جار التحميل...
منذ انضمامها إلى المنظمة البحرية الدولية في عام 1975، حرصت دولة الإمارات على أن تكون شريكاً فاعلاً في صياغة السياسات البحرية العالمية، انطلاقاً من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ودورها المتنامي في حركة التجارة الدولية. وعلى مدى سنوات، شاركت الدولة بفعالية في أعمال اللجان الفنية، وقدّمت مبادرات نوعية في مجالات السلامة البحرية، وحماية البيئة، وتطوير الكوادر البشرية.
وقد خاضت الإمارات عدة محاولات للترشح إلى عضوية المكتب التنفيذي للمنظمة، سعياً لتعزيز تمثيلها في مراكز صنع القرار، وضمان إيصال صوت الدول ذات الاقتصادات البحرية المتقدمة. ورغم التحديات التي واجهتها في تلك المحاولات، فإنها كانت فرصاً لتقوية التحالفات، وتطوير الخطاب الوطني، وتقديم نموذج يُحتذى به في الالتزام بالمعايير الدولية.
في الدورة الثلاثين للجمعية العمومية للمنظمة البحرية الدولية، التي عُقدت في لندن عام 2017، تم انتخاب دولة الإمارات لعضوية المكتب التنفيذي للفئة B، بعد حملة دبلوماسية ومهنية متكاملة، عبّرت خلالها الدولة عن رؤيتها الاستراتيجية لصناعة النقل البحري، وقدّمت سجلاً حافلاً بالإنجازات في تطوير الموانئ، وتطبيق الاتفاقيات الدولية، وتعزيز الابتكار في القطاع البحري.
وخلال ذلك العام، كنت أتشرف بتولي حقيبة وزارة تطوير البنية التحتية، التي كانت مسؤولة عن قطاع النقل البحري، وقدتُ جهود الدولة، بالتعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، لتقديم ملف ترشح متكامل يعكس مكانة الإمارات البحرية، ويُجسد رؤيتها في الريادة والتنمية المستدامة. لقد كانت تلك الحملة نموذجاً في التنسيق الوطني، والدبلوماسية الفنية، والعمل الجماعي الذي أثمر عن هذا الإنجاز التاريخي.
ميناء خورفكان، الواقع على الساحل الشرقي للدولة، يُعد من أبرز الموانئ العميقة في المنطقة، ويتميّز بقدرته على استقبال أضخم السفن العالمية دون الحاجة إلى المرور عبر مضيق هرمز. وقد لعب دوراً محورياً في دعم التجارة البحرية العابرة، وساهم في تعزيز مكانة الإمارات كمركز لوجستي عالمي. واليوم، مع افتتاح مركز علوم البحار في جامعة خورفكان، تتكامل البنية المعرفية مع البنية التحتية، في تجسيد حي لرؤية الدولة نحو اقتصاد بحري مستدام ومبني على المعرفة.
* ميناء جبل علي: مركز عالمي لإعادة التصدير، وأحد أكبر موانئ الحاويات في العالم.
* ميناء الفجيرة: من أهم مراكز تزويد السفن بالوقود عالميًا، ويتميّز بموقعه خارج مضيق هرمز.
* ميناء خورفكان: بوابة الإمارات إلى المحيط الهندي، ومركز حيوي للتجارة العابرة.
* موانئ أبوظبي والشارقة: تدعم التنوع الاقتصادي، وتربط الدولة بأسواق أفريقيا وآسيا.
من خلال عضويتها في المكتب التنفيذي، تواصل دولة الإمارات الإسهام في تطوير السياسات البحرية الدولية، وتعزيز التعاون بين الدول، ودعم الابتكار في مجالات السلامة، الرقمنة، والبيئة البحرية.
هذا الدور لا يُختزل في إنجاز دبلوماسي، بل يُجسّد رؤية وطنية شاملة، جعلت من الإمارات قوة بحرية مؤثرة، ومصدر إلهام في التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية.