بعد النجاح الكبير الذي حققه في موسميه السابقين، يواصل البرنامج تقديم تجربة أدبية ملهمة، حيث يغوص في سير أعلام الشعر الشعبي، مستعرضاً إبداعاتهم وتأثيرهم العميق في تشكيل الوعي الثقافي، لا يقتصر البرنامج على استذكار قصائدهم، بل يعيد إحياء روحها، كاشفاً عن القيم والتجارب التي حملتها، والبيئة التي نشأت فيها، والدور الذي لعبته في توثيق تاريخ المجتمع الإماراتي وموروثه الأصيل.
يمثل البرنامج نافذة فريدة على التراث الأدبي الإماراتي، حيث يستعرض أسماء لامعة في عالم الشعر الشعبي، ممن تركوا بصمة لا تُمحى في وجدان المجتمع، من خلال سرد سيرهم والظروف التي عاصروها، ويقدّم "شَدْوُ الحُرُوفِ" صورة متكاملة عن الشعر كوثيقة اجتماعية وتاريخية تعكس روح المكان والزمان، وتتفاعل مع التحولات التي شهدها المجتمع الإماراتي على مر العصور، كما يسهم في تعزيز الوعي بمدى أهمية الشعر الشعبي في حفظ الموروث الثقافي، وما يحمله من قيم أصيلة مثل الشجاعة، الكرم، الحب، والولاء للوطن.
يتميّز البرنامج بأسلوبه الحواري الجذاب، حيث لا يقتصر على استعراض القصائد، بل يفتح مجالًا للنقاش والتحليل الأدبي والتأمل في عمق النصوص. فهو يعيد قراءة الشعر في سياقه الثقافي، مستخرجاً جمالياته الفنية ودلالاته الرمزية، مما يجعله تجربة معرفية تثري المشاهد وتمنحه فهمًا أعمق لهذا الفن العريق، كما يبرز البرنامج كيف استطاع الشعر الشعبي التعبير عن مشاعر الناس وهمومهم وأفراحهم، وكيف انتقل من جيل إلى جيل، محتفظًا بجوهره رغم تغير الزمن.
يحمل البرنامج رسالة ثقافية عميقة، حيث يأتي في إطار الجهود المستمرة لتلفزيون الشارقة في دعم التراث الإماراتي، والتأكيد على ثراء الثقافة المحلية وأصالتها، كما يعكس البرنامج جهود الدكتورعبد العزيز المسلّم في توثيق هذا التراث وإحيائه، من خلال تقديم محتوى ثقافي رفيع المستوى، يسهم في ربط الأجيال الجديدة بموروثها الشعري، وإبراز الشعر الشعبي كأحد مكونات الهوية الوطنية.
بفضل أسلوبه الهادف وطرحه العميق، استطاع "شَدْوُ الحُرُوفِ" أن يحجز مكانه بين أهم البرامج الثقافية في الساحة الإعلامية، حيث استقطب جمهوراً واسعاً من محبي الشعر والتراث، فهو ليس مجرد برنامج يعرض قصائد شعرية، بل جسر يمتد بين الماضي والحاضر، يعيد إحياء الكلمات التي شكلت ذاكرة الوطن، ويقدمها بأسلوب حديث يجمع بين الأصالة والتجديد.
For an optimal experience, please
