جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
تجربة بصرية فريدة

مهرجان أضواء الشارقة ينير سماء الإمارة

30 ديسمبر 2024 / 4:01 PM
مهرجان أضواء الشارقة ينير سماء الإمارة
download-img
تتألَّق سماء الشارقة كلّ عام بمهرجان فريد يجمع بين الفنّ، والتكنولوجيا، والتراث؛ ليرسم لوحة ضوئية ساحرة تأسر قلوب الزُّوّار؛ ألا وهو مهرجان أضواء الشارقة الذي بات علامة فارقة في المشهد الثقافي والسياحي للإمارة والمنطقة؛ إذ تتحوّل المباني التاريخية والمَعالم الحضارية فيه إلى كنوز مضيئة تَروي قصَّة الشارقة العريقة، وتطلُّعاتها المستقبلية.

وفي ما يأتي تفاصيل هذا الحَدَث الاستثنائي، وأبرز ملامحه:

الرؤية: قيادة مُلهِمة تُجسِّد الطموح

يُعَدّ مهرجان أضواء الشارقة ثمرة رؤيةٍ استراتيجيَّةٍ طموحةٍ يتبنّاها صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، الذي طالَما آمَن بقُوَّة الثقافة والفنون في رَسم ملامح المستقبل؛ إذ حرص سُمُوُّه على تأسيس مِنصّة إبداعية تعكس الهوية الأصيلة للإمارة، وتُواكب في الوقت ذاته أحدث التطوُّرات العالمية في مجال الفنون البصرية.

وتحت رعايته الكريمة، تتولّى هيئة الإنماء التجاري والسياحي في الشارقة مَهمَّة تنظيم هذا الحَدَث الاستثنائي سنوياً؛ لتُقدِّم للعالَم أُنموذجاً فريداً يمزج بين عَبَق التاريخ وإشراقة المستقبل؛ ممّا يسهم في ترسيخ مكانة الشارقة بوصفها وجهة سياحية وثقافية رائدة على الخريطة العالمية، ويُجسِّد رؤية سُمُوِّه في بناء جسور التواصُل الحضاري بين الشُّعوب؛ عبر لغة الضوء والفنّ اللَّتَين تتخطَّيان حواجز اللغة والثقافة.

الإبداع: مِنصَّة عالمية تحتضن الابتكار

يتحوَّل مهرجان أضواء الشارقة في شهر فبراير من كلّ عام إلى مُلتَقى عالَمي للمُبدِعين في مجال فنون الإضاءة؛ إذ يستقطب نُخبةً من الفنّانين ذوي القدرة على تحويل الضوء إلى لغة تُخاطب الروح وتدغدغ المشاعر، فتراهم يمزجون بين الموسيقى والألوان بتناغُم مذهل؛ ليُقدِّموا للجمهور تجربة بصرية فريدة تتجاوز حدود الخيال، وتنقل المشاهدين إلى عَوالِم ساحرة تارةً، وإلى أعماق التاريخ تارةً أخرى، وصولاً إلى آفاق المستقبل المُشرِق، فيغدو كلّ عرض قِصَّة متكاملة تُروَى بلغة الضوء والظِّلّ.

وتتجلّى عبقرية المهرجان في اختيار المواقع التي تستضيف هذه العروض الإبداعية؛ فهي ليست مُجرَّد خلفيات للعروض، بل شركاء أساسيّون في صناعة الإبهار؛ فمن المساجد العريقة التي تعكس روعة العمارة الإسلامية، إلى المباني التاريخية التي تختزن ذاكرة المكان، وصولاً إلى الساحات العامَّة التي تنبض بحياة المدينة، فتتحوَّل جميعها إلى كنوز مضيئة تكشف عن جمالها الخَفِيّ، وتَروي للعالَم قِصَّة الشارقة بفصولها كلِّها؛ من ماضيها العريق، إلى حاضرها المُزدَهِر، ومُستقبَلها الواعد، فتغدو كلّ واجهة لوحة حَيَّة تنطق بالجمال، وتشهد على إبداع الإنسان، وعظمة الحضارة.

الرسالة: مِنصَّة ثقافية تُجسِّد الحضارة

لا يُعَدّ مهرجان أضواء الشارقة مُجرَّد احتفالية بصرية، بل هو مِنصَّة تَروي قِصَّة نجاح إمارةٍ طموحةٍ وضعت الثقافة والمعرفة في صُلب استراتيجيّاتها للتنمية؛ فمن خلال العروض الضوئية المُبهِرة، يُسلِّط المهرجان الضوء على المسيرة الحافلة للشارقة في مجالات الفكر، والأدب، والفنون، مُجسِّداً إنجازاتها المُتَتالِية التي تُوِّجت بألقاب مرموقة على المُستوَيَين؛ الإقليمي، والعالمي؛ فقد احتفى المهرجان باختيار الشارقة عاصمة للثقافة العربية عام 1998، وعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2014، وعاصمة للسياحة العربية عام 2015، لتُتَوَّج هذه المسيرة باختيارها العاصمة العالمية للكتاب عام 2019.

ولم يكتَفِ المهرجان بالاحتفاء بهذه الألقاب فقط، بل سعى إلى تجسيدها في عُروضه الفنّية، فتحوَّلت واجهات المباني إلى صفحات مُضيئة تَحكي قِصَّة نهضةٍ ثقافيةٍ شاملةٍ، وتُبرز دور الشارقة في إثراء المشهد المعرفي؛ العربي، والإسلامي، كما عكست العروض اهتمام الإمارة بالتعليم، والبحث العلمي، والابتكار، مُسلِّطة الضوء على صُروحها الأكاديمية، ومراكزها البحثية؛ لتُقدِّم للعالَم صورة متكاملة عن إمارة جعلَت المعرفة جِسراً نحو المستقبل، وحَوَّلت إرثها الثقافي إلى قُوَّة دافعة نحو التقدُّم والازدهار.

