جار التحميل...

°C,

الإسناد...من أهم أسباب حفظ السنة

إن الإسناد عامل أساسي من عوامل حفظ الدين، لا سيما السنة النبوية المطهرة، إذ نَفى عنها الدَّخيل، وصانها من التبديل، لذا عدّ الأئمة الإسناد من الدين، قال عبد الله بن المبارك كما في مقدمة صحيح مسلم: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
ولتوضيح هذه الكلمة قال ابن حبان في مقدمة المجروحين: "ولو لم يكن الإسناد وطلبُ هذه الطائفة له، لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم، وذاك أنه لم تكن أمة لنبي قط حفظت عليه الدين عن التبديل ما حفظت هذه الأمة، حتى لا يتهيأ أن يزداد في سُنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف ولا واو، كما لا يتهيأ زيادة مثله في القرآن، لحفظ هذه الطائفة السنن على المسلمين، وكثرةِ عنايتهم بأمر الدين، ولولاهم لقال من شاء ما شاء". 
    

وليس المقصود مجرد وجود الإسناد واتصاله، وإنما المراد الإسنادُ الصحيح المسلسل بالمقبولين، قال أبو إسحاق الشاطبي في الاعتصام: "ولو كان من شأن أهل الإسلام الذّابّين عنه، الأخذُ من الأحاديث بكل ما جاء عن كل مَنْ جاء، لم يكن لانتصابهم للتعديل والتجريح معنى، مع أنهم قد أجمعوا على ذلك، ولا كان لطلب الإسناد معنى يُتَحصّل، فلذلك جعلوا الإسناد من الدين، ولا يَعنون: "حدثني فلان عن فلان" مجرّداً، بل يريدون ذلك لما تضمّنه من معرفة الرجال الذين يُحدَّث عنهم، حتى لا يُسْنَد عن مجهول ولا مجروح ولا مُتَّهم، إلا عمن تَحصل الثقة بروايته، لأن رُوح المسألة: أن يَغلب على الظن من غير رِيبة، أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لنَعتمد عليه في الشريعة، ونُسند إليه الأحكام". 

فالإسناد بهذه الصفات مطلوب ديانة، ومفروض كفاية، كما صرح أئمة الحديث، قال ابن الصلاح في علوم الحديث: "أصلُ الإسناد...خَصِيصةٌ فاضلة من خصائص هذه الأمة، وسُنّةٌ بالغة من السنن المؤكدة "، وقال أبو طاهر السِّلَفي في الوجيز في ذكر المُجاز والمُجيز: "فكل محقِّق يتحقق ويتيقن أن الإسناد ركـنُ الشرع وأساسـه"، وقال ابن حجر الهيتمي في شرحه لمشكاة المصابيح: "ولكـون الإسناد يُعلـم به الموضـوع من غيره، كانت معرفته من فروض الكفاية" نقلاً عن مرقاة المفاتيح لملا علي قاري.

وما دام الإسناد من فروض الكفايات، فلا شك أن صاحبه يؤجر عليه، وينال به ثواب الله تعالى، حتى قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية لما سئل عن الجلوس لسماع الحديث وقراءته، هل فيه ثواب أم لا؟: "إن قصد بسماعه الحفظ وتعليم الأحكام أو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أو اتصال السند، ففيه ثواب".
March 30, 2023 / 10:32 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.