خلال نمو الطفل وخاصة في السنوات الأولى من حياته، قد يقارن الوالدين بين طول أطفالهم وبقية الأطفال في نفس العمر، لكن متى نحكم على الطفل بأن طوله طبيعي أو بأنه أقصر من الأطفال في سنه؟ وهل هذا القصر في الطول نتيجة لسبب عضوي أو طبي؟
وعادة، ينمو الطفل ويزداد طوله بشكل كبير في أول سنتين من حياته، ثم يتباطأ نموه حتى يصل إلى سن البلوغ، وخلال فترة البلوغ، يزداد الطول مرة أخرى بشكل كبير خلال فترة قصيرة، وهذا ما يسمى "طفرة النمو" growth spurt ".
ويمكن للوالدين متابعة نمو الطفل خلال كل زيارة للطبيب لتتبع تقدمه في النمو، ولمعرفة ما إذا كان هناك زيادة في الطول أو إذا كان طول الطفل طبيعياً بالنسبة لعمره، حيث يقوم الطبيب أو الممرضة بقياس طول الطفل ثم يقارنونه مع طول الأطفال الآخرين من نفس العمر والجنس، فإذا كان الطفل أقصر بكثير من الأطفال الآخرين من نفس العمر والجنس، فإن الأطباء يطلقون على هذه الحالة مصطلح "قصر القامة".
أما إذا كان الطفل يعاني من قصر القامة، فليس بالضرورة معاناته من مشكلة طبية أو عضوية، فبعض الأطفال لديهم قصر في القامة لأسباب معينة، منها على سبيل المثال:
1- أحد الوالدين أو كلاهما قصير القامة.
2- إن النمو لدى هؤلاء الأطفال بطيء، وأن (طفرة النمو) لديهم متأخرة قليلاً عن باقي الأطفال.
3- إن طفرة النمو لديهم حدثت مبكراً وفي سن أصغر بالنسبة لباقي الأطفال، لذلك قد يكونون أطول منهم في البداية وبعدها تحدث طفرة النمو لباقي الأطفال ويصبحون أطول.
4- قصر القامة بلا سبب محدد أو مجهول السبب، بالرغم من تمتع الطفل بصحة جيدة.
ومن ناحية أخرى، قد يكون قصر القامة سببه مشكلة طبية، وقد توجد حالات معينة يكون فيها الطفل أقصر من المعتاد، كالتالي:
1- الطفل نحيف جداً.
2- أمراض الجهاز الهضمي، أو القلب أو الرئتين أو الكلى أو الدم.
3- حالة تسمى "نقص هرمون النمو" (growth hormone deficiency)، حيث يساهم هذا الهرمون في نمو الأطفال والزيادة في الطول.
4- الإصابة بأمراض جينية تؤدي إلى قصر القامة.
كما ذكرنا سابقاً، قد يكون قصر القامة أمراً طبيعياً و من الممكن عدم وجود سبب معين له، ولكن من ناحية أخرى قد يكون القصر سببه حالة معينة أو مشكلة طبية، لذلك من الأفضل استشارة الطبيب في حالة الشك بأن الطفل أقصر عن المعتاد، فسيقوم الطبيب بالسؤال عن التاريخ الشخصي والمرضي للطفل بالإضافة إلى التاريخ العائلي، وسيتطرق إلى طول الوالدين و طول أفراد الأسرة الآخرين.
كما سيقوم بفحص الطفل سريرياً للكشف عن أي علامات على الطفل، ومن ثم قد يقوم بإجراء بعض الفحوصات منها:
1- فحص الدم للكشف عن مستوى هرمون النمو عند الطفل (growth hormone).
2- الأشعة السينية (X-ray) للمعصم أو الرسغ للمساعدة في معرفة عمر العظام وإذا ما كان يتوافق مع عمر الطفل الحالي.
إن علاج قصر القامة لدى الأطفال يعتمد على السبب الذى أدى إليه، فإذا كان هناك مشكلة طبية فسيقوم الطبيب بمناقشة أنواع العلاج المتاحة، على سبيل المثال، إذا كان قصر القامة سببه انخفاض في مستوى هرمون النمو لدى الطفل، فسيقوم الطبيب بالمعالجة عن طريق إعطاء الطفل حقن هرمون النمو يومياً لسنوات عديدة، و يمكن أيضاً استخدام هرمون النمو لعلاج الأطفال الذين لا ينمون بشكل طبيعي بسبب بعض الحالات الطبية الأخرى طويلة الأمد.
والجدير بالذكر أنه يمكن للوالدين مساعدة طفلهم الذي يعاني من قصر القامة بحرصهم على حصول الطفل على تغذية صحية متكاملة، وكذلك مساعدة الطفل على الشعور بالرضا عن نفسه، وعدم التركيز على طوله، بل التركيز على نقاط قوة الطفل والإشادة بمواهبه.