تعدد الأنماط وتوحد الفلسفة: استكشاف أنماط ومدارس الكاراتيه

وكان أوّل ظهور للكاراتيه في دُوَل شرق آسيا، ثمّ تطوَّر مع الزمن، وبدأ الناس يُمارسونها باعتبارها رياضة وفنّاً للدفاع عن النفس في مدينة أوكيناوا اليابانية، وتحديداً في القرن السابع عشر، إلى أن أصبحت أحد أشهر الفنون القتالية في مختلف أنحاء العالم اليومَ، وتجدر الإشارة إلى أنّ الاتِّحاد الدولي للكاراتيه (WKF) يضمّ نحو 60 مليون لاعب، حسب ما ورد في موقع العلاقات العامة التابع لحكومة اليابان عام 2020م.

ورغم تعدُّد أنماط ومدارس الكاراتيه، إلّا أنّها تمتلك الفلسفة نفسها في استخدام الجسد سلاحاً؛ للدفاع عن النفس، وتتضمّن المدارس جميعها أنماطاً مُعيَّنة من الحركات القتالية تُعرَف باسم الكاتا (Kata)، وفيما يأتي نعرض أبرز مدارس الكاراتيه:

ملحوظة: كلمة (ريو) تعني مدرسة.

شوتوكان ريو

تُعَدّ شوتوكان ريو (Shotokan-Ryu) إحدى مدارس الكاراتيه المشهورة في العالم، بل هي أكثر المدارس انتشاراً، علماً بأنّها ظهرت للمرَّة الأولى في مدينة طوكيو؛ عاصمة اليابان، وتعتمد هذه المدرسة على استخدام الجزء العُلوي والسُّفلي من الجسم للرَّكل، واللَّكم، وتسديد الضربات المباشرة والقوية؛ بهدف إيقاف الخصم بسرعة.

وتُركّز مدرسة شوتوكان على استخدام اليدَين، والأصابع، والمِرفقَين، والساقَين، والرُّكبتَين، والقدمَين، وتعتمد على السرعة أيضاً، والتوازن، والتنفُّس العميق أثناء الأداء، وتضمّ 26 حركة مختلفة تعتمد كلٌّ منها بنسبة 70% تقريباً على التقنيات القاسية؛ وتشمل اللَّكمات القوية، والرَّكلات المباشرة؛ لكسر توازن الخصم، وإيقافه بسرعة، و30% منها تعتمد على التقنيات الناعمة؛ وتشمل الحركات الدقيقة.

غوجو ريو

تعتمد غوجو ريو (Goju-Ryu) على مزيج متوازن من الأسلوبَين؛ القاسي، والناعم؛ إذ يتعلَّم الطالب تسديد ضربات بقبضة يد مغلقة وقوية، إلى جانب ضربات أخرى دقيقة، وبقبضة يد مفتوحة، بالإضافة إلى أنّه يتعلَّم كيفية التصدّي للهجمات بحركات جانبية من زوايا مختلفة، تليها اللَّكمات والضربات القوية.

وتولي مدرسة غوجو اهتماماً كبيراً بتقنيات التنفُّس التي تُعَدّ أساسية؛ لتحقيق التناغم بين الجسم والعقل، ولإتقان التقنيات الدفاعية والهجومية، وتتميَّز هذه المدرسة بوجود 12 حركة مختلفة تميل إلى الدَّوران والالتفاف أكثر من الأنماط الأخرى.

شيتو ريو

يُعد شيتو ريو (Shito-Ryu) أحد أكثر أنماط الكاراتيه شيوعاً في اليابان تحديداً، ويمتاز بالموازنة بين الحركات الرشيقة، والسريعة، والتقنيات القوية التي تشمل الرَّكلات، واللَّكمات، وضربات المِرفق، ويعتمد على كثير من الوقفات المنخفضة المُشابهة لوقفات مُصارِعي رياضة السومو، ومن الجدير بالذكر أنّه يضمّ أكبر عدد من الحركات المختلفة، ويصل عددها إلى 94 حركة، ويشتهر بأسلوب دفاعي فعّال.

