تعد سلوكيات تشاركيةالمعرفة بين العاملين في المجال السياحي أحد أهم العوامل التي تساهم في تعزيز الأداء الابتكاري الفردي والتنظيمي، وتركز المؤسسات السياحية بشكل خاص على الأداء الابتكاري للعاملين بها وذلك للحصول على مزايا تنافسية، وتحقيق الكفاءة التشغيلية، ورفع جودة الخدمة المقدمة للعملاء.

ويمكن تعريف الأداء الابتكاري على أنه تصور لطرق جديدة للوصول إلى العملاء والتعامل معهم بفاعلية وتلبية احتياجاتهم ورغباتهم.

وتعرف إدارة المعرفة بأنها عملية متعددة تتضمن قدرة المؤسسات على الاستفادة من أنواع المعرفة المختلفة وإدارتها لخلق مزايا تنافسية للشركات، وتتوقف بشكل أساسي على مشاركة العاملين لمعارفهم وخبراتهم فيما بينهم من جهة وبينهم وبين الإدارات المختلفة بالمؤسسة من جهة أخرى، ولذلك تعرف عملية مشاركة المعرفة على أنها عملية اتصال بين موظفين أو أكثر بهدف تبادل معارفهم لإنشاء معارف جديدة، أو تحسين معارف قائمة. 

وتنقسم المعرفة بشكل عام إلى نوعين معرفة ضمنية وأخرى صريحة، فأما المعرفة الضمنية فهي معرفة شخصية، يصعب إضفاء الطابع الرسمي عليها، أو تدوينها أو نقلها، ويتم الحصول عليها عن طريق التفاعل وجهًا لوجه لتبادل الخبرات والملاحظات، وقد تشمل المعتقدات والقيم والعواطف وتصورات الأفراد، وتشكل هذه المعرفة الجزء الأكبر في السياق السياحي كما أنها مصدر للمزايا الاستراتيجية التي تسمح بالتميز عن المنافسين.

أما المعرفة الصريحة فهي المعرفة التي يتم مشاركتها بين العاملين وإداراتهم بشكل صريح وقد تكون مكتوبة ويتم تداولها على شكل تقارير أو كتيبات يمكن تحليل محتواها وتفسيرها لتنفيذ الأعمال. 

والمعرفة الضمنية والصريحة هما نوعين ضروريين ويكمل كل منهما الآخر بهدف خلق المعرفة وتوليد أفكار جديدة لتطوير الأعمال، ويمكن أن تؤثر العديد من العوامل على درجة مشاركة المعرفة بين العاملين منها سماتهم الشخصية، واستعدادهم للتشارك في المعارف والخبرات، وكذلك محفزات عملية المشاركة داخل التنظيم الداخلي للمؤسسات، كما تساعد النواحي التقنية وثقافة المنظمة في نجاح عملية مشاركة المعرفة وتطويرها. 

وفي دراسة عن مشاركة المعرفة ودورها في تطوير الأداء الابتكاري للعاملين والتي شارك فيها الدكتور محمد أبوشوق والدكتور أسعد أبورمان بالتطبيق على العاملين في مجال الشركات السياحية، أوضحت النتائج أن ميل العاملين وتشجيعهم لمشاركة المعارف والخبرات فيما بينهم من جهة وبينهم وبين إداراتهم داخل المؤسسات من جهة أخرى قد يؤدي إلى تطوير أدائهم وتنمية النواحي الابتكارية لأداء مهام وظائفهم. 

وقدمت هذه الدراسة مجموعة من التوصيات المهمة للقطاع السياحي بهدف تطوير الأداء الابتكاري للعاملين فيه شملت أولاً مديري التوظيف والموارد البشرية في المؤسسات السياحية، والذين يتولون عملية الاستقطاب والتعيين للموظفين الجدد، فقد أوصت الدراسة بضرورة اهتمام هؤلاء المديرين بالجوانب الشخصية للعاملين الجدد، وقياس ميولهم نحو مشاركة المعارف والخبرات مع زملائهم وإداراتهم والتعرف على استعدادهم وتحمسهم للعمل الجماعي التعاوني ودرجة استعدادهم لتبني الأفكار الجديدة في عملهم بهدف تمييز أدائهم وتقديم خدمات تنافسية لعملائهم. 

أما الفئة الثانية التي وجهت إليهم التوصية فهم المدراء العامين، والذين يجب عليهم إعادة هيكلة الموارد البشرية بمؤسساتهم، بحيث يتم التوفيق بين الوظائف التي تحتاج لدرجة عالية من مشاركة المعرفة وبين الموظفين المنوط بهم هذه الوظائف، فضلاً عن تشجيع ثقافة مشاركة المعرفة والعمل بروح الفريق. 

كما أوصت الدراسة بضرورة رصد جوائز للموظفين الذين يشاركون معارفهم مع زملائهم، كأن تكون تلك الجوائز ألقاباً فخرية أو حوافز مالية، هذا فضلاً عن ضرورة تبني التقنيات التي تساعد العاملين على تبادل معارفهم وتسهيل عملية تدفق المعرفة ونقلها فيما بينهم.