جار التحميل...
وتؤدّي هذه المَحمِيّات دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي للإمارة؛ إذ تستأثر الشارقة بالنصيب الأكبر من المَحمِيّات الطبيعية في دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة، ممّا يُؤكّد رِيادتها في مجال الحفاظ على البيئة والتنوُّع الحيوي، وفيما يأتي نظرة على بعض هذه المَحمِيّات الطبيعية في إمارة الشارقة.
تُعَدّ جزيرة (صير بونعير) الواقعة على بعد 112 كيلومتراً من ساحل الشارقة من أهمّ المَحمِيّات الطبيعية في دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة، وتمتدّ هذه الجزيرة الفريدة على مساحة تبلغ أربعة كيلومترات بما يُشبه ذيل الحصان، وتتميّز بتنوُّعها الحيوي الاستثنائي؛ فهي موطنٌ آمِن للعديد من الأنواع المُهدَّدة بالانقراض، وخاصَّة السلاحف البحرية النادرة؛ كسلاحف منقار الصقر، والسلاحف الخضراء النادرة، والتي تأتي إلى شواطئها لوضع البيض بين شهرَي مارس ويونيو من كلّ عام.
وتعجّ المياه المُحيطة بالجزيرة بالحياة البحرية الغنية؛ إذ تحتضن نحو 95 نوعاً من أسماك الشِّعاب المرجانية، و45 نوعاً من الشِّعاب المرجانية الصلبة، ومن الاكتشافات المُثيرة وجود سمك المعطف الأحمر الذي لم يسبق رَصدُه في مياه الخليج من قبل، وتستوطن الجزيرة أيضاً مجموعات كبيرة من الطيور، مثل: النورس الأسخم، وطيور الخرشنة، بالإضافة إلى مجموعات مُتنوّعة من القنافذ، والغزلان، والزواحف.
وتُقدّم المَحمِيّة للزُّوّار مجموعة مُتنوّعة من الأنشطة الشَّيِّقة، وتشمل الغوص؛ لاستكشاف الحياة البحرية الغنية، وركوب القوارب، وسِباقات المراكب الشِّراعية، فضلاً عن العروض التراثية التي تحتفي بتاريخ المنطقة، ويُنصَح بزيارة الجزيرة بين شهرَي مارس ويونيو؛ وهي الفترة التي تشهد إقامة مهرجان صير بونعير التراثي البيئيّ، وموسم سِباق القفال، ويتعيّن على الزُّوّار للدخول إلى المَحمِيَّة الحصول على تصريح خاصّ من هيئة البيئة والمَحمِيّات الطبيعية.
كما تتمتَّع جزيرة (صير بونعير) بأهمّية تاريخية كبيرة؛ إذ كانت في الماضي مُلتَقى لصيّادي اللؤلؤ، ومَلاذاً للسُّفن من العواصف، وهي منذ عام 2000 تتبع إدارة هيئة البيئة والمَحمِيّات الطبيعية، وتأكيداً على أهمّيتها البيئية العالَمِيّة، أُدرِجَت المَحمِيّة في القائمة التمهيدية للاتِّحاد الدولي لحفظ الطبيعة، كما سُجِّلَت في اتِّفاقيات دولية مرموقة، أبرزها اتِّفاقية "رامسار للأراضي الرطبة".
يتجلّى في مَحمِيّة أشجار القرم التنوّع البيئي في أبهى صُوَره؛ إذ تلتقي فيها خصائص البيئتَين؛ البحرية، والبَرّية، وتقع هذه المَحمِيّة الرائعة ضمن المنطقة الساحلية في كلباء بإمارة الشارقة، وتحديداً عند الأطراف الجنوبية لقرية كلباء على الساحل الشرقي من الشارقة، وتمتدّ على مساحة تبلغ 4.9 كيلومترات مُربَّعة، مُشكِّلة مَوطِناً لنُظُم بيئية مُتنوِّعة تشمل أشجار القرم، والسَّبخات المالحة، والمُستَنقَعات، وغيرها.
وتُعَدّ أشجار القرم "المانغروف" السِّمة الأبرز لهذه المَحمِيّة، وتؤدّي هذه الأشجار دوراً حيوياً في حماية الساحل من التعرية الناجمة عن العوامل الطبيعية؛ كالعواصف، والفيضانات، والتيّارات، كما تُوفّر المَحمِيّة بيئة مِثاليّة لتكاثر أنواع نادرة من الطيور، وأبرزها طائر الرفراف المُطوَّق العربي.
وتتميّز المَحمِيّة بكونها مَلاذاً للعديد من الكائنات الحيّة أيضاً، بما في ذلك الطيور المائية المُتنوّعة، والسلاحف التي تتميّز برأسها الكبير، بالإضافة إلى السلاحف الخضراء، ولأهمّيتها البيئية، نالت المَحمِيّة اعترافاً دوليّاً بموجب اتِّفاقية "رامسار للأراضي الرطبة" ذات الأهمية الدولية في عام 2013.
