الوثيقة الإلكترونية تُغيّر قواعد اللعبة

وقد لا تختلف الوثائق الإلكترونية عن المستندات الورقيّة كثيراً من حيث المحتوى، والهدف منها، وأنواعها، إلّا أنّها تؤدي دوراً بارزاً غيّر من طريقة التعامل مع البيانات وإنجاز المهمات المرتبطة بها، وأسهم في نفع المستخدمين وخدمتهم، وذلك كما يأتي:

دعم التحوّل الرقمي في مختلف القطاعات

يحظى التحوّل الرقمي (Digital transformation) والذي يُقصَد به التعامل بالوثائق والمستندات الإلكترونية بشعبيةٍ كبيرة، وانتشارٍ واسع بين مختلف الجهات العالميّة والحكوميّة، والمؤسسات المحليّة بكافة قطاعاتها، والتي تضم أنشطة مختلفة، منها التجاريّة، والتعليمية، وغيرها.

حيث أصبحت المعاملات الورقيّة والعمليات اليدوية التي تجري من خلالها معالجة البيانات في هذه المؤسسات محدودة أكثر، في حين أنّ المستندات الإلكترونية سيطرت على الساحة، وأصبحت شائعة بشكلٍ كبير، لتسهيل تبادلها، وإدارتها، والإشراف عليها، ونقلها، بالإضافة إلى سهولة الحفاظ على بيانات هذه المؤسسات، وتخزينها مهما كان حجمها، وإمكانيّة نقل الوثائق الإلكترونيّة إلى مختلف أنحاء العالم، ودون التقيّد بحدودٍ جغرافيّة معيّنة، أو الحاجة للانتظار طويلاً.

ومن جهةٍ أخرى فإنّ دولة الإمارات تُصنَّف من أوائل دول المنطقة التي واكبت الثورة الرقمية الحديثة، وتبنّت نظام الأتمتة والتحوّل الرقمي بشكلٍ واسع في مختلف القطاعات، وأبرزها القطاع الحكومي، كما اعتمدت الدولة الهوية الرقمية (UAE PASS) للمواطنين والسيّاح والمقيمين، والتي تُمكنهم من استخدام مختلف الخدمات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة عبر الإنترنت.   

سهولة إنشاء ومعالجة البيانات

يَسهُل التعامل مع البيانات التي تتضمنها الوثائق الإلكترونية، من حيث آلية إنشائها، وترتيب محتواها، وتنسيق شكلها، والتعديل عليها، في حال وجود أيّ خطأ، ودون الحاجة إلى البدء من الصفر، وإنشاء وثيقةٍ جديدة، وذلك باستخدام العديد من البرامج والتطبيقات المخصصة لإدارة المستندات، ومعالجات النصوص، كما يُمكن للمستخدم البحث عن نصوص وكلمات محددة داخل الوثيقة بسهولةٍ وسرعة، دون الحاجة لقراءة الوثيقة كاملة.

توفير الوقت والجهد على المستخدمين

يتطلب الحصول على المستندات والأوراق التقليدية الكثير من الوقت والجهد لاستخراجها، وأخذ نسخ عنها، وطباعتها، ومعالجتها، في حين أنّ الوثائق الإلكترونية يَسهُل الوصول إليها، من خلال إرسالها عبر البريد الإلكتروني، أو تحميلها من خلال التطبيقات والمواقع التابعة لها، وهو أمر يُغني المستخدم عن الذهاب للمؤسسة، ويوفر عليه الجهد، ويُسهّل عليه إجراء العمليات، كالموافقة على العقود، من خلال توقيع الوثائق إلكترونياً، أو التعديل عليها، وتحضيرها مجدداً، أو نسخ عدة نسخ منها، وإرسالها لمجموعة أشخاص.

الحفاظ على البيئة

تؤدي الوثائق الإلكترونية دوراً مهماً في الحفاظ على البيئة، وجعلها أكثر استدامة، حيث انتشرت المكاتب الخالية من الورق، والتي تهدف للاستغناء عن الورق، بالتالي الحفاظ على الغابات، وتقليل استهلاك الطاقة اللازمة لتصنيع الورق، أو الانبعاثات الكربونيّة، التي قد تنتج أثناء التصنيع، أو التوزيع بوسائل النقل المختلفة، بالإضافة إلى الحفاظ على نظافة البيئة، وتقليل النفايات الورقية، التي قد لا يجري تدويرها بشكلٍ صحيح، وقد يحرقها البعض، ويتسبب بانبعاث الغازات الضارة للبيئة.

