جار التحميل...
وفي هذا السياق، تتجلى إمارة الشارقة بوصفها نموذجاً رائداً في دعم رياضة المرأة انطلاقاً من الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تمكين المرأة وتعزيز دورها في مختلف القطاعات، ومن بينها القطاع الرياضي، وقد أدرك سموه منذ وقت مبكر أهمية تأسيس منظومة رياضية متكاملة تُعنى بتطوير الرياضة النسائية وتعزيز مشاركتها الفاعلة.
جاءت البداية الفعلية لترسيخ الرياضة النسائية في إمارة الشارقة عام 1982 من خلال إنشاء نادي المنتزه للفتيات، الذي يُعد أول نادٍ رياضي مخصص للمرأة في الإمارة، وقد شكّل هذا النادي خطوة مفصلية؛ إذ وضع حجر الأساس لأول منظومة رياضية نسائية فتحت الآفاق أمام تطوير رياضة المرأة في بيئة داعمة ومحفزة للنمو المستدام.
وقد وجدت هذه المبادرة الرائدة دعماً مباشراً من قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، التي شكّلت ركيزة أساسية في دفع مسيرة الرياضة النسائية في الإمارة، من خلال رعاية هذه المبادرات وتوجيهها نحو التوسع المؤسسي المستدام، كما تُوّجت هذه الجهود بتأسيس مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة عام 2016 بموجب مرسوم أميري بكونها جهة حكومية مختصة تُعنى بتطوير رياضة المرأة في الإمارة، ونشر الثقافة الرياضية المجتمعية، إضافة إلى اكتشاف المواهب وصقلها بما يسهم في بناء جيل من الرياضيات القادرات على المنافسة ورفع راية الوطن.
وتسعى المؤسسة تحت قيادة قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إلى بناء منظومة رياضية متكاملة للمرأة تتجاوز الحدود المحلية لتصل إلى الساحة العربية والدولية؛ إذ تركز على استراتيجية شاملة تدمج بين اكتشاف المواهب الواعدة وتطويرها، إضافة إلى تنظيم "دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات" كل عامين، والتي تُعد نموذجاً حياً لكيفية تحويل الأحلام الرياضية إلى واقع ملموس يجمع بين الريادة المحلية والتأثير الإقليمي.
تُمثل دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات حدثاً استراتيجياً يتجاوز حدود المنافسة الرياضية التقليدية؛ فهي تشكل منصة متكاملة لتمكين المرأة العربية رياضياً واجتماعياً، وقد أسهمت الدورة في خلق واقع جديد للرياضة النسائية عربياً؛ إذ تسعى بثبات نحو مواصلة الارتقاء بمستوى اللاعبات العربيات، كما تشكل إضافة بالغة الأثر في تطوير رياضة المرأة العربية والارتقاء بها إلى أعلى المستويات بما يمكّن اللاعبات من خوض المحافل الدولية والوصول إلى منصات التتويج.
شهدت دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات منذ انطلاقها في عام 2012 نمواً مستمراً وتطوراً ملحوظاً في عدد الألعاب والمشاركات؛ فقد انطلقت الدورة بخمس رياضات فقط، ثم توسعت تدريجياً لتشمل في نسختها السابعة لعام 2024 ثماني ألعاب متنوعة، ما يعكس حرص القائمين على تنويع المنافسات وتلبية مختلف اهتمامات اللاعبات.
وسجلت نسخة 2024 نجاحاً بارزاً بمشاركة 560 لاعبة و63 فريقاً يمثلون 15 دولة عربية، مما يدل على تزايد الإقبال وثقة الأندية والاتحادات الرياضية في أهمية هذا الحدث، كما تنوعت فعاليات الدورة على مدار 12 يوماً؛ إذ شملت ألعاباً جماعية مثل؛ كرة السلة، وكرة الطائرة التي تعزز روح الفريق والتعاون، إلى جانب ألعاب فردية مثل؛ الطاولة، والرماية، والقوس والسهم، وألعاب القوى، والكاراتيه، والمبارزة، والتي تركز على المهارات الفردية والتنافسية للرياضيات.
حظيت دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات باعتراف رسمي واسع من المؤسسات الرياضية العربية، كما حظيت بدعم واعتماد اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية والعديد من الجهات الرياضية الرسمية المعترف بها على المستوى الإقليمي، ويعزز هذا الاعتراف من مكانة الدورة بكونها من أهم المحافل الرياضية النسائية في المنطقة، ويضمن استمراريتها بكونها منصة دائمة لتطوير قدرات الرياضيات العربيات، وتعزيز التبادل الثقافي والرياضي بين الدول المشاركة.
تتميّز الدورة بالاستعداد المتقن والبنية التحتية المتطورة، ففي منافسات الدورة السابعة جرى تجهيز ثماني منشآت رياضية متخصصة موزعة على مناطق مختلفة في إمارة الشارقة لضمان أفضل الظروف للمنافسات، وقد راعت اللجنة المنظمة أعلى مستويات السلامة والأمان في جميع المرافق، بالإضافة إلى توفير كافة الخدمات اللوجستية والتنظيمية التي تضمن سير المنافسات بسلاسة وتميّز، وهذا يوفر بيئة مثالية للاعبات لإظهار أفضل ما لديهن من قدرات ومهارات رياضية.
تلعب الدورة دوراً محورياً في إعادة تشكيل الصورة النمطية حول المرأة العربية في المجال الرياضي؛ إذ تسلط الأضواء على إنجازات وقدرات الرياضيات العربيات بطريقة تفاعلية ومباشرة أمام الجمهور العربي، وبذلك تصبح هذه المنافسات بمثابة منصة حية لإثبات التفوق الرياضي النسائي، الأمر الذي يساهم في بناء جسور الثقة بين المجتمع والمرأة الرياضية، ويمهد الطريق أمام الفتيات الصغيرات لرؤية أنفسهن كرياضيات محترفات في المستقبل.
وختاماً، تبقى هذه المبادرة الرائدة بمثابة نافذة مضيئة تطل على مستقبل واعد لرياضة المرأة العربية؛ فهي تحمل في طياتها رسالة قوية مفادها أنَّ الاستثمار في الطاقات النسائية يثمر نجاحات حقيقية، ويساهم في بناء جيل جديد من البطلات العربيات المتميّزات.
المراجع
[1] sws.gov.ae, رؤية رياضية طموحة وتمكين متكامل
[2] sharjahevents.ae, دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات
[3] sharjah24.ae, الشارقة تستضيف أكبر حدث رياضي عربي للمرأة بمشاركة 14 دولة