التطور: مسيرة مُتجدِّدة تُواكب التكنولوجيا

يتميَّز مهرجان أضواء الشارقة بروح التجدُّد والابتكار؛ إذ يسعى القائمون عليه دوماً إلى تقديم تجربة فريدة تُواكِب أحدث ما توصَّلت إليه التكنولوجيا في مجال الفنون البصرية والعروض الضوئية، وباتت كلّ دورة تشهد إضافات نوعيَّة ترتقي بمُستَوى العروض، وتُعمِّق تفاعل الجمهور معها.

وقد تجلَّى ذلك بوضوح في نسخة عام 2023، التي شهدت نقلة نوعية في إدخال تقنية الواقع المُعزّز لأوّل مرَّة؛ ممّا فتح آفاقاً جديدة للتفاعُل المُباشِر بين الزُّوّار والعروض الضوئية، وجرى توظيف تقنيات مُتطوِّرة مُستَوحاة من عالَم ألعاب الفيديو؛ كمُحرِّكَي "Notch"، و"Unity"؛ لخلق تجارب غامرة تنقل المُشاهِد إلى عَوالِم افتراضيَّة مذهلة.

وشهد المهرجان عبر السنوات تطوُّراً ملحوظاً عَكَس التزامَه بالتميُّز والإبداع؛ ففي عام 2014، احتفى بلَقَب الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية في كرنفال مُبهِر، وفي عام 2015، أُضِيفت مواقع جديدة لتسليط الضوء على التراث التاريخي للإمارة، وشَهِد عام 2016 ابتكار نفق الأضواء في واحة النخيل، أمّا في عام 2017، فقد جرت إضافة ردهة للمطاعم في المدينة الجامعية، بينما شَهِد عام 2018 إضافة أكاديمية العلوم الشرطية بوصفها موقعاً جديداً للعُروض.

وفي عام 2019، استقطب المهرجان أكثر من 1,200,000 زائر خلال 11 يوماً، أمّا في عام 2020، فقد برز التعاون الطلّابي؛ إذ شارك طلّاب من جامعتَي الشارقة والجامعة الأميركية في الإمارة بتصميم عروض ضوئية عُرِضَت على واجهات الجامعتَين، وصولاً إلى  عام 2022؛ إذ احتفى المهرجان بالذكرى الخمسين لدولة الإمارات تحت شِعار "أصداء من المستقبل".

وفي عام 2024، احتفى المهرجان بدورته الثالثة عشرة، مُقدِّماً عُروضاً ضوئية مُبهِرة في 12 موقعاً بارزاً في الإمارة، وشارك فيه أكثر من 15 فنّاناً عالمياً من 8 دُوَل، مُسلِّطين الضوء على التراث الثقافي للشارقة عبر الزمن، وقد تضمَّنت هذه النُّسخة ثلاثة مواقع جديدة، وهي: السوق العامّ بالحمرية، والقيادة العامَّة لشرطة الشارقة، وواجهة كلباء المائية، واستُخدِمت أحدث التقنيات في العروض، بما فيها الصور المُجسَّمة ثُلاثِيَّة الأبعاد، والإسقاط الضوئي؛ لتقديم تجربة فنّية فريدة.

الاستدامة: نهج متكامل يحمي البيئة

يضع مهرجان أضواء الشارقة الاستدامة البيئية في صُلب أولويّاته، مُجسِّداً بذلك التزام الإمارة بالحفاظ على الموارد الطبيعية حتى في أكثر فعاليّاتها إبهاراً؛ إذ تبنّى المهرجان نظاماً صارماً للاستدامة يضمن أن تكون الأضواء والأدوات والمُعدّات المستخدمة كافَّة حاملة لشهادات مُطابَقة المُواصفات البيئية العالَميَّة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحَدّ، بل امتَدَّ ليشمل تعاوُناً وثيقاً مع هيئة كهرباء ومياه الشارقة لترشيد استهلاك الطاقة بشكل ملموس خلال فترة المهرجان؛ إذ يجري إطفاء أنوار الشوارع المُحيطة بمَواقع العُروض؛ ممّا يُؤدّي إلى توفير ما نسبته 50-60% تقريباً من الطاقة الكهربائية في كلّ موقع، وهو إنجاز بيئي يُضاف إلى سِجِلّ المهرجان الحافل، ويُؤكِّد أنّ الإبداع والاستدامة يمكن أن يسيرا جنباً إلى جنب؛ ليُقدِّم المهرجان نموذجاً يُحتَذَى به في كيفية تنظيم الفعاليات الضخمة دون المساس بالتزامات البيئيَّة للإمارة.

وختاماً، يظلّ مهرجان أضواء الشارقة شاهداً على قدرة الإمارة في الجَمع بين الأصالة والحداثة، وعلى براعتها في توظيف الفنّ والتكنولوجيا لخدمة رسالتها الثقافية والحضارية؛ فمع كلّ دورة جديدة، يُواصِل المهرجان إبهار الزُّوّار، وتعزيز مكانة الشارقة بوصفها وجهة سياحية رائدة تُضيء سَماءها بإبداعات تجمع بين الماضي العريق والمستقبل المُشرِق. 

 المراجع

[1] sharjahlightfestival.ae, مسيرة المهرجان
[2] sharjah24.ae, مهرجان أضواء الشارقة يسرد قصصاً عن الموروث الثقافي في 12 موقعاً
[3] sharjahevents.ae, مهرجان أضواء الشارقة 2023
[4] sharjahnews.gov.ae, مهرجان أضواء الشارقة ينطلق 7 فبراير

December 30, 2024 / 4:01 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.