على تغيير أنماط استهلاكنا، وإنما لتغيير توجهنا لصناعة منظومة خاصة بنا تتناسب مع طبيعة بلادنا ومجتمعنا. وهذا التوجه هو ببساطة "تمكين المواهب" من صناعة التغيير. فمن خبرتي في العمل في مدينة الشارقة للإعلام "شمس" يتضح لي دون أدنى شك أن المواهب والكفاءات هم بمثابة صناع ومبتكرين للفرص الجديدة باستمرار ودون توقف، ذلك إذا ما أتيحت لها الفرصة والإمكانات لفعل ذلك.
ونحن ولله الحمد نمتلك في الإمارات والمنطقة الآلاف والملايين الذين ينتظرون الفرصة لتفجير طاقاتهم الإبداعية والتكنولوجية في الإعلام وغيره. وواجبنا الآن أن نضع تلك المواهب على الطريق الصحيح.
ولا عجب أن يكون شعار هذا العام من "المنتدى الدولي للاتصال الحكومي" هو "تحديات وحلول"، وهو ما يعكس رؤية المنتدى نحو السعي لتعريف تحديات الاتصال والإعلام ومن ثم إيجاد حلول عملية لها انطلاقاً من مبدأ التغيير الإيجابي. تزخر نسخة هذا العام من المنتدى بالفعاليات والنقاشات التي تتناول مختلف جوانب الاتصال مثل سوق العمل الإعلامي ومناهج الإعلام، وريادة الأعمال في الحقل الإعلامي، وأدوات الاتصال الحكومي، وغيرها من أنشطة تدريبية للموظفين والطلبة.
وبدورها فإن "شمس"، لا تكون غائبة أبداً عن المشهد، وتشارك كعادتها بشكل متميز هذا العام من خلال ما يسمى بـ "غرفة الكتابة" لتعليم المهتمين أسس وتطورات كتابة السيناريو بشكل حديث يلائم مختلف توجهات الجمهور وبما يخدم دورنا في خلق جيل جديد يجيد صياغة الرسائل الإعلامية وتغليفها في قالب إبداعي يشاهده الصغير والكبير.
وأخص فريق عمل شمس هنا بالذكر، بأنه كان سباقاً في تأهيل المواهب الإعلامية وتمكينها من خلال عدد هائل من ورش العمل والمبادرات والأنشطة التي شهدت تأهيل العديد من الكفاءات والمواهب الإعلامية، بل وتمكينهم من تحويل أفكارهم الطموحة إلى مشاريع تزدهر من خلال المدينة الحرة لمدينة الشارقة للإعلام "شمس".
كل ذلك يدفعنا نحو هدف واحد وهو تمكين من هم قادرين على إيجاد الحلول، وهم الشباب الذين يطوقون لإيجاد المناخ المناسب، واليد التي تمتد لمساعدتهم من أجل مساعدتنا على الجانب الآخر على صناعة مستقبل إعلامي يرتقي وطموحاتنا وطموحات كل أبناء الوطن، ويمهد الطريق نحو استعادة المنطقة لدورها الثقافي والتاريخي والحضاري.