أوكل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحابي عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بإمارة غزوة ذات السلاسل، وجعل تحت إمرته العديد من الصحابة والسابقين في الإسلام، ولم يؤمّر النبيّ عليهم عمرو بن العاص؛ لأنّه يفوقهم علماً بأمور الدين، بل لأنّه يفوقهم علماً بأمور الحرب، وفنون القتال والنزال والمناورة، بالرغم من أنّه لم يمض على إسلامه أكثر من 5 أشهر، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: "لقد ولّيته؛ لأنّه أبصر بالحرب".
ويظهر جلياً يا أحبة ما يتمتع به الصحابي الجليل من فائق قدرته بإتقان ما يكلف به، لذا كان اختيار المصطفى عليه السلام له دون غيره، فصفة الاتقان صفة من أراد النجاح والتقدم وهو أيضاً أحد أسباب الرزق والتوفيق في الحياة.
وتكون البركة في الرزق أحبتي هي جزاء من يتقن عمله فالقليل بين يديه يكون كثير، ويقيه الله ويحميه من شر نفسه ومن شر الخلق وييسر له أموره ويدبرها له.
فأين ذلك الموظف من يتأفف ويستعجل في إنجاز عمله، وغير المنتظم في مواعيد عمله وتأخير مصالح الناس، والباحث عن أي مهرب لتشتيت الوقت وإضاعته بلا هدف وطوال الوقت متذمر من قلة الراتب، أو الأعباء الملقاة على عاتقه التي لا ينجزها أساساً، كيف لا ينظر لحال عمله فيتقنه ويزيح ببركة الاتقان كل ما يتعبه، لم لا يتنبه أن عطاؤه واتقانه هو درب استقراره ونجاحه.
لنجني ثمار الاتقان ولا ننسى قول الحبيب صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".