جار التحميل...
الملاكمة المُضادّة: فنّ الدفاع والهجوم الذكي
الملاكمة المُضادّة "Counter punching" أسلوب ملاكمة يتميّز بالجمع بين الدفاع الماهر والهجوم الذكي؛ إذ يعتمد الملاكمون على استراتيجية الانتظار والترصُّد، مُنتَظرِين أخطاء خصومهم لاكتساب ميزة؛ سواء في النقاط، أو في تحقيق الضربة القاضية، ويستخدمون دفاعهم المتكامل؛ لتجنُّب اللكمات، أو صَدّها، ثمّ يُفاجئون الخصم بضربة دقيقة محسوبة التوقيت جيّداً، وتتطلَّب هذه الاستراتيجية انضباطاً قوياً ومستوى عالياً من المهارة؛ إذ يجب أن يتمتّع الملاكم برُدود أفعال سريعة، وقدرة عالية على التنبُّؤ والوعي، ودِقّة مُتناهِية، وسرعة في الضرب، وفي حركة القدمَين.
ويسعى الملاكمون إلى إنهاك خصومهم؛ وإفشال ضرباتهم، ممّا يُؤدّي إلى تعبهم بشكل أسرع، وإحباطهم نفسياً، ويحاول الملاكم المُضادّ التفوُّقَ على مُنافِسه، ليس في الجانب البدنيّ فقط، وإنّما في الجانِبَين؛ الذهني، والعاطفيّ أيضاً، ويُفضِّل هؤلاء الملاكمون البقاء بعيداً عن مركز الحلبة؛ للمُناورة، وإضعاف خصومهم تدريجياً، ويرى كثيرون أنّ هذا النوع من الملاكمة فنّ يتطلّب مهارات عالية واستفزاز الخصم لخلق فرصة للهجوم.
على الرغم من أنّ هذا الأسلوب يُعَدّ دفاعياً، إلّا أنّ احتمالات الفوز بالضربة القاضية تكون أعلى ممّا قد يتوقّع البعض؛ بسبب استغلال الزخم الأمامي للمهاجم، ويتطلَّب هذا النوع من الملاكمة قدراً كبيراً من الطاقة والتحمُّل، لذا فإنَّ اتِّباع نظام غذائي متوازن وغني بالعناصر الغذائية أمر ضروري للملاكمِين الذين يتبنَّون هذا الأسلوب، ولا يُعَدّ هذا النوع من الملاكمة مناسباً للمبتدئين؛ إذ يحتاج الملاكم إلى إتقان أساسيات الملاكمة قبل البدء في تجربة أسلوب الملاكمة المُضادَّة.
ملاكمة المقاتل: قوة الضربة القاضية
تعتمد ملاكمة المقاتل "Brawler" على القوّة الهائلة في الضربات، والقدرة العالية على التحمُّل، ويُركِّز الملاكمون في هذا الأسلوب على توجيه لكمات فردية قوية بدلاً من استخدام سلسلة من اللكمات المتتابعة، وتتَّسم حركتهم بالبُطء النسبي مقارنة بالأساليب الأخرى، غلّا أنّ قوّة ضرباتهم تُعوِّض هذا القصور، ويتطلّب هذا الأسلوب قدرة استثنائية على تحمُّل الضربات؛ إذ إنَّ بُطء الحركة، وسهولة توقُّع الهجمات، تجعل المقاتل عرضة للَّكمات المُضادّة من الخصم.
ويميل مُتَّبِعو هذا الأسلوب إلى التركيز على تقوية الجزء العُلوي من الجسم؛ لزيادة قوّة الضربات، وتحسين القدرة على التحمُّل، كما أنّهم يسعون إلى إرهاب خصومهم؛ بإظهار قوتهم البدنية وصلابتهم في مواجهة اللَّكمات، ورغم أنّ هذا النهج قد يجعلهم أكثر عرضةً لتلقّي الضربات، إلّا أنَّه يمنحهم ميزة كبيرة تتمثّل بالقدرة على إنهاء النِّزال بلكمة واحدة قوية.
ويتميّز أسلوب المقاتل بزيادة فرص تحقيق الفوز بالضربة القاضية؛ بسبب القوة الكبيرة التي تحملها كلّ لكمة، ويعتمد هذا الأسلوب على التركيز على القوّة أكثر من السرعة والحركة، ممّا يتطلّب من الملاكم قدرة عالية على تحمُّل الضربات المُضادَّة وامتصاصها لتحقيق النصر في النهاية.
الملاكمة الخارجية: استراتيجية المسافة والسرعة
الملاكمة الخارجية " Out-boxing" أسلوب في الملاكمة يعتمد على الحفاظ على مسافة بين الملاكم وخصمه؛ إذ يسعى الملاكم إلى البقاء خارج نطاق لَكمات منافسه عندما لا يكون في وضع هجومي، ويُركِّز هذا النوع من الملاكمة على توجيه لكمات سريعة وطويلة المدى، وخاصّة اللكمة المستقيمة المعروفة باسم الجاب (Jab)، وتُعَدّ هذه اللكمة الأداة الرئيسة للملاكمِين الذين يتبنَّون هذا الأسلوب؛ فهي تساعدهم في إبقاء خصومهم بعيداً، وإزعاجهم في الوقت نفسه.
