يعد مرض السكري من النوع الثاني عبئاً صحياً عالمياً يؤثر على أكثر من 425 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وتعتبر العوامل الوراثية ونمط الحياة - بما في ذلك النظام الغذائي - من أهم أسباب الإصابة بالمرض.
وخلال العقود الماضية تغير تكوين النظام الغذائي للإنسان - مثل الكربوهيدرات والدهون والفيتامينات - بشكل كبير مما ساهم في زيادة وتيرة الإصابة بالسكري.
وفيتامين (أ) هو أحد عناصر نظامنا الغذائي والذي يتم الحصول عليه من الحيوانات أو النباتات وتخزينه في الكبد، حيث يتم إفرازه لاحقاً في الدم.
ويعتبر فيتامين (أ) مركباً أساسياً ومهماً لنشاط العين، في التمايز الخلوي، والجهاز المناعي، ونظام الدفاع ضد الإجهاد التأكسدي.
إن علاقة فيتامين (أ) مع مرض السكري من النوع الثاني لا تزال مثار جدل بين العلماء، حيث وجدت بعض الدراسات ارتفاع مستويات فيتامين (أ) في الدم عند مرضي السكري أو السمنة في حين أظهرت دراسات وبائية أخرى نتائج متناقضة، والأهم من ذلك، أن هناك بعض الأدلة العلمية من تجارب أجريت على الفئران تدل على أن فيتامين (أ) ينشط إفراز الأنسولين في خلايا البنكرياس.
وفي ظل هذه المعطيات لا يزال الباحثون يعكفون على إيجاد دليل علمي يربط بين فيتامين (أ) والإصابة بمرض السكري.
وفي دراسة حديثة أجريت في معهد الشارقة للأبحاث الطبية التابع لجامعة الشارقة وجد الباحثون أن مستويات فيتامين (أ) في الدم بين مرضى سكري إماراتيين كانت منخفضة بشكل ملحوظ مقارنةً بأشخاص أصحاء، وهو اكتشاف قد يفتح الباب أمام علاجات جديدة لمرض السكري.
كما لاحظت الدراسة أن المصابين بارتفاع ضغط الدم كانت لديهم مستويات أقل من فيتامين (أ) مقارنةً بالأشخاص ذوي ضغط الدم الطبيعي، ولم تلحظ الدراسة أي اختلاف في مستويات فيتامين (أ) بين الرجال والنساء.
كما لوحظ أن العلاقة بين مستويات فيتامين (أ) مع بعض المؤشرات السريرية مثل معدل السكري التراكمي، ومحيط الخصر، والدهون الثلاثية، ومؤشر كتلة الجسم كانت علاقة عكسية، بمعني أنه كلما انخفضت مستويات فيتامين (أ) كلما ازدادت تلك المؤشرات، وأيضاً ارتبطت مستويات فيتامين (أ) عكسيا مع تقدم العمر والذي قد يُعزى إلى التغيرات الفسيولوجية والمرضية المختلفة المرتبطة عادةً بالعمر.
كما تم التحقق مما إذا كانت الأدوية الخافضة لسكر الدم أو الدهون والتي يتناولها مرضى السكري بشكل مستمر تؤثر على مستويات فيتامين (أ) في الدم، حيث لم يسجل أي تأثير لتلك الأدوية على مستويات فيتامين (أ).
ويرى الباحثون أن أهمية هذه الدراسة تنبع من أنها تشير إلى أن نقص فيتامين (أ) - الموجود في الكبد وزيوت السمك ومختلف الفواكه والخضروات - قد يلعب دوراً بالإصابة بمرض السكري.
كما أنها تنوه بشكل غير مباشر إلى أن فيتامين (أ) قد يكون مفيداً لمرضى السكري خاصة من خلال المكملات الغذائية، حيث أنه من غير المحتمل أن يحصل المرء على الكثير من فيتامين (أ) من المصادر الغذائية وحدها، ومع ذلك فإن المستويات الزائدة من فيتامين (أ) قد تكون محفوفة بالمخاطر، حيث ترتبط بهشاشة العظام ومشاكل صحية أخرى.
ويعتبر هذا البحث الأول من نوعه حيث تم دراسة مستويات فيتامين (أ) في عينة تمثيلية مقطعية جيدة التوصيف من السكان المحليين الإماراتيين حيث تم جمع البيانات السريرية مثل قياسات الجسم واختبارات الدم والمعلومات الديموغرافية من جميع المشاركين. ان الآلية الكامنة وراء انخفاض مستويات فيتامين (أ) في مرضي السكري ليست مفهومة بشكل جيد إلى الآن.
ومع ذلك، فإن الكثير من الأدلة تشير إلى أن فيتامين (أ) يلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على كتلة ووظيفة الخلايا المفرزة الأنسولين من خلال منع موت الخلايا، كما أنه يلعب دوراً وظيفياً في تنظيم توازن الطاقة ومنع السمنة ومقاومة الأنسولين.
وتدعم نتائج هذه الدراسة إلى ضرورة البحث بشكل أفضل على دور فيتامين (أ) في وظيفة خلايا البنكرياس ودوره في تطور مرض السكري، كما أنها تمهد الطريق لاستخدام النظام الغذائي كعلاج للمرض ومضاعفاته أو تبني استراتيجية وقائية قبل تطور المرض، وأيضاً تشجع هذه الدراسة الجمهور على تغيير نمط حياتهم إلى نظام غذائي متوازن.
إضافة قد يكون لهذه الاستراتيجية تأثير اجتماعي واقتصادي كبير في الإمارات العربية المتحدة حيث معدل انتشار مرض السكري من النوع الثاني يشهد ارتفاعاً ملحوظاً حيث تسعى المؤسسات الصحية في الدولة للتدخل لإبطاء تزايد عدد المصابين بمرض السكري.
أين يوجد فيتامين (أ)؟
يوجد فيتامين (أ) النقي (الريتينول) أساساً في مصادر الحيوانات الدهنية مثل اللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان، كما تحتوي المصادر النباتية مثل الجزر والسبانخ على مادة فيتامين (أ) قابلة للذوبان في الماء تسمى بيتا كاروتين، ومعدل الاستهلاك اليومي الموصي به للبالغين هو 800 ميكروغرام بينما للأطفال 400 ميكروغرام.
أسباب نقص فيتامين (أ):
مرض السكري.
الشيخوخة.
النظم الغذائية غير المتوازنة.
إدمان الكحول.
ضعف امتصاص الدهون بسبب أمراض الجهاز الهضمي أو العقاقير الطبية.
الاستخدام المطول لمضادات الحموضة.
الحمل والرضاعة (يجب ألاّ تستهلك المرأة الحامل أكثر من 1000 ميكروغرام).