تسهيل إدارة وإنجاز الأعمال إلكترونياً

دعمت الوثائق الإلكترونيّة إدارة الأعمال الإلكترونية، وسهّلت إنجازها عن بُعد، من خلال مرونة وسهولة تبادل العقود والمستندات بين العملاء والإداريين والتجّار، واختصار الوقت والجهد اللازمين لتوقيعها، والموافقة عليها بصيغةٍ رقمية، بالإضافة إلى محدودية الأخطاء التي ترتبط ببيانات هذه الوثائق، وسهولة وسرعة التعديل عليها من قِبل المسؤولين، إن وُجدت دون إضاعة مزيد من الوقت، بالإضافة إلى الحفاظ على المستندات والعقود، وضمان عدم فقدانها وضياعها.

ووفقاً لتقرير "الإمارات الرقمية 2023 - حقائق وأرقام" الصادر عن هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن حوالي 24.3% استخدموا الخدمات البنكية الرقمية، ووسائل الاستثمار، والتأمين، وغيرها من الخدمات المالية عبر الإنترنت، والتي تتضمن وثائق إلكترونية خلال الشهر الواحد، مما يُشير إلى مدى فعالية الخدمات الرقمية والوثائق الإلكترونية في تسهيل وإدارة الأعمال.  

الحفاظ على أمن البيانات وحمايتها

تتوفر العديد من الخطوات والإجراءات الأمنيّة والوقائيّة التي تُحافظ على سريّة وأمن الوثائق الإلكترونيّة المهمّة، سواءً كانت وثائق حكوميّة، أو سجلات مدنيّة، أو عقوداً واتفاقيات غيرها، وذلك من خلال تشفيرها، وإنشاء نُسخ احتياطيّة تُخزَّن لغايات حفظ البيانات في حال تلف النُّسخ الأصليّة، وتُقفل هذه الملفات إلكترونياً، من خلال أنظمة حماية ذكيّة تتضمن كلمات مرور، وتواقيع إلكترونيّة، بحيث يصعب اختراقها، والعبث فيها، أو الوصول إليها ومعالجتها، إلّا من قِبل الأشخاص المخوَّلين بذلك.

ختاماً، على الرغم من اتجاه العديد من الأفراد والمؤسسات لاستخدام الوثائق الرقمية، نظراً لأهميتها المذكورة مسبقاً، وكيف غيّرت قواعد اللعبة، وفتحت آفاقاً جديدة للإنتاجية، وتعزيز الكفاءة في مختلف القطاعات، إلّا أنّ استخدامها لا يزال قيد التطوير والدراسة؛ إذ إنّه يتطلب تخطيطاً دقيقاً، وإدارة فعّالة للتحديات التي قد تواجهها المؤسسات ومستخدمو هذه الوثائق، مثل: التعرض للاختراقات، والهجمات الإلكترونية، والمخاوف المتعلقة بالوصول غير المصرح به للمعلومات المهمّة والسريّة، أو احتمالية فقدان البيانات في حال تعطل الأنظمة الرقمية، وعدم وجود نُسخٍ احتياطيّة لها.

بالإضافة إلى تكلفة البرمجيات والمعدات اللازمة لتخزين البيانات وحفظها وحمايتها مع مرور الوقت، واعتماد هذه الوثائق بشكلٍ أساسي على الأجهزة الرقميّة، ففي حال عدم وجود هاتف أو حاسوب، أو تعطّل شبكات الإنترنت فقد لا يتمكن المستخدم من الوصول لها، وفتحها، أو تبادلها.

المراجع   

[1] openkm.com, 10 Advantages of Electronic Document Workflow Automation
[2] smarttender.biz, What is it electronic document
[3] pagero.com, What is an e-document?
[4] goodsign.io,Electronic Document Definition and Examples
[5] u.ae, التوقيع الإلكتروني وشهادات المصادقة الإلكترونية