تواجه المنظمات والمؤسسات الحكومية منها والخاصة اليوم تحديات جديدة، فيما يتعلق بتقديم خدمات ذات جودة مستدامة، وخلق قوة عاملة ملتزمة ومبدعة، كما أدركت هذه المنظمات والمؤسسات أن الموظفين يمثلون أحد الموارد الرئيسية لبناء الكفاءة واكتساب ميزة تنافسية ومصدراً للأفكار المبدعة في مجال العمل.

ونتيجة للتطور السريع والتغيير المستمر في المجالات كافة؛ ظهرت الحاجة لدى المنظمات لإعادة النظر في عملياتها ومتطلبات تقديم خدماتها؛ لمواكبة متطلبات وحاجات هذا التغيير، فالمنظمات عامة تواجه على اختلاف مهامها وأنواعها وأحجامها، العديد من المشكلات التي تتطلب من قيادتها والموظفين فيها ضرورة التفكير في التقليل من الاعتماد على المنهج التقليدي القائم على المحاولة والخطأ في حل المشكلات، ومحاولة توظيف المنهج الإبداعي في هذا الشأن.

وبرغم أن هناك عوامل كثيرة داخل المنظمة وخارجها تؤثر في مستويات الإبداع لدى المرؤوسين بها، إلا أن هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تشير إلى أن القيادة داخل المنظمة تؤدي دوراً مهماً في إيجاد البيئة الإدارية الملائمة التي تمكن من استثارة الإبداع.
هذا ويعد الإبداع عاملاً أساسياً للتجاوب مع المتغيرات المتلاحقة، والذي يتطلب توافر بيئة إدارية تشجعه وتجعل منه ظاهرة متأصلة متجددة، فقد أجمع كتاب الإدارة والمديرون التنفيذيين اليوم على أن حاجة المنظمات للإبداع حاجة مُلحة تفرضها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها.

لذلك يظهر دور الإبداع لما له من دور هام وأثر إيجابي على إنتاجية الدول بشكل عام وعلى المنظمات بشكل خاص، فالإبداع يعد عملية ينتج عنها فكرة جديدة أو عملاً إبداعياً، ومن الأمور المتفق عليها أن الإبداع هو عامل مهم في نمو وازدهار المنظمات سواء أكانت منظمات تجارية أو منظمات حكومية. 

وتؤكد بعض الدراسات على أن النمط القيادي في بيئة العمل، يفرز أنواعاً من الموظفين ذوي طباع وصفات مختلفة فمنهم الروتيني، والصديق المتعاون، والمتهرب والمبدع، ولذلك فإن الموظف الذي يملك قدراً من الإبداع يكون نتيجة طبيعية لخصائص البيئة التي يعمل بها وفي مقدمتها النمط القيادي. 

ومن الأنماط القيادية التي أفرزها التقدم العلمي والتطور التقني؛ نمط القيادة التحويلية، والذي من أهم ما يميزه هو قدرته العالية على قيادة المنظمة في مواجهة التحديات والتطورات الحديثة، من خلال التأثير في سلوكيات الموظفين وتنمية قدراتهم الإبداعية، وتعد القيادة التحويلية محفزاً للأداء العالي.

ويزداد الاهتمام بتأثير القيادة التحويلية على الإبداع، والتي بدورها ترفع من توقعات الأداء لدى الموظفين، وتبرز القيادة التحويلية القيم الشخصية للمرؤوسين، وتعززها في أنفسهم وتنقلهم من مستوى إلى مستوى أعلى من سقف الاحتياجات والتطلعات.