قبل عدة سنوات أضافت جامعة الشارقة للمكتبة العربية موسوعتها المكوّنة من عشرة مجلدات في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم الذي أعدّه مجموعة من المتخصّصين في القرآن الكريم وعلومه من أنحاء العالم الإسلامي.
ولا أستطيع أن أصف سعادتي بتلك الموسوعة التي أضاءت مكتبتي الصغيرة وأنا طالبة في مرحلة الماجستير بجامعة الشارقة، وكم كنت أتمنى أن أكون جزءًا من ذلك العمل، وظلّ ذلك الحلم يراودني.
وبعد سنوات، شاء الله أن أعود لجامعة الشارقة طالبة للدكتوراه، بقسم اللغة العربية، وأشهد ميلاد مشروع جديد عن القرآن الكريم، وأكون ضمن قائمة أسماء المشاركين في مشروع قرآني، وهو مشروع: التراكيب النحوية ودلالتها في القرآن الكريم الذي يقوم الأستاذ الدكتور عبد القادر السعدي بالإشراف عليه، وصاحب فكرته.
ولتخصّصي في مجال تحليل الخطابات الإبداعية وفق أحدث المدارس اللغوية من لسانيات وسيميائيات فقد جاء انضمامي لهذا المشروع لأحقّق حلمي الأكبر في الكتابة عن كلام الله، وأخوض في تحليل خطاب خاص غير الخطاب الإنساني، ذلك هو القرآن الكريم.
ولم أجد نفسي بعد استخارة الله واستفتاء قلبي -بعدما شهدته في تلك المرحلة المصيرية- إلا أن أتقدّم بطلب قبول الانضمام لهذا المشروع الذي أصبح علامة مائزة في قسم اللغة العربية بجامعة الشارقة، والذي يتشرّف المرء بالانتساب إليه والعمل في رحابه، ورأيت أن أؤجّل استكمال مشروعي الذي كنت قد بدأته سابقًا للعودة إليه بعد إتمام هذا العمل الجليل، وآمل أن أشهد اكتماله كما شهدت ميلاده، وأسعد به كما سعدت بموسوعة التفسير الموضوعي قبل سنوات.
وإنّي لأشعر كأنّ الله أعادني لجامعة الشارقة لأحقّق حلماً، طالما لاحقني، إنه العمل في مشروع قرآني، والذي تكمن أهميته في محاولته لبناء جيل قرآني يعمل في إطار منهجي علمي واضح الأدوات، دقيق الأهداف، لا سيما أنّ المشروع موجّه لطلاب الدراسات العليا، ويمكن للمتخصّصين منهم في اللغة والنحو الانضمام إليه، وحول خطوات منهجية العمل اتّفق على أن تكون على ثلاث مراحل، وهي كالآتي:
المرحلة الأولى: وهي مرحلة تصنيف الآيات على وفق الخطة المنهجية الموحّدة ضمن أربعة فصول قسّمت على وفق التصنيف النحوي الآتي: أ- (الجمل الاسمية)، ب- (الجمل الفعلية)، ت- (الأساليب)، ث- (التناظر بين التراكيب).
المرحلة الثانية: وهي مرحلة الإعراب (التراكيب النحوية للآيات).
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة التحليل، وتعدّ أهم مرحلة في العمل، وفيها تبرز شخصية الباحث وطريقة عرضه لما توصّل إليه من دلالات، (وفيه تتم العودة لأهم كتب التفسير واللغة للبحث عن أهم الدلالات المبثوثة فيها، واختيار الذي يتوافق مع التراكيب النحوية والتوجيه الدلالي له).
وقد أحسنت جامعة الشارقة، كما أحسن قسم اللغة العربية فيها بأن جعل لطالب العلم مثل هذه المساحة بأن ينتمي لمشروع قرآني، هو مشروع: التراكيب النحوية ودلالتها في القرآن الكريم، أحد المناهج التي تُعنى بكتاب الله، والتي تستخدم النحو أداة، وتجعل من دلالة الخطاب القرآني مقصدًا لها.
وأسال الله العظيم ربّ العرش العظيم للعمل القبول، وللمنتسبين إليه التوفيق.