إن من أبسط أشكال تكريم التجربة الإنسانية للاجئين، أن يكون حديثنا عن اللاجئ في يومه العالمي وفي كل يوم مختلفاً عما هو سائد، متجاوزاً نظرة العطف والمطالبة بالحقوق الأساسية التي تمده بأدنى أساسيات الحياة، إلى الحديث عنه بصفته الإنسانية الشاملة، هذه الصفة التي تحدد طريقة تعاطينا وشراكتنا معه ونظرتنا إليه، والمقصود بالنظرة الإنسانية الشاملة هنا هي أن تكون حقوقه شاملة غير محدودة بصفته كلاجئ.
والحديث عن حقوق اللاجئين، هو حديث ينبع من كونهم شركاء لنا في كل جزئية من جزئيات الحياة، لا في أساسيات العيش فقط، فهم ليسوا حالة استثنائية نتعامل معها بشكل موسمي، بل هم من العناصر المكونة للمشهد الحضاري الذي تفاخر به الإنسانية؛ وهذا ما لمسناه في كل رحلة من رحلات الدعم التي انتقلنا فيها إلى خيام اللاجئين، وشاهدنا نماذج من جمعيات ومؤسسات قامت وبنيت بأيدي اللاجئين تمارس نشاطات شاملة مثل التعليم والفنون والابداعات الحرفية وغيرها من المجالات التي تضاف إلى خانة الابداع.
لقد حان الوقت أن يكون الطعام والشراب والمأوى والتعليم والصحة أساسيات مؤمنة ومستدامة للاجئين، هذه حقوق طبيعية واضحة لكل إنسان لا تقبل التأويل ولا ينبغي استنزاف الوقت للمطالبة بها، فاللاجئون شركاؤنا في الحياة بخيراتها وما فيها من نعم وبمهمة بنائها وتعميرها، ولا ينتقص من هذه الشراكة كونهم لاجئين، فهم لم يختاروا اللجوء ولا يجوز أن يدفعوا أثماناً مضاعفه مقابل ما فرض عليهم من معاناة.
لقد حان الوقت لوضع منهج مستدام ومتطور لوصول اللاجئ إلى منابع الحياة الطبيعية مثل الفنون والآداب والمسرح والسينما والتعبير عن المواهب واكتشافها ورعايتها؛ وأن يكون هذا التوجه في قلب برامج منظمات العمل الإنساني، من أجل أن نستشعر عملياً معنى "الإنسانية المشتركة" التي تجمعنا.
هذا التوجه السامي كرَّسته إمارة الشارقة بكل فخر، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة القلب الكبير، منذ انطلاق المؤسسة ووضع استراتيجياتها وبرامجها.
لقد أنتج اللجوء وما يصاحبه من كفاح في سبيل الحياة، نماذج ملهمة لعلماء وأدباء وشعراء وفنانيين، وما زلنا حتى اليوم نستلهم من إبداعاتهم نظرتنا للحياة وطريقة تذوقنا لها، ولعل أول ما يجب أن نفكر به ونحن نتذكر هؤلاء اللاجئين المبدعين هو أننا مدينون لهم بجزء كبير من وجداننا، ومدينين لهم بما يستحقون من تقدير وطريقة تعامل لا تمس جوهرهم الإنساني.
رسالتنا في "يوم اللاجئ العالمي" تتلخص في أن اللاجئ من حقه أن يتمتع ويستفيد من كل الإبداعات البشرية، لأنه أحد صناعها، وأن يكون لديه فرصة التعبير عن موهبته، وأن ينظر إليه من زاوية إيجابية حضارية على أنه طاقة بشرية عامرة بالإمكانات الإبداعية الخلاقة، والمهارات التي لا غنى للأمم عنها في تحقيق ازدهارها وتنميتها.