وادو ريو

تأسَّست وادو ريو (Wado-Ryu) عام 1939، وتختلف هذه المدرسة عن المدارس الأخرى التي تعتمد على الهجوم والضربات القوية؛ إذ تُركِّز على تفادي الضربات تحديداً، ويتعلَّم المقاتل فيها المراوغة وتحريك الجسم؛ لتفادي ضربات الخصم، وتقليل قُوّته، واستخدام هجمات مُرتَدَّة تعتمد على اللَّكمات والرَّكلات.

وتعني كلمة وادو ريو باللغة اليابانية المسار المُتناغم؛ لارتباط هذا النوع بالهدوء والانضباط أثناء مواجهة الخصم، ومحاولة فهم تحرُّكاته بأفضل ما يُمكن.

كيوكوشن ريو

تمزج كيوكوشن ريو (Kyokushin-Ryu) بين نمطَي شوتوكان ريو، وغوجو ريو، وتمتاز بطابعها العدواني بالمقارنة مع المدارس الأخرى، وتشتهر بلقب كاراتيه الضربة القاضية؛ إذ تسمح بالرَّكلات واللَّكمات القوية التي يُمكن أن تكون مُؤذية جدّاً، وعلى مناطق مختلفة من الجسم؛ كالرأس، والساقَين.

تشيتو ريو

تهدف تشيتو ريو (Chito-Ryu) إلى استخدام الكاراتيه لتنمية الشخصية وتعزيز الصحّة في المقام الأول؛ فلا تستخدم الكاراتيه إلّا للدفاع عن النفس فقط، وتجمع هذه المدرسة بين التقنيات القوية والناعمة، مع التركيز الأساسي على تنفيذ التقنيات الناعمة، وهذا ما يُميّزها عن المدارس الأخرى، وتتضمَّن 15 حركة مختلفة تُستخدَم فيها اللَّكمات والرَّكلات العالية والدائرية التي تهدف إلى إحداث اضطراب في توازن الخصم.

إنشين 

تعتمد إنشين ريو (Enshin-Ryu) على تقنية الاحتكاك الكامل بالخصم، لذا يتعلَّم المُقاتل حركات دائرية متنوّعة، إضافةً إلى لكمات بقبضة يد مغلقة أو مفتوحة؛ بهدف تعطيل حركة الخصم، واستغلال زخم قوّته ضِدّه بغضّ النظر عن حجمه، وبهدف غرس الثقة، والتواضع، والمرونة، في نفوس مُمارِسيه.

وختاماً، لتحديد مدرسة الكاراتيه المناسبة لتعلُّم أنماطها، ينبغي أوّلاً تحديد الأهداف والاهتمامات الشخصية، مثل: تعزيز اللياقة البدنية، أو تعلُّم تقنيات فعّالة للدفاع عن النفس، أو الرغبة في المنافسة والتأهُّل للبطولات، بالإضافة إلى أهمية اختيار مكان مناسب للتعلُّم بحيث يؤدّي دوراً مهمّاً يُوازي أهمية اختيار مدرسة الكاراتيه نفسها؛ إذ لا بُدّ من أن تتوافق بيئة التعلُّم وأسلوب التعليم في المكان المُختار مع احتياجات الفرد وطموحاته، كما ينبغي أن يتماشى نمط المدرسة المُختارة مع نمط الحياة الشخصي والالتزامات اليومية؛ لضمان استمرارية التعلُّم والتطوُّر في هذا النوع من الرِّياضات.

المراجع

[1] healthline.com, 11 Types of Karate and How They Compare
[2] blog.decathlon.in, 13 Types Of Karate And Choosing The Right One
[3] activstarsathletics.com, 13 Types of Karate Styles and Their Differences
[4] britannica.com, karate
[5] daisho.be, How do you choose your style of karate from among the different schools?