الشارقة تواكب متطلبات العصر بترسيخ استراتيجية التعلم مدى الحياة

يُعرف التعلّم مدى الحياة أو التعلّم المستدام بأنّه النهج الذي يهدف إلى إنشاء نظامٍ تعليميّ يمنح الأفراد المهارات والأدوات التي تُمكّنهم من النموّ في مجاليْ التعلّم والمعرفة بدافعٍ ذاتيّ ومستمرٍ وشامل؛ دون حصر التعلّم في مكانٍ ما كالمؤسسات التعليمية الأساسية "المدارس والجامعات" أو ضمن زمنٍ ما كمرحلتي الطفولة والشّباب أو ضمن مجالاتٍ وموضوعاتٍ معيّنة أو ضمن فئاتٍ مجتمعية محددة.

وتشتمل السياسات التي تتخذها الإمارة لتعزيز هذه الاستراتيجية على:

إنشاء مشروعات التعلّم المستدام

تلتزم مؤسسات الشّارقة ومراكزها التعليمية في إنشاء المشروعات التعليمية التي تعتمد النهج المُستدام إلى حدٍ بعيد؛ فيبرز في هذا الشأن مثلاً مركز الشّارقة لصعوبات التعلّم، الذي يُعنى بتوفير التعليم المُلائم للأفراد من ذوي صعوبات التعلّم على غِرار ما يحصل عليه أقرانهم العاديين من تعليم، إلى جانب الاستعانة بأبرز الممارسات العالمية لتأهيل الكوادر التعليمية المتخصّصة في هذا المجال.

وقد حاز مشروعٌ للمركز تحت عنوان "مختبر محاكاة ذوي صعوبات التعلم" على جائزة التعليم المستدام، فيُمكن به مساعدة المعلّمين والمختّصين والعائلات على فهم احتياجات أبنائهم الطلبة من ذوي صعوبات التعلّم على نحو مبتكر، وبالتالي تعزيز قدراتهم اللازمة لخلق أساليب تعليمية فعّالة تُلائمهم.

وتضمّ الشّارقة أيضاً مراكز التعليم المستمرّ والتطوير المهنيّ التي تُعنى بتقديم التعليم عبر البرامج التدريبية وورش العمل والدبلومات المهنية للفئات كافة؛ الطلّابِ، والموظّفين، والعاملين في المهن التشغيلية والمساندة، وتهدف هذه البرامج التدريبية إلى إنشاء مجتمعٍ من المتعلّمين المبدعين القادرين على الابتكار وتطوير مهاراتهم باستمرار إلى ما بعد انتهاء تدريباتهم فيها، ومن أبرز هذه المراكز: مركزيْ التعليم المستمر والتطوير المهنيّ في جامعة الشّارقة، وفي هيئة الشّارقة للتعليم الخاص، ومركز التعليم المستمر والتطوير في الجامعة القاسمية.

وتُعدّ مكتبات الشّارقة العامّة تطبيقاً آخرَ لاستراتيجية التعلّم مدى الحياة في الشّارقة، وذلك بوصفها مصدراً أساسياً ومستداماً لتقديم المعارف والعلوم الشّاملة عبر المطبوعات أو التكنولوجيا إلى مختلف الفئات العمرية وكذلك الأفراد من ذوي الإعاقة، بما يُسهم في مكافحة الأمية وتعزيز التعلّم المُستدام، وجديرٌ بالذكر بأنّ المكتبات تضمّ ما يزيد على ستة ملايين كتاباً ما بين الكتب المطبوعة والإلكترونية، فضلاً عن احتوائها على المخطوطات والكتب الصوتية وغيرها.

تنظيم مبادرات تُعزّز التعلّم مدى الحياة

تُنظّم المؤسسات الحكومية المختصة في الشّارقة عدداً من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز التعلّم المُستدام، من أبرزها المبادرات التي تُعنى بتعليم كبار السّن ومحو الأمّية، ومن ذلك مبادرة "مناهج العلم نور" التي أصدرها مجلس الشّارقة للتعليم، التي اشتملت على مناهج دراسية لكبار السّن طوّرها أكاديميون مختّصون وخبراء في موضوعات اللّغة العربية والرّياضيات والمهارات الاجتماعية بما يُحقّق الاستدامة في التعليم.

