جار التحميل...
وقد اتُّفِق عموماً على الإشارة إلى هذه المستويات باستخدام ألوان الأحزمة؛ بدءاً من الحزام الأبيض، وصولاً إلى الحزام الأسود، فما قصّة هذه الأحزمة؟ وإلامَ يرمز كلّ لون منها؟
يُشار إلى أنَّ الغاية الأساسية من وجود الحزام في الأساس تتمثَّل بربط القطعة العُلوية من الملابس الخاصّة بالكاراتيه، أمّا ألوانها، فيُقال إنّ الفكرة بدأت من اتِّساخ أحزمة اللاعِبين البيضاء -وهو اللَّون الأساسي- وتحوُّلها إلى اللون الأسود كدليل على الجُهد الكبير المبذول، وانغماسهم في اللعبة عِدَّة سنوات.
وعلى الرغم ممّا قِيل، إلا أنّ هذا من الأساطير غير الدقيقة التي يصعب تصديقها؛ إذ يتميَّز لاعب الكاراتيه عادةً بملابسه البيضاء، وهي مُعرَّضة للاتِّساخ أكثر من الأحزمة، فمن باب أولى أن يتغيَّر لونها أيضاً، وإلى جانب ذلك، تُعَدّ نظافة الزيّ الدائمة أمراً لا بُدّ منه؛ إذ من الممكن -في بعض الأحيان- أن يُمنَع اللاعب من اللَّعِب إذا كان زِيُّه مُتَّسِخاً.
وفي المقابل، تُشير روايات أخرى قديمة إلى اعتماد ألوان أحزمة الكاراتيه كطريقة لتمييز درجة إتقان اللاعب وتميُّزه في هذه الرياضة والمستوى الذي وصل إليه، وتهدف إلى تحفيز المُتدرِّبين على الاجتهاد؛ للحصول على أحزمة ترمز إلى درجات أفضل باستمرار؛ بدءاً من الحزام الأبيض، وانتهاءً بالحزام الأسود الذي يرتديه اللاعب بعد اجتيازه المستويات جميعها وإثبات مهارته في اللعبة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الرياضيّ (جيغورو كانو) يُعَدّ صاحب هذه الفكرة، إلى جانب أنّه مُؤسِّس الجودو أيضاً.
يتسلسل لاعب الكاراتيه في ارتداء ألوان الأحزمة ضمن ترتيب مُحدَّد، وعموماً ينتقل اللاعب من درجات اللون الأفتح إلى الأغمق خلال فترات تدريبه، ليكون الحزام باللون الأغمق دليلاً على زيادة كفاءته في اللعب، وبذلك تكون البداية المنطقية من اللون الأبيض، والنهاية عند الأسود، وبالتسلسُل الآتي: الأبيض، ثمّ الأصفر، ثمّ البرتقالي، ثمّ الأخضر، ثمّ الأزرق، ثمّ الأرجوانيّ، ثمّ البُنّي، ثمّ الأحمر، ثمّ الأسود، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الألوان قد تختلف قليلاً باختلاف النظام أو المدرسة؛ فبعضها لا يعتمد اللون الأرجواني في التسلسُل، وبعضها الآخر لا يعتمد اللون الأحمر.
وعموماً، قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً من التدريب والمثابرة للوصول في نهاية الرحلة إلى استحقاق الحزام الأسود، وحينها يكون اللاعب قد وصل إلى مرحلة من الإيمان بأنّ أهمية إتقان اللعبة والالتزام بقوانينها تفوق أهمّية ارتداء هذا الحزام والتباهي به أمام الآخرين، ويمكن توضيح معاني هذه الأحزمة على النحو الآتي:
يرمز الأبيض عموماً إلى الولادة أو بداية شيء جديد، لذا يُعَدّ الحزام الأبيض البداية بالنسبة إلى لاعب الكاراتيه، وتتميّز هذه المرحلة بتركيز المُدرِّبين على تعريف اللاعب الجديد باللعبة وقوانينها وبعض الأمور الأساسية قبل البدء بالقتال والحركات اللازمة، ويستمرّ اللاعب عموماً بارتداء الحزام الأبيض لمُدَّة تُقدَّر بنحو 6-9 أشهر.
يرمز اللون الأصفر إلى خيوط أشعّة الشمس الصفراء التي تظهر في بداية طلوعها، وتعني هذه المرحلة للاعب الكاراتيه الذي يرتدي الحزام الأصفر أنّ عقله أصبح مُنفتِحاً لتعلُّم المزيد من الأساليب والتقنيات، ومنها: إتقان الوقوف بالصورة الصحيحة، والتمكُّن من تنفيذ الرَّكل واللَّكم.
وقد يكون الطالب مُؤهَّلاً خلال هذه المرحلة لبدء أوّل قتال بسيط بعد وصوله إلى مرحلة مُعيَّنة من الفهم والقدرة على التركيز، أمّا بالنسبة إلى الوقت الذي يحتاج إليه اللاعب للانتقال من هذه الرُّتبة إلى الرُّتبة التي تليها، فقد يتراوح بين 7-9 أشهر تقريباً.
كُلّما ازداد سطوع الشمس، تميل أشعّتها إلى اللون البرتقالي بصورة أوضح، لهذا يرمز الحزام البرتقالي في الكاراتيه إلى وصول اللاعب إلى مرحلة أكثر نُضجاً من مرحلة الحزام الأصفر؛ إذ يكون قد تمكَّن من أساسيات الدفاع عن النفس، وبدأ التمهيد للسَّير في طريق الاحتراف، وخلال فترة ارتداء هذا الحزام التي تتراوح بين 9-10 أشهر، يجري التركيز على الأخلاق بصورة كافية.