وتتولّى هيئة البيئة والمَحمِيّات الطبيعية إدارة المَحمِيّة، وتُقدِّم للزُّوّار مجموعة مُتنوّعة من الأنشطة الشَّيِّقة، بما في ذلك رحلات قوارب الكاياك، وجولات المشي، وفرص التخييم، ويُنصَح بزيارة المَحمِيّة خلال فصل الشتاء؛ للاستمتاع بأفضل تجربة مُمكِنة، وتجربة أبرز المشاريع السياحية في الشارقة، وهي "نُزُل الرفراف" الذي يضمّ عشرين خيمة فاخرة مُصمَّمة بعناية؛ للاستمتاع والاسترخاء، واستكشاف المَحمِيّة بتفاصيلها الساحرة، ممّا يضمن تجربة مُميَّزة بين أحضان أشجار القرم.
تُعَدّ مَحمِيّة الفاية التي يعود تاريخها إلى عام 2007، من أبرز المَحمِيّات الطبيعية في إمارة الشارقة، وتقع هذه المَحمِيّة الفريدة في منطقة مليحة غرب سلسلة جبال الحجر، وتحديداً ضمن جبل الفاية؛ أحد أبرز المواقع الأثرية في إمارة الشارقة والإمارات العربية المُتَّحِدة، ممّا أكسبَها أهمية بيئية وتاريخية كبيرة، وتمتدّ المحمية على مساحة تبلغ 36 كيلومتراً مُربَّعاً، مُشكِّلة بذلك متحفاً جيولوجياً وأثرياً مفتوحاً يزخر بتنوُّع بيولوجي استثنائي.
وتتميَّز هذه المحمية بنظامها البيئي الجبلي الصخري الفريد الذي يضمّ تكوينات جيولوجية مذهلة من المنحدرات، والتشكيلات الصخرية، كما تُعَدّ موطناً للعديد من أنواع القوارض والزواحف، وأبرز ما يُميّزها أيضاً وجود الأحافير البحرية التي عاشت واستوطنت المنطقة قبل نحو 70 مليون سنة؛ عندما كانت شبه الجزيرة العربية مغمورةً بالمياه الضحلة، وتُعَدّ حفريّات الأمونايت "Ammonites"، والنميولايت "Nummulites"، والمراجين الرباعية والثلاثية، المحتوية على معادن كالكالسيت "Calcite"، والكروميت "Chromite"، من أهمّ الحفريات المُكتشَفة هناك.
وتُقدِّم محمية الفاية للزوار تجربة غنية وفريدة، إذ يُمكنهم الاستمتاع بالمناظر الخلابة، والكُثبان الرملية، والأحافير المُتنوّعة، ويُنصَح الزوار بإحضار عدسات مُكبِّرة؛ لاستكشاف التفاصيل الدقيقة للحفريات والمعادن الموجودة في المحمية، وتتولّى هيئة البيئة والمحميات الطبيعية إدارة المحمية، ويُفضَّل زيارتها خلال فصل الشتاء؛ للاستمتاع بأفضل تجربة ممكنة في ظلّ الظروف المناخية المعتدلة.
تقع هذه المحمية الفريدة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 2007، بين طريقَي الشارقة - مليحة والشارقة - يمين الذيد عند الجسر العاشر، وسط منطقة سهلية تتميّز بوجود أشجار السدر والغاف، وتمتدّ المحمية على مساحة إجمالية تُقدَّر بنحو 11 كيلومتراً مُربَّعاً.
وتتميّز محمية "حزام غابات المنتثر" بطبيعتها الرملية؛ باعتبارها امتداداً لأكبر السُّهول الرسوبية في المنطقة الوُسطى، ويمكن زراعة عدد كبير من أشجار الغاف والسدر فيها بحيث يصل إلى نحو المليون والنصف مليون شجرة، ممّا يُشكِّل حزاماً أخضر مُبهِراً يخطف الأنظار.
وتُعَدّ المحمية موطناً للعديد من أنواع الحيوانات البَرّية والطيور، بما في ذلك الصفارد، والقطا كستنائي البطن، والدراج الرمادي، والحمام البرّي، بالإضافة إلى مجموعة مُتنوّعة من الزواحف والقوارض، وهذا التنوّع البيولوجي يجعل المحمية المكان الأفضل للكائنات الحيّة والأشجار المُعمّرة.
وتكتسب المحمية أهمية تاريخية وتراثية؛ فقد كانت في الماضي نقطة التقاء القوافل القادمة من مختلف الاتِّجاهات، واليوم تُقدّم محمية "حزام غابات المنتثر" للزوار فرصةً فريدةً للابتعاد عن صخب الحياة الحضرية، واستكشاف النظام البيئي الصحراوي، وتتولّى هيئة البيئة والمحميات الطبيعية إدارة المحمية، وتُنظِّم بالتعاون مع العديد من المؤسسات الحكومية والخاصّة حملات تشجير سنوية؛ بهدف تنمية الوعي بأهمية الحياة البرّية والحفاظ عليها.