توجد أيضاً المبادرة التي نظّمتها دائرة الخدمات الاجتماعية في الشّارقة تحت عنوان "العلم نور"، وقد تضمّنت إنشاء فصولٍ تعليميةٍ لكبيرات السن بدءاً من سنّ 60 عاماً لتعليم اللّغة العربية والرياضيات والدراسات الاجتماعية فضلاً عن عقد جلساتٍ لتحفيظ القرآن الكريم، بهدف التأكيد على أهمية التعليم المستمرّ.

تنظيم الملتقيات والندوات التي تُعزّز التعلّم المستدام

تُنظّم الشّارقة عدداً من الملتقيات والندوات التي تُعنى بالبحث في سبل تعزيز التعلّم المستدام ومواجهة التحدّيات المرتبطة بتطبيقه، مثل: آثار الحروب المسلّحة على المنطقة، ومن ذلك الملتقى العلميّ العربيّ الأوّل الذي جاء تحت عنوان "التعليم الأمنيّ المستدام تحديات وحلول" الذي نظمته أكاديمية العلوم الشرطية بالشارقة برعاية سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة.

وقد بحث الملتقى استراتيجيات التعليم العربيّ المستدام، وأكّد على أهمية الاهتمام بالبحث العلميّ بعده وسيلةً لتحقيق التنمية الوطنية الشّاملة، وبوصفه أداةً من أدوات التعلّم المستدام؛ فهو يُشجّع الأفراد على الاستكشاف المستمرّ، وعلى التعلّم الذاتيّ والمستقلّ، وكذلك يربط التعليم بقضايا المجتمع الواقعية على نحو يُمكّن من مواكبتها واكتساب معلوماتٍ عنها باستمرار.

كما تضمّنت قمّة الشّارقة الدولية لتطوير التعليم المُنعقدة هذا العام موضوعاتٍ تهدف إلى توضيح مفهوم التعلّم المستدام في ظلّ عصر الذكاء الاصطناعيّ، وسبل الاستفادة من هذه التقنية التكنولوجية الحديثة في تقديم المعارف والموارد العلمية على نحو مستمرّ ودائم، ويصل إلى مختلف شرائح المجتمع في الوقت نفسه.

ونظّم مجلس الشّارقة للتعليم مؤتمر (ركائز) الثالث عن التعليم المستدام، الذي ناقش مختلف الجوانب المتعلقة بالتعليم المستدام، وسبل تطويره وتنميته، والتحديات التي يواجهها، إلى جانب مناقشة المؤتمر سبل إعداد أفراد المجتمع وإكسابهم المهارات والمعارف التي تُمكّنهم من مواكبة التطوّرات المجتمعية ومواجهة التحدّيات.

ختاماً، تُعدّ استراتيجية التعلّم مدى الحياة من الاستراتيجيات المهمّة التي تُقلّل من الفجوة التعليمية بين أفراد المجتمع بمنحهم جميعاً الفرصة للتعلّم، وتُمكّن في الوقت نفسه الأفراد من التكيّف المستمرّ مع التغيرات المجتمعية في المجالات المختلفة بما يُحقق التنمية الشّاملة.

المراجع

 [1] sgmb.ae, سلطان القاسمي يشهد افتتاح قمة الشارقة الدولية لتطوير التعليم في دورتها الرابعة
 [2] og.shj.ae, إنشاء مركز الشارقة لصعوبات التعلّم
 [3] sharjah.ac.ae, مركز التعليم المستمر والتطوير المهني
 [4] psa.ac.ae, أخبار الاكاديمية
 [5] spea.shj.ae, مركز التعليم المستمر والتطوير المهني