جار التحميل...
وتسلط السطور التالية الضوء على أبرز الجهود والمبادرات التي تسهم في تشكيل هذه الهوية الفريدة:
يشكل التخطيط العمراني في الشارقة محركاً أساساً لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الهوية البصرية المميّزة للإمارة، لذلك تعمل دائرة التخطيط والمساحة بالشارقة على تصميم بنية تحتية جديدة تواكب التطورات العالمية مع الارتقاء بالموجود حالياً، وتنبع أهمية هذا النهج من كونه يجسد التكامل المثالي بين القطاعات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للشارقة، ويسهم في خلق نموذج عمراني فريد يعزز المكانة الريادية للشارقة بعدّها مدينة تجمع بين الأصالة والحداثة ضمن منظومة بصرية متناغمة.
تولي إمارة الشارقة اهتماماً كبيراً بالحفاظ على الهوية الثقافية العربية، والإسلامية، والتراثية المحلية في واجهات المباني؛ لذلك تشترط لوائح البناء في الإمارة ضرورة عكس التصاميم للطابع المعماري الأصيل، وتفرض مراعاة استخدام عناصر تراثية محددة، واختيار ألوان فاتحة من درجات اللون الأبيض ومشتقاته، لتتناسب مع البيئة المحلية وتُعبر عن الطابع الصحراوي للمنطقة، وذلك ضمن رؤية شاملة للتخطيط العمراني تهدف إلى خلق نسيج حضري متناغم يحترم الموروث الثقافي، ما يعزز الهوية البصرية المميّزة للإمارة على نحو متكامل ومتناسق.
وتقف متاحف الشارقة مثلاً شاهداً حياً على هذا النهج، حيث تعكس تصاميمها، وتفاصيل بنائها، الطابع المعماري والثقافي لإمارة الشارقة، وجهود الإمارة في الحفاظ على هويتها البصرية الأصيلة مع دمج عناصر الهندسة الحديثة، فيجد الزائر أنّ متاحف الشارقة غالباً ما تحتوي على عناصر مستوحاة من العمارة الإسلامية؛ مثل المشربيات، والمداخل المنحنية، وكذلك الأقواس، وغيرها، وفي الوقت نفسه تدخل في تصاميمها عناصر مثل؛ الخرسانة والزجاج ليُضفي طابعاً حديثاً.
تجسد مدينة الشارقة المستدامة، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، نموذجاً فريداً للدمج بين التراث والطبيعة في تصميمها المعماري، حيث تمَّ غرس أنواع أشجار تشكل جزءاً مهماً من التراث الإماراتي، كشجر الغاف والنخيل في مختلف أرجائها لإضفاء إحساس بالأصالة والانتماء، ودُمجت المناطق الخضراء بالوحدات السكنية العصرية بشكل متقن يعزز المشهد الجمالي للمكان، ويخلق هوية بصرية متميزة تعكس روح الشارقة وتراثها الأصيل.
يشكل مهرجان أضواء الشارقة أحد أبرز ملامح الهوية البصرية المميّزة للإمارة؛ فهو يحول أشهَر الصروح المعمارية والمعالم التراثية إلى لوحات ضوئية مبهرة تجمع بين الأصالة والإبداع الفني، وتستقطب هذه الفعالية الأسرية أكثر من نصف مليون زائر سنوياً لمشاهدة العروض المتحركة الملونة المستوحاة من العلوم والمعرفة والإبداع.
كما تتوزع الإسقاطات الضوئية واسعة النطاق على مواقع متعددة في الإمارة من بينها؛ قناة القصباء، ومسجد النور، وواجهة المجاز المائية، مما يسهم في تسليط الضوء على المعالم المعمارية البارزة وإبراز جمالياتها بطريقة عصرية مع الحفاظ على روحها التراثية الأصيلة.
تبرز واجهة المجاز المائية كأحد أهم المعالم التي تسهم في تكوين الهوية البصرية المميّزة لإمارة الشارقة، فهي تمتد على مساحة شاسعة تبلغ 231 ألف قدم مربع مع إطلالات خلابة على بحيرة خالد، وتتميّز هذه الوجهة السياحية الفريدة بتصاميمها المعمارية المبتكرة التي تعكس روح الثقافة المحلية وتاريخ الإمارة العريق، فضلاً عن المناظر الطبيعية المتناسقة التي تضفي جمالاً بصرياً استثنائياً على المكان.
وتضم أيضاً عناصر متنوعة تشكل معاً لوحة بصرية متكاملة مثل نافورة الشارقة الموسيقية، والمسجد ذي الطابع المعماري المتميز، وحديقة مرايا للفنون، ما يجعل هذا المشروع الذي أطلقته هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" في عام 2010 نموذجاً مثالياً لكيفية دمج العناصر المعمارية، والطبيعية، والفنية في نسيج بصري موحد يعزز الهوية الثقافية والجمالية للإمارة.
ختاماً، تقدم تجربة الشارقة نموذجاً ملهماً للمدن الساعية إلى التوازن بين الأصالة والمعاصرة، فقد استطاعت الإمارة بالرؤية الحكيمة لقائدها صاحب السمو حاكم الشارقة وبسياسات منظمة وإدارة ثقافية واعية، أن تخلق مشهداً حضرياً وبصرياً يحتفي بالتراث دون إعاقة التطور، ويحقق الاستدامة دون التضحية بالهوية، ما يرسخ مكانتها بصفتها منارة تلهم المخططين والمصممين في العالم.
المراجع
[1] supc.shj.ae, نبذة عن المجلس
[2] portal.shjmun.gov.ae, لائحة شروط ومواصفات البناء في إمارة الشارقة
[3] sharjahsustainablecity.ae, مدينة الشارقة المستدامة تعيد تصميم الحاضر لضمان مستقبلٍ أفضل
[4] sharjahevents.ae, مهرجان أضواء الشارقة
[5] almajaz.ae, واجهة المجاز المائية