تاريخ نصب المقاومة وأهميته: شاهد على البطولات والتضحيات

تاريخ نُصب المقاومة: تكريم شجاعة أهالي خورفكان

نُصب المقاومة (Resistance Monument) مَعلَم بارز في مدينة خورفكان الساحلية، جرى افتتاحه يوم السبت الموافق للثالث عشر من أبريل عام 2019؛ بتوجيهات من صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة؛ تخليداً للبُطولات المَلحَمية والتضحيات التي قدَّمها أهالي المدينة؛ دِفاعاً عنها ضدّ الغزو البرتغالي عام 1507.

ويُشار في هذا الصدد إلى أنّ هذه البطولات والتضحيات بُذِلت عندما بدأ البرتغاليون بتوسيع نفوذهم والسيطرة على مناطق في الخليج العربي والمحيط الهندي؛ بهدف التحكُّم في المراكز التجارية المُزدهِرة، وطرق التجارة، وكانوا قبل وصولهم إلى خورفكان قد سيطروا على بلدات عِدَّة، مثل: سقطرى، وقلهات، وصحار.

وكانت خورفكان في تلك الفترة قد جذبت أنظار البرتغاليين إليها؛ لما كانت تتمتَّع به من أهمِّية تجارية، وخاصَّةً أنّها كانت تُمثِّل مركزاً تجارياً مُهِمّاً يضمّ ميناء تتوقَّف فيه الكثير من السُّفن التي تُبحِر في المنطقة.

وفي تاريخ 21 سبتمبر من عام 1507، وصل البرتغاليون إلى ميناء خورفكان على متن ستّ سُفُن حربية بقيادة الجنرال البحري البرتغالي دي ألبوكريك، وكانوا مُجهَّزين بالأسلحة والعتاد، بينما كانت خورفكان في تلك الفترة مُحاطَة بسور دِفاعي منيع بسُمك 1.5 متر قُرب الجبال، وتصل أطرافه إلى جهة البحر باتِّجاه الشرق؛ إذ حرص أهالي المدينة على تعزيز الحماية بإنشاء الحُصون المُطِلّة على الساحل، إلى جانب الأبراج الدفاعية على الجبال والتلال.

رفض أهالي خورفكان الاستسلام طواعية للغزو البرتغالي، وقاوموهم على مدار يومَين ألحقوا بهم خلالهما الخسائر باستخدام أسلحتهم البسيطة من سُيوف وسِهام وقتال على ظهر الخيول، وعلى الرغم من أنّ البرتغاليّين استخدموا نيران المدافع لقصف المدينة، وسيطروا عليها بعد عناء شديد، فإنَّهم لم يتمكَّنوا أبداً من التغلُّب على شجاعة أهاليها وقوة عزائمهم؛ إذ فدَوها بأرواحهم ودمائهم.

وحرصاً من إمارة الشارقة، بقيادة صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، على أن تبقى هذه الواقعة في الذاكرة، جاء أمر سُمُوّه بتأسيس نُصب المقاومة الذي لا يقتصر دوره اليوم على كونه مُجرَّد نُصب تذكاري، وإنَّما هو امتدادٌ للتفكُّر في بطولات الماضي وتضحيات الأجداد، ومركز للتعلُّم واكتساب المعرفة؛ للاستفادة منها في تقوية مشاعر الانتماء والولاء للوطن، والارتقاء بالحاضر والمستقبل. 

تأسيس نصب المقاومة في خورفكان

في 20 يناير عام 2015، وضع صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، حجر الأساس لمبنى نُصب المقاومة في خورفكان، بحضور حَشد غفير من سُكّان المدينة والمسؤولين، وخلال المراسم، ألقى سُمُوّه كلمةً عن تاريخ خورفكان، وشجاعة أهلها في الدفاع عن مدينتهم.

وذكر سُمُوّه في معرض حديثه أنّ "هذه البلدة ورغم ما عانته من صنوف الذلّ والطواعية لسلمت من أوّل وصول، لكنّها أبَت إلّا أن تقاوم؛ لهذا، لا بُدّ أن تُكرَّم هذه البلدة بشيء يكون جزءاً من تاريخها العظيم، في هذا المكان، سيُقام مُلتقى في صالة كُبرى نعرض فيها هذه القصَّة بشريط سينمائي يروي الحكاية، وليس الحكاية لمَن كانوا هنا، ولكن ستُروى إن شاء الله للعالم أجمع".

وتجدر الإشارة إلى أنّ نُصب المقاومة يقع على قِمَّة جبلية عند مدخل مدينة خورفكان، على مساحة 393 متراً، وتحديداً في منطقة القادسية، مقابل مَعلَم سارية العلم على ضفاف ميدان خورفكان، وهو يخضع لإدارة هيئة الشارقة للمتاحف، ويتميَّز بتصميمه الشبيه