تُعَدّ محمية البردي التي تأسَّست عام 2007، إحدى أبرز المحميات الطبيعية في إمارة الشارقة، وتقع ضمن سهل الذيد، وتمتدّ على مساحة تتجاوز 18 كيلومتراً مُربَّعاً، وهي تتميّز بأنّها المحمية الوحيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي يتكوّن غطاؤها النباتي بشكل أساسي من أشجار السمر المُعمّرة، وهذه الخصائص الفريدة تجعلها وجهة مهمة للباحثين والمُهتَمّين بدراسة البيئة الطبيعية في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عمر بعض أشجار السمر يتجاوز المئتَي عام، كما يتميّز الغطاء النباتي في المحمية بوجود شجرة البرم التي يُعَدّ رحيق أزهارها غذاءً مثاليّاً للنحل المُنتِج للعسل المحلّي، وهذه الأشجار تُشكّل جزءاً مهماً من النظام البيئي، وتُوفّر مَوئِلاً للعديد من الحيوانات البرّية والكائنات الحية الأخرى.
وقد نجحت المحمية في إعادة توطين العديد من الكائنات الحية التي اختفت منذ فترة طويلة، وهي تشهد أيضاً جهوداً مستمرّة لتعزيز غطائها النباتي، والتنوّع الحيوي فيها؛ إذ أطلقت بلدية مدينة الذيد مُبادَرةً لنَثر بذور الأشجار الصحراوية، والشُّجَيرات المحلية، وعلاوة على ذلك، تحتضن المحمية مشروعاً مُميّزاً يُسهم بشكل كبير في تعزيز التنوّع البيئي للمنطقة؛ وهو مشروع "سفاري الشارقة" الذي يُعَدّ أكبر سفاري في العالَم خارج أفريقيا؛ إذ يمتدّ على مساحة تبلغ ثماني كيلومترات مُربَّعة، ويضمّ أكثر من مئة ألف شجرة محلّية وأفريقية.
يُعَدّ مركز الحفية لصون البيئة الجبلية محميةً للحياة البرّية، ومركزاً بيئيّاً يستقطب الزوّار، وهو يقع على سُفوح جبال الحجر المُحاذية لمدينة كلباء في إمارة الشارقة، ويتميّز بتنوّعه البيولوجي الغني؛ إذ يضمّ أكثر من ثلاثين نوعاً من الحيوانات الجبلية والصحراوية، ممّا يجعله وجهة فريدة لعُشّاق الطبيعة والحياة البرّية.
وتمتدّ المحمية على مساحة شاسعة تحتضن مجموعة متنوّعة من البيئات؛ بدءاً من المساحات الداخلية التي تُؤوي الثعابين، والسحالي، والقنافذ، والعقارب، ووصولاً إلى المناطق الطبيعية الواسعة التي تُعَدّ موطناً لحيوانات نادرة ومُهدَّدة بالانقراض، مثل: حيوان الطهر، والنمر العربي، والوَشَق، وهذا التنوّع الحيواني يعكس الجهود المبذولة لحماية الأنواع المحلية، والحفاظ على التوازن البيئي في المنطقة.
ويُوفّر المركز للزوّار تجربة استثنائية لاستكشاف الحياة البرّية؛ إذ يمكنهم السَّير على مسار بطول 1.5 كيلومتر، يقودهم إلى أماكن مُخصَّصة لمراقبة الحيوانات، وللراغبين في تجربة أكثر راحة، تتوفّر عَربات الغولف التي تُسهّل التنقُّل بين أرجاء المحمية، كما صُمِّمت مَمرّات زجاجية داخلية تُتيح للزوّار مشاهدة الحيوانات عن قُرب في بيئتها الطبيعية، مع الحفاظ على سلامتهم وسلامة الحيوانات.
ويُقدّم المركز أيضاً فرصة فريدة لمشاهدة الأنشطة الليلية للحيوانات الجبلية، ممّا يُضيف بُعداً جديداً ومُثيراً إلى تجربة الزوّار، وإلى جانب المشاهدات الحيّة، تُزيّن النقوش البديعة مُحيط الموقع، مُقدِّمة لمحة عن تاريخ الحياة البرّية في المنطقة، ويهتمّ المركز بالجانب التعليمي والتوعوي؛ إذ يُقدّم وُرَشاً تعليمية على مدار العام، بالإضافة إلى وُرَش أسبوعية خاصّة بالطلّاب، ممّا يُسهم في نشر الوعي البيئي، وأهمية الحفاظ على التنوّع الحيوي في المنطقة.
المراجع
[1] portal.shjmun.gov.ae, نبذة عن الشارقة
[2] sirbunaiereserve.ae, جزيرة صير بو نعير ملاذ آمن للمخلوقات النادرة
[3] moccae.gov.ae, محمية حزام غابات المنتثر
[4] xsi.sdc.gov.ae, محميات الوسطى.. تنوع بيئي وثراء فطري وحيوي
[5] worldscoolestwinter.ae, مركز الحفية لصون البيئة الجبلية