يُشير اللون الأخضر إلى نُمُوّ النبات ووصوله إلى مرحلة النضوج، ويكون الطالب في هذه المرحلة قد امتلك مهارات بمُستوى مُتوسّط يُؤهِّله للقتال والهجوم تحديداً، كما تُمثِّل هذه المرحلة تحدِّياً يتطلَّب الصبر والمُثابَرة من المُتدرِّب؛ إذ يحتاج الأمر إلى التدريب المُكثَّف في المنزل أيضاً؛ لصَقل المهارات التي اكتسبها سابقاً، ويستمرّ ارتداء الحزام الأخضر لمُدّة 10 أشهر، وقد يصل إلى سنة كاملة.
يُؤهَّل اللاعِب لارتداء الحزام الأزرق بعد أن يمتلك معظم مهارات الكاراتيه الحركية، ويتمكَّن من أساسيات اللعبة المعرفية، ويرمز هذا اللون إلى السماء الزرقاء التي تُشير إلى الارتقاء والعُلُوّ، وتُمثِّل هذه المرحلة نقطة حاسمة بالنسبة إلى المُتدرِّب؛ إذ سيكون فيها مُؤهَّلاً لخوض قتال حقيقي عند الرغبة، ويكون قادراً على تنفيذ الحركات الدفاعية التي تعلَّمها سابقاً جميعها، أمّا المُدَّة التي يحتاج إليها للانتقال إلى الحزام الأرجواني فتمتَدّ من 12-20 شهراً، وهي مُدَّة طويلة نِسبياً.
يستحِقّ لاعب الكاراتيه ارتداء الحزام الأرجواني بعد بلوغه مراحل مُتقدِّمة من التميُّز والإتقان لهذا الفنّ القتالي، وهو بمثابة نقلة نوعية في المستوى، ويرمز اللون الأرجواني بصورة عامّة إلى بزوغ الفجر، ويشير إلى رغبة كبيرة وجِدِّية حقيقية في التقدُّم نحو الحزام الأسود، ويبدأ المُدرِّب بتعليم اللاعبين بعض الحركات مع التركيز على القدم في اللعب، كما يُعلِّمهم أهمية تحديد الوقت المناسب للَّعِب بشِدَّة وثبات، ومتى يمكنهم التهاون، ويبقى اللاعب في هذه المرحلة لمُدَّة تتراوح بين 12-20 شهراً.
يُشير لون الحزام البُنّي إلى النُّضوج والجاهزية لجَني ثمار الجهد الشاقّ الذي لازم اللاعب خلال فترة ارتدائه للحزام الأرجواني سابقاً، أمّا التدريب في هذه المرحلة فسيكون من خلال اكتشاف نقاط الضعف ومحاولة التغلُّب عليها، وهنا لا بُدَّ من أن يسبق الذكاء القوّة، ويستمِرّ المُتدرِّب في هذه الرُّتبة لمُدَّة تُقدَّر بنحو 12-20 شهراً.
يرمز اللون الأحمر إلى الشمس الحارقة شديدة الحرارة، وهذا يعني أنّ اللاعب الآن قد وصل إلى مرحلة من القوّة والإتقان بما يُؤهِّله للاستفادة من كافَّة المهارات المُكتسَبة خلال رحلة تعلُّم الكاراتيه، كما يهدف ارتداء اللون الأحمر إلى تنبيه الخصم لخطورة اللاعب الذي يُواجهه وقوّته، ويستمرّ اللاعب في هذه المرحلة لمُدَّة تتراوح بين 12-20 شهراً، يكون قادراً خلالها على تدريب اللاعبين الأقلّ خبرةً ومساعدتهم؛ لاكتساب المزيد من المهارات.
ارتداء اللاعب الحزام الأسود يعني وصوله إلى القِمَّة؛ فهو يمتلك الآن المهارات الحركية والمعرفية التي سعى إليها وتعلَّمها خلال مسيرته كلِّها، كما أنَّه مُؤهَّل الآن لتدريب غيره بصفة رسمية، أمّا بالنسبة إلى ما يرمز إليه اللون الأسود؛ فهو الظلام الذي يُخفيه نور الشمس وراءه، وهنا يحاول اللاعب البحث عمّا وراء إتقان اللعبة، وكيفية تأثيرها في حياته العملية.
ملاحظة وتنويه: تجدر الإشارة إلى أنّ المُدَّة اللازمة للانتقال من حزام إلى آخر قد تختلف تبعاً لعِدَّة عوامل، ومنها طبيعة النظام أو المدرسة؛ فلكلّ نظام مُتطلَّبات مختلفة من حيث عدد الساعات المطلوبة، والتدريبات، ومستوى الإتقان، كما قد يعتمد الأمر على مستوى الطالب، ومدى التزامه.
وفي الختام، وصلت رياضة الكاراتيه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ سنوات مضت، ولاقَت مكانة مُتميِّزة واهتماماً كبيراً هناك؛ إذ جرى تأسيس اتِّحاد الإمارات للكاراتيه؛ بهدف نشر الثقافة الرياضية المُتعلِّقة بأهمّية رِياضات الدفاع عن النفس ودورها في تنمية الشخصية، ومنها رياضة الكاراتيه، وتحفيز الأطفال والشباب لممارستها؛ من خلال إنشاء عدد من الأندية والمراكز التدريبية التابعة للاتِّحاد.
[1] britannica.com, karate
[2] olympics.com, karate
[3] emadojola.com, Origin of karate belts
[4] nymaa.com, Understanding the Meaning of Karate Belt Colors
[5] tutorialspoint.com, Karate - Belt Colours & Meaning