لاشك أن التأتأة أو التلعثم عند الأطفال يحدث نتيجة اضطراب في الكلام، بحيث يجد الأشخاص الذين يتلعثمون صعوبة في التحدث بطلاقة، فيقومون بتكرار أو إطالة كلمة أو مقطع لفظي، ويبقى أن التلعثم شائع بين الأطفال الصغار كجزء طبيعي من تعلم الكلام، ويتغلب معظم الأطفال على هذا التلعثم، لكن في بعض الأحيان يكون التلعثم حالة مزمنة تستمر حتى مرحلة البلوغ، وقد يكون يكون لهذا النوع من التلعثم تأثير على احترام الذات والتفاعل مع الآخرين.
الأسباب:
يواصل الباحثون دراسة الأسباب الكامنة وراء التلعثم أاثناء نمو الطفل، تشمل الأسباب المحتملة للتلعثم ما يلي:
1- خلل في التحكم في الكلام مثل التوقيت والتنسيق الحسي والحركي.
2- الوراثة والجينات ، حيث أن وجود فرد مصاب بالتلعثم يزيد من فرص حدوثه.
3- إصابات الدماغ أو اضطرابات الدماغ الأخرى.
4- الاضطراب العاطفي أو التوتر والضغط ، حيث يمكن أن يؤدي الإجهاد في الأسرة، أو التوقعات العالية من الوالدين، أو أنواع الضغط الأخرى إلى التلعثم أو تفاقمه.
5- صعوبات الكلام التي تظهر بعد الصدمة العاطفية (التلعثم النفسي) لكنها غير شائعة.
6- تأخر نمو الطفولة، قد يكون الأطفال الذين يعانون من تأخر في النمو، أو مشاكل أخرى في الكلام أكثر عرضة للتلعثم.
المضاعفات:
يمكن أن يؤدي التلعثم إلى:
•مشاكل التواصل مع الآخرين أو القلق بشأن الكلام.
•عدم التحدث أو تجنب المواقف التي تتطلب الكلام.
•فقدان المشاركة الاجتماعية، أو المدرسية أو العمل والنجاح.
•التعرض للمضايقة أو التنمر.
•احترام متدني للذات.
التشخيص:
يتم التشخيص من قبل أخصائي أمراض النطق واللغة عن طريق التاريخ الصحي الشخصي، والعائلي للمصاب بالإضافة إلى طرح أسئلة حول بداية التلعثم، ومدى تأثيره على حياة الطفل مثل العلاقات مع الآخرين، والأداء المدرسي، وكذلك يتم الفحص السريري للمصاب، حيث يطلب منه التحدث أو القراءة بصوت عالٍ لمراقبة الاختلافات الدقيقة في الكلام، لتأكيد التشخيص، و للتفريق بين تكرار المقاطع واللفظ الخاطئ للكلمات، التي تكون طبيعية عند الأطفال الصغار، بالإضافة إلى استبعاد الحالة الطبية، التي يمكن أن تسبب الكلام غير المنتظم مثل متلازمة توريت.
الطرق العلاجية:
بعد تقييم شامل من قبل أخصائي أمراض النطق واللغة ، يمكن اتخاذ قرار بشأن أفضل نهج علاجي، حيث تتوفر عدة طرق مختلفة نظراً لاختلاف المشكلات والاحتياجات الفردية ، قد لا تكون الطريقة أو مجموعة من الأساليب مفيدة لشخص ما بنفس الفعالية بالنسبة لشخص آخر.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد لا يزيل العلاج جميع حالات التلعثم، ولكن يمكنه تعليم المهارات التي تساعد على تحسين طلاقة الكلام، وتطوير التواصل الفعال، والمشاركة الكاملة في المدرسة والعمل والأنشطة الاجتماعية.
والجدير بالذكر، أنه تم تجربة بعض الأدوية للتلعثم، إلا أنه لم يتم إثبات فاعلية الأدوية في حل المشكلة.
تتضمن بعض الأمثلة على مناهج العلاج ما يلي:
1-علاج النطق: يمكن أن يتعلم المصاب كيفية إبطاء الكلام، وتعلم ملاحظة التلعثم، حيث يتحدث المصاب ببطء شديد وبشكل متعمد عند بدء علاج النطق، ولكن بمرور الوقت يمكن العمل على أسلوب التحدث الطبيعي.
2-الأجهزة الإلكترونية: تتوفر العديد من الأجهزة الإلكترونية لتعزيز الطلاقة، حيث تتطلب ردود الفعل السمعية المتأخرة إبطاء كلامك، وإلا سيبدو الكلام مشوهًا عبر الجهاز، كذلك يمكن ارتداء بعض الأجهزة الإلكترونية الصغيرة أثناء الأنشطة اليومية، يمكن استشارة اختصاصي أمراض النطق واللغة للحصول على إرشادات بشأن اختيار الجهاز.
3-العلاج السلوكي المعرفي: يمكن أن يساعدك هذا النوع من العلاج النفسي على التعرف على طرق التفكير التي قد تجعل التلعثم أسوأ وتغييرها، ويمكن أن يساعد أيضاً في حل مشاكل التوتر، أو القلق أو احترام الذات المتعلقة بالتلعثم.
4-التفاعل بين الوالدين والطفل: تعد مشاركة الوالدين في ممارسة الأساليب في المنزل جزءاً أساسياً لمساعدة الطفل على التعامل مع التلعثم ، حيث ينصح باتباع إرشادات اختصاصي أمراض النطق واللغة لتحديد أفضل علاج للطفل، وفيما يلي بعض النصائح التي قد تعين الوالدين على مساعدة الطفل المصاب بالتلعثم:
1-الاستماع باهتمام للطفل والمحافظة على التواصل بالعين عندما يتحدث.
2-انتظار الطفل والصبر عليه حتى يقول الكلمة، التي يحاول أن يقولها وعدم إكمال الجملة أو الفكرة بالنيابة عنه.
3-تخصيص وقت كافي للتحدث إلى الطفل دون تشتيت الانتباه.
4-التحدث ببطء وبطريقة غير مستعجلة، فغالباً ما يفعل الطفل الشيء نفسه، مما قد يساعد في تقليل التلعثم.
5-تناوب الأدوار في الحديث مع الطفل بحيث يشارك كل فرد في العائلة، على أن يكونوا مستمعين جيداً وأن يتناوبوا على التحدث معه.
6-الحرص على الهدوء وخلق جو مريح وهادئ في المنزل بحيث يشعر الطفل بالراحة في التحدث بحرية.
7-عدم التركيز على تلعثم الطفل، مع محاولة عدم لفت انتباهه إلى التلعثم أثناء التفاعلات اليومية.
8-عدم تعريض الطفل للمواقف التي تخلق إحساساً بالإلحاح أو الضغط أو الحاجة إلى التسرع، أو التي تتطلب من الطفل التحدث أمام الآخرين.
9-تقديم المديح بدلاً من النقد، فمن الأفضل مدح الطفل على تحدثه بوضوح، بدلاً من لفت الانتباه إلى التلعثم، وعند تصحيح كلام الطفل يجب أن تكون الطريقة لطيفة وإيجابية.