ويتميّز مُمارِسو الملاكمة الخارجية بحركتهم السريعة والرشيقة في الحلبة، وهم يستخدمون مهاراتهم في تحريك الأقدام والخداع؛ لوضع أنفسهم في مواقع مُواتية للهجوم، بينما يتجنَّبون ضربات خصومهم بمهارة ودِقّة عاليتَين، ويتمثّل الهدف الرئيسي لهذا الأسلوب بإحباط الخصم، ودفعه إلى ارتكاب الأخطاء، وعندما يفقد الخصم صبره ويندفع بتهوُّر، يكون الملاكم الخارجي مُستعِدّاً لتوجيه ضربة مُضادّة قوية قد تُؤدّي إلى فوزه بالمباراة.
وعلى الرغم من أنَّ الملاكمة الخارجية تُركِّز على الضربات السريعة والدقيقة أكثر من الضربات القوية، إلّا أنّها لا تستبعد إمكانية تحقيق الفوز بالضربة القاضية، ويتطلّب إتقان هذا الأسلوب الكثير من التدريب والممارسة، وغالباً ما يُفضِّل الملاكمون الأطول قامة هذا الأسلوب؛ لأنّه يساعدهم على استغلال ميزة طول الذراعَين، وتُمكِّن الملاكمة الخارجية الملاكم من التحكُّم في إيقاع المباراة، لكنها غالباً ما تؤدّي إلى الفوز بالنقاط بدلاً من الضربة القاضية؛ لطبيعة الضربات الأقلّ قوّة المُستخدَمة في هذا الأسلوب.
الملاكمة الداخلية: فن الضغط والإرهاق
تُعرَف الملاكمة الداخلية "In-fighter" أيضاً باسم أسلوب المهاجم، أو المقاتل الضاغط، ويتميَّز هذا الأسلوب بمحاولة الملاكم البقاء قريباً من خصمه قدر الإمكان، مع توجيه أكبر عدد ممكن من مجموعات اللكمات المُتتالِية، ويحتاج هذا النوع من الملاكمين إلى قدرة تحمُّل عالية للضربات؛ إذ يتعيَّن عليهم تلقّي العديد منها قبل التمكُّن من الاقتراب بشكل كافٍ من الخصم، وغالباً ما يكون المقاتلون الداخليون أقصر من خصومهم، ممّا يتيح لهم استخدام كتلة أجسامهم بالكامل في توجيه اللكمات القوية من الأسفل إلى الأعلى.
ويعتمد هذا الأسلوب على العدوانية المُستمِرّة والضغط الدائم على الخصم؛ إذ يميل الملاكمون إلى الانحناء عند الخصر بعد توجيه اللكمة؛ لتجنُّب الضربات المُضادَّة، ويُركِّزون على توجيه وابل من اللكمات القصيرة والقوية المُوجَّهة إلى جسم الخصم وذقنه، ويعمل هذا الأسلوب بشكل أفضل في المدى القريب؛ لقِصَر قامة الملاكمِين، وقِلّة مَداهم مقارنة بخصومهم.
ويتطلَّب نجاح المقاتل الداخلي امتلاك ذقن قوية؛ لتحمُّل الضربات، بالإضافة إلى القدرة على المراوغة والتمايل؛ للدفاع عن النفس، ممّا يسمح له بالتحرُّك إلى الأمام مُتجاوِزاً ذراع الخصم المُمتَدَّة، والحفاظ على يديه حُرَّتَين للردّ، ويتميّز هذا الأسلوب أيضاً بالقدرة العالية على التحمُّل والاستمرار في توجيه الضربات لفترات طويلة، ممّا يجعله فعّالاً في إرهاق الخصم، وإضعاف دفاعاته.
وفي الختام، تعكس أساليب الملاكمة المُتنوّعة ثراء هذه الرياضة وتعقيدها؛ إذ يجمع كلّ أسلوب مزيجاً فريداً من المهارات البدنية والذهنية، وسواء كان الملاكم يُفضِّل الدفاع الذكي، أو الهجوم القوي، أو المُناوَرة الرشيقة، فإنَّ نجاحه يعتمد على قدرته على تكييف استراتيجيّته وفقاً لنقاط قوّته الشخصية، ونقاط ضعف خصمه، وهذا التنوُّع في الأساليب هو ما يجعل الملاكمة رياضة مثيرة ومُتجدِّدة تتطلَّب التفكير الاستراتيجي، والمهارة الفنّية، جنباً إلى جنب مع القوّة البدنية.
المراجع
[1] storiespreschool.com, Boxing Styles
[2] activesgcircle.gov.sg, Popular boxing styles
[3] nyfights.com, Best Boxing Style: The Four Styles for Boxing Success
[4] dubaipt.com, Different Types of Boxing
[5] britannica.com, boxing