إن المتأمل لحالة القطاع العقاري في دولة الإمارات خلال العام الماضي 2021 وبداية عامنا الحالي يلمس بوضوح عودة الانتعاش والتعافي في هذا القطاع، بعد فترة توقف وانحسار مؤقتين نتيجة الآثار والتداعيات الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والتي ألقت بظلالها على المشهد الاقتصادي عموماً في قطاعاته كافة.
وقد نجحت إمارة الشارقة في قيادة زمام المبادرة نحو استعادة هذا النمو واستئناف النشاط العقاري من خلال حركة التصرفات العقارية في مناطق ومدن الإمارة وارتفاع حجم التداول العقاري فيها، مستفيدة من الدعم الحكومي الموجه لهذا القطاع بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة "حفظه الله" والجهود الحثيثة من المجلس التنفيذي للإمارة برئاسة سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد ونائب الحاكم.
وانعكس هذا التعافي في القطاع في إطلاق مجموعة من مشاريع التطوير العقاري الجديدة في الإمارة، على ضوء ما تتمتع به من موقع حيوي يتوسط مناطق الدولة، وجاذبية للراغبين في الإقامة والاستثمار، بالاستناد إلى البيئة الاجتماعية المتنوعة والمستقرة والتنوع العمراني المتطور والذي يتسم بالتوزع المتوازن فيما بين مختلف مناطق الإمارة دون تركيزها في مساحة جغرافية معينة، ما جعلها وجهة مثلى للعائلات والباحثين عن الاستقرار قريباً من المرافق التعليمية ومراكز التسوق وباقي التسهيلات الخدمية، مدعومة ببنية تحتية متطورة وذات توسع مطرد، وهو ما يجعل الشارقة منطقة ذات نشاط وحراك مستمر نحو تعزيز الناتج المحلي الإجمالي السنوي ونموه، حيث توقعت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "ستاندرد أند بورز" أن يبلغ متوسط النمو في هذا الناتج 2% للعام الحالي وللعامين المقبلين بفضل تطور القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
وتشير بيانات التقرير السنوي لدائرة التسجيل العقاري عن العام 2021 إلى أن إجمالي قيمة التداولات العقارية في الإمارة خلال العام الماضي بلغ 26.2 مليار درهم وهو الأعلى خلال 4 سنوات، فيما بلغ عدد جنسيات المتداولين بنهاية العام الماضي 77 جنسية مختلفة، وهي دلالة واضحة على الجاذبية العالية من اقتصاد الإمارة للمستثمرين ورجال الأعمال للدخول بقوة في المشاريع التطويرية المختلفة فيها على صعيد الاستثمار والعقار وباقي المجالات الاستثمارية، ولا سيما أنها تحظى ببيئة تشريعية منظمة للقطاع العقاري تتسم بالشمول والتحديث الدوري وبما يحفظ حقوق الملاك والمستثمرين والمطورين على حد سواء، ومن ذلك قرار الانتفاع بالعقارات بالإمارة لمدة 100 عام والسماح بالتملك للعرب في بعض المشاريع المعتمدة من الحكومة، بالإضافة إلى تخصيص مناطق للاستخدامات المتعددة كالاستخدام السكني، الصناعي والتجاري، بالإضافة إلى قرار المجلس التنفيذي للإمارة بخفض رسم المشتري من غير دول مجلس التعاون الخليجي من 4% إلى 2%، ما أثمر إيجاباً في ارتفاع حجم التداول النقدي بشكل تدريجي اعتباراً من مطلع عام 2021 وحتى الآن.
وتدرك دائرة التسجيل العقاري بالإمارة أهمية تطبيق المرونة اللازمة والاستعداد الكامل لاستيعاب ومواكبة مستجدات السوق ومتطلبات القطاع وتطور التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة وتنامي رغبات الأطراف المعنية وانعكاس ذلك على نوعية الخدمات المقدمة لها، وعليه فقد قطعنا خطوات نوعية نحو اعتماد وتبني العديد من التطبيقات الرقمية والذكية في تقديم خدماتنا العقارية، لتشكل قيمة مضافة تسهم في ترشيد الوقت والجهد والتكاليف على المتعاملين.