جار التحميل...

°C,

أخلاقيات المهنة الإعلامية ما بين البيئة التقليدية والبيئة الجديدة

إن غالبية المواثيق الأخلاقية الإعلامية يضعها الإعلاميون أنفسهم عبر المجالس المهنية أو المؤسسات الإعلامية، لتحسين جودة المضمون الذي تقدمه وسائل الإعلام، ولمواجهة أزمة المصداقية، ولتجنب إصدار قوانين تؤثر على حرية الإعلام، ولتحسين صورة وسائل الإعلام أمام جمهورها.
وفي البيئة الإعلامية الجديدة أصبح هناك تزايد نحو استخدام الإنترنت كوسيلة للتواصل وتبادل المعلومات باستمرار في حياة الناس من هواة مؤثرين ومختصين في شتى مجالات المعرفة، وعلى الرغم من أن الإنترنت أزالت حواجز الزمان والمكان في التفاعلات البشرية في القيام بالنشر؛ بل والبث المباشر وساعدت في الحصول على المعلومات والأخبار بسهولة، وبتكلفة منخفضة نسبياً، إلا أن التحدي الأكبر يكمّن في الإشكاليات الأخلاقية والمهنية التي نتجت عن هذه البيئة الرقمية الجديدة.

وإن مجمل الحقوق التي يطالب بها الإعلاميون في البيئة التقليدية تنطبق على الإعلاميين العاملين في البيئة الجديدة سواء أكانت حقوقاً مهنية أو سياسية أو ثقافية أو مادية أو معنوية، فضلاً عما تضيفه عليهم خصوصية البيئة الإعلامية الجديدة من حقوق مثل حرية التعبير وحرية الوصول إلى مصادر المعلومات والحق في التواصل التفاعلي والفوري مع جمهورها.

فالقيم المهنية والأخلاقية والواجبات المنوطة بالصحافيين في البيئة التقليدية، تنطبق بشكل أو آخر على العاملين في البيئة الرقمية انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية، والاختلاف بينهما يتمثل إما في كيفية ممارسة هذه الواجبات، أو في تكليفهم بواجبات أخرى مشتقة من طبيعة العمل في البيئة الرقمية.

وقد حددت العديد من المؤسسات الإعلامية الدولية "جمعية رؤساء تحرير الصحف الأميركية" مجموعة من المعايير المهنية والأخلاقية التي تحكم سلوك العاملين فيها، وتشمل سياسات تتعلق بقبول الهدايا أو تكليفات خارج الدوام الرسمي، وهناك حالات طرد فيها مراسلون لأنهم أقاموا علاقات مع المصدر، أو استغلوا معلومات لتحقيق منفعة ذاتية.  

ومن المعايير التي حددتها أيضاً مواثيق الشرف الدولية أن المبادئ الأخلاقية التقليدية يجب أن تطبق في الفضاء الإلكتروني، فلا ينشر الصحافي ما لا يرتضي نشره في الصحيفة الورقية، وعلى الصحافي أن يتحمل مسؤولية كل ما يكتبه حتى إذا كانت صفحة الصحافي شخصية بسبب صعوبة الفصل بين الفضاء الشخصي والفضاء العمومي، ولا يجب نشر المعلومات الحصرية على وسائل الإعلام الرقمي، بل على موقع المؤسسة الإعلامية.

كما أن هناك بعض المؤسسات الإعلامية العربية حددت ضوابط الاستخدام والمشاركة الشخصية لصحافييها على مواقع الشبكات الاجتماعية عبر الإنترنت. 

وبالتالي ضرورة إخضاع هذا النوع الجديد من الإعلام لضوابط قانونية، تترتب مسؤوليات على مستخدميه حال مسهم بحقوق الأفراد والجماعات، إلا أن الإشكالية تتعلق بالآلية التي يتم من خلالها المتابعة القانونية لذلك، ولا سيما أن مستخدمي الإعلام الجديد لا تحكمهم منطقة جغرافية واحدة وإنما يتحركون وينشطون في فضاء رمزي لا واقعي، مما يبرر الحاجة لنظام قانوني إقليمي دولي بحكم هذه المساءلة، وعلى المنظومة الأخلاقية والمهنية لأصحاب تلك المدونات والمواقع التزامهم بميثاق الشرف الإعلامي الذي يشكل حصانة للفرد والمجتمع. 

ويجب أن يكون الإعلام في خدمة المجتمع من خلال الالتزام بالمعايير المهنية من قول الحقيقة والدقة والموضوعية والتوازن والابتعاد عن نشر كل ما يؤدي إلى ارتكاب الجريمة وإشاعة الفوضى أو توجيه الإهانات إلى الأفراد أو الأقليات، وأن تدخل الإعلام يجب أن يكون لتحقيق المصلحة العامة.

June 23, 2022 / 10:22 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.