جار التحميل...
يقع مسجد النور في منطقة المجاز بالقرب من حديقة النخيل، ويتميّز بإطلالته الرائعة على كورنيش بحيرة خالد، ويُفتح أبوابه للمصلين المسلمين، ويُتيح لغير المسلمين زيارته للتعرف إلى الثقافة الإسلامية بعد التسجيل المسبق لدى مركز الشارقة للتواصل الثقافي، ويُشترط ارتداء ملابس محتشمة تغطي الكتفين والركبتين، وتتوفر عباءات للزائرين يمكن استعارتها أثناء الزيارة.
كما يُعد المسجد ثمرة من ثمار رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد دُشّن في ديسمبر 2004، وحرص سموه على أداء صلاة الجمعة الأولى فيه، وأوقف مكتبة مجهزة تضم مئات المراجع المهمة في العلوم الإسلامية، وتأتي هذه المبادرة ضمن جهوده الرامية إلى تعزيز مكانة الشارقة بعدّها عاصمة للثقافة الإسلامية بتشييد مساجد تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
تستعرض السطور التالية أبرز الجوانب المعمارية والفنية التي تجعل من مسجد النور معلماً معمارياً مميّزاً يجسد روعة الطراز العثماني:
يستمد مسجد النور روعته من فن العمارة العثمانية القديمة، فهو يشبه في تكوينه المعماري مسجد محمد علي باشا بالقاهرة والجامع الأزرق بإسطنبول، وتبرز براعة هذا النمط المعماري في توازنه بين الجمال البسيط والدقة الهندسية، مع تحقيقه للاحتياجات العبادية وإثارة المشاعر الروحية وإبراز اللمسات الجمالية في آن واحد.
تتربّع على قمة مسجد النور مجموعة من القباب المركبة، تتوسطها قبة رئيسة ضخمة يبلغ ارتفاعها 35 متراً وقطرها 16 متراً، وتحيط بها أنصاف قباب، ومجموعة قباب صغيرة يصل عددها إلى 32 قبة، وتشمخ على جانبيه مئذنتان يصل ارتفاع كل منهما إلى 55 متراً، وتمثل هذه العناصر المعمارية سمة مميّزة للطراز العثماني الذي يتسم بتعدد القباب وترتيبها على نحو متناسق.
تزدان جدران المسجد وأعمدته وأسقفه بنقوش وزخارف إسلامية غاية في الدقة والجمال، وتتنوع بين الخط العربي، وآيات قرآنية، وأشكال هندسية متداخلة، وتتميّز هذه الزخارف بتوازنها وانسجامها، ما يعكس براعة الفنانين والحرفيين الذين أبدعوها، وتظهر روعة هذه النقوش على نحو خاص في المحراب المجوف المكسو بالرخام الفاخر وفي المنبر الخشبي عالي الجودة.
تضيء المسجد ثريا مركزية مصنوعة من الكريستال يبلغ قطرها ستة أمتار وارتفاعها تسعة أمتار، إضافة إلى أربع ثريات في أركان المسجد، وتضفي هذه الإضاءة المميّزة رونقاً خاصاً على المكان، وتُبرز تفاصيل الزخارف والنقوش الداخلية، وتخلق أجواءً روحانية تساعد على الخشوع والتأمل، وتعكس الاهتمام بأدق التفاصيل في تصميم هذا الصرح المعماري الفريد.
يمتد مسجد النور على مساحة إجمالية تبلغ نحو 20 ألف متر مربع، ويشغل المسجد منها 2500 متر مربع، ويتسع إلى نحو 2500 مصلٍ في قاعة الرجال، إضافة إلى مصلى واسع للنساء في الطابق الأول يتسع إلى 500 مصلية، وتتوافر مواقف للسيارات تستوعب ما يزيد عن 500 مركبة، ويضم المسجد مرافق خدمية متنوعة تشمل دورات مياه، ومواضئ، وسكناً للإمام والمؤذن.
يتحول مسجد النور ليلاً إلى لوحة فنية ساحرة بفضل نظام الإضاءة المتطور الذي يبرز تفاصيل القباب والمآذن والزخارف الخارجية، وتنعكس هذه الأضواء على صفحة مياه بحيرة خالد لترسم لوحات مبهرة تخطف الأنظار، وقد عمل فنانون عالميون على تصميم إضاءة خاصة متعددة الألوان تضفي على المسجد حلة بهية تبرز مكانته بعده معلماً معمارياً فريداً يجمع بين عبق التاريخ وجمال الحاضر.
يُعد مسجد النور أول مسجد في الشارقة يفتح أبوابه للزوار والمقيمين من غير المسلمين، ما يتيح لهم فرصة التعرف إلى الدين والثقافة الإسلامية وجمالياتها المعمارية، ويسهم في تعزيز الحوار بين الثقافات ونشر قيم التسامح والانفتاح، وقد دخل المسجد موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2014 لاحتوائه على أكبر صندوق زكاة خشبي، ما زاد من شهرته وجاذبيته بعدّه معلماً سياحياً إسلامياً يستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
ختاماً، يمثل مسجد النور تحفة معمارية تجسد روعة الفن الإسلامي وأصالة الطراز العثماني، ويُعد إضافة مميّزة لمدينة الشارقة التي اشتهرت بمساجدها وعمارتها الإسلامية، ويرمز إلى اهتمام الشارقة بالحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية، ويشكل وجهة سياحية وثقافية تستحق الزيارة والتأمل.
المراجع
[1] rakpolice.gov.ae, جامع النور بالشارقة
[2] sharjahevents.ae, مسجد النور
[3] sgmb.ae, الشارقة تحتضن أكثر من 3000 مسجد ومصلى تُشكل أيقونات هندسية وتتفرد بطرزها المعمارية
[4] sharjahevents.ae, الوجهات السياحية