أفضل رياضات الدفاع عن النفس

التايكواندو: رحلة طويلة نحو الحزام الأسود

تعود أصول رياضة التايكواندو "Taekwondo" إلى كوريا، ويُركِّز هذا النوع من فنون القتال على استخدام اليدَين والقدمَين أثناء اللعب؛ للسيطرة على زمام الأمور في أيّ تشابُك مع الآخرين، ويُعنى بالتدرُّب على تنفيذ الحركات المُثلى لأجزاء الجسم جميعها في الصِّدامات؛ للحفاظ على سلامة الطرفَين؛ فالغرض الأساسي منه يتمثّل بالتهدئة، ووضع حَدّ للشِّجار، والتركيز في هذه اللعبة على تقنيات الركلات عند الارتفاع أو أثناء الدوران، بالإضافة إلى بعض حركات اللكم المحدودة.

وكانت رياضة التايكواندو قد تطوَّرت خلال 5000 سنة؛ إذ كانت تحمل سابقاً أسماء مُتنوّعة، مثل: سوباك (Subak)، وتايك كيون (Taekkyeon)، وكان التركيز فيها دائماً على التنسيق بين الجسم والعقل لبلوغ حركات ووضعيات مُنسجِمة قادرة على إلحاق الهزيمة بالخصم.

أمّا اليوم، فإنّ التايكواندو يُعَدّ مزيجاً من الحركات القتاليّة التقليدية المُنتشِرة في شرق آسيا؛ نتيجة الاحتكاك المباشر بين هذه الدول، مثل: اليابان، والصين، ومن الجدير بالذكر أنّ تعلُّم التايكواندو يتطلَّب مدَّة طويلة من الالتزام بالتدريبات المُكثَّفة؛ لبلوغ مرحلة الإتقان؛ إذ لا يقتصر الأمر على القوة فحسب، وإنَّما يحتاج إلى المرونة والذكاء في اختيار الوقت الملائم لكلّ حركة.

الجودو: لا بدّ من إخضاع الخصم

ظهرت رياضة الجودو "Judo" لأوّل مرَّة في اليابان، وكانت تهدف أساساً إلى تحسين اللياقة البدنية، ومن صُوَر تحسين الجودو للقوّة البدنية لدى اللّاعِبين: دورها المهمّ في جعل أجسامهم أكثر مرونة وأقلّ عرضةً للإصابات، وإسهامها في رفع قدرتهم على التوازن أثناء القتال، وهي من فنون القتال التي تدعم صحّة القلب، وتُحسِّن صحّة الجهازَين؛ الهيكلي، والعضلي.

يحاول لاعِبو الجودو تثبيت الخصم في المقام الأوّل؛ بهدف السيطرة على قوّته مهما كانت وحمله على الاستسلام، والتركيز على رقبة الخصم، ومفاصل ذِراعَيه على نحو أساسي؛ في محاولة لإلقائه على ظهره والتحكُّم فيه، ومن الجدير بالذكر أنّ إتقان الجودو يتطلَّب حضور القوّة البدنية إلى جانب الحضور الذهني؛ فاللَّعِب يعتمد على تقنيات صعبة بعض الشيء تتطلَّب معرفة كافية في نِزال الخَصم؛ لرَميه أرضاً، ثمّ قفل مفاصله؛ لمنعه من الحركة مدَّة 20 ثانية على الأقلّ، إلّا أنّ اللَّكم والرَّكل ممنوعان.

الكاراتيه: الأخلاق والانضباط أولاً

ظهرت لعبة الكاراتيه "Karate" إلى النور لأوّل مرّة في اليابان، وهي من رِياضات الدفاع عن النفس التي تهدف إلى تطوير الأفراد من الناحيتَين؛ الأخلاقية، والعقلية، إلى جانب الناحية البدنية، فمن أساسيّاتها: تعلُّم الانضباط الأخلاقي، والالتزام ببذل الجُهد المطلوب أثناء التدريبات التي تُركّز على الدفاع والهجوم المُضادّ في الدرجة الأولى؛ فلاعب الكاراتيه المُتميِّز لا يبدأ جولته بالهجوم إطلاقاً. 

يهتمّ مُدرِّب الكاراتيه بترسيخ فكرة مفادها أنّ التكتيك وأسلوب اللَّعِب لا يقلّ أهمية عن القوة الجسدية للّاعِب؛ فمن الضروري جدّاً معرفة كيفية تركيز قوّة الجسم بأكمله في نقطة مُعيَّنة، وفي الوقت المناسب، ويجب التنويه إلى تشابه الكاراتيه مع رياضات الدفاع عن النفس في بعض الأمور؛ كالحرص على الزيّ المُوحَّد، ونظام الأحزمة؛ لتحديد المستوى، وبعض الطقوس الأخرى، إضافةً إلى أنّها تشترك مع بعض الرِّياضات الأخرى في تقنيات اللَّعِب، رغم أنّ تقنياتها تعتمد أساساً على الرَّكل بالأقدام، وتنفيذ اللَّكمات.

الملاكمة: رياضة بدأت بكثير من الدماء

كانت الملاكمة "Boxing" من الألعاب الشائعة منذ العصور القديمة؛ بدلالة النقوش التي عُثِر عليها، والتي تعود إلى الحضارة السومرية، والحضارة المصرية بعدها، إضافةً إلى أنّ قواعد هذه الرياضة كانت قد صِيغَت لأوّل مرّة في اليونان؛ إذ كانت عنيفة مصحوبة بالدماء، وتنتهي بضرر كبير لأحد الطرَفَين، ورغم إمكانيّة مشاركة الطبقات كافّة في المسابقات، إلّا أنّ الغالبيّة كانوا أثرياء.

أما اليوم، فقد تغيَّرت الملاكمة كثيراً، وباتت لها قواعدها الخاصَّة؛ إذ صارت تعتمد اعتماداً كاملاً على الضرب باليدَين أثناء القتال، ممّا يعني ضرورة ارتداء القفّازات المُبطَّنة السميكة، ويمكن ارتداء الضمادات؛ لمزيد من الوقاية، وتنصّ القواعد على أنّ الضرب ينحصر في أمكِنة مُحدَّدة؛ كالمناطق التي تعلو خصر الخصم، أو مُقدِّمة جسده وجوانبه، ويُحدَّد الفائز؛ بتقييم الأداء، وإحصاء عدد اللكمات التي أدّاها.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الملاكمة أصبحت أكثر تنظيماً وأقلّ عُنفاً في الوقت الحاضر؛ فمن الأمور المحظورة حاليّاً أن يجعل اللاعب خصمه يتعثَّر عَمداً، أو أن يسيء إليه بطريقة ما؛ كأن يبصق عليه مثلاً، ويُمنَع ضرب رأسه ورقبته، ومن القوانين الأخرى الصارمة عدم إمكانية استخدام اللاعب أجزاء مكشوفة من يده في الضرب؛ فالضرب لا يكون إلّا بالقفّاز.

الجيوجيتسو: القتال بلطف وذكاء 

يُشير مصطلح الجيوجيتسو "Jiu- Jitsu" في اليابانية إلى معنى الفنّ اللطيف؛ إذ يعتمد على مجموعة من الحركات التي تهدف إلى إخضاع الخصم وإجباره على الاستسلام دون استخدام العُنف إطلاقاً، ودون إلحاق أضرار جسيمة به، وعلى الرغم من أنّ الآراء المُتعلِّقة بأصول هذه الرياضة مختلفة، إلّا أنّه يُشار إلى ظهورها بصورتها المُنظَّمة لأوّل مرّة في البرازيل بعد أن تطوَّرت مُتأثِّرة بالجودو الياباني.

ويجدر التنويه إلى أنّ الفوز يكون حليفاً للّاعِب الأكثر لياقة من الناحيتَين؛ البدنية، والعقلية، معاً؛ فالفوز بالجيوجيتسو ليس حِكراً على الأقوى فقط، بل يمكن التغلُّب عليه وإنزاله أرضاً لإخضاعه بممارسة عدد من الحركات الذكية، لذا يمكن القول إنّ الهدف الأساسي من تعلُّم هذه الرياضة يكمن في تمكُّن الضعيف من الدفاع عن نفسه عند تعرُّضه لعدوان من خصم قوي، ومن مزايا هذه اللعبة تطوير الاستجابة السريعة لدى اللاعب، ممّا يُحسِّن مستوى إدراكه.

وختاماً، تجدر الإشارة إلى اهتمام إمارة الشارقة مُمثَّلة بصاحب السُّمُوّ الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، برِياضات الدفاع عن النفس عموماً، ويظهر هذا جلياً بتأسيس نادي الشارقة لرِياضات الدفاع عن النفس سنة 2015م، ويُعنى بعدد من الفنون القتاليّة، وهي: التايكواندو، والجودو، والكاراتيه، والجيوجيتسو، ويُؤكِّد على ضرورة الالتزام بالقِيَم الأخلاقية لهذه الفنون؛ بغرض تحقيق أهدافها المُتمثِّلة بتحسين الصحّة البدنية والعقلية للّاعِبِين.

المراجع

[1] Britannica.com, Judo.
[2] Olympics.com, WRESTLING.
[3] usatkd.org, What is Taekwondo?
[4] domyos.co.uk, Combat sports, martial arts, self defence: what are the differences?
[5] theselfdefensetool.com, Karate vs Taekwondo vs Judo vs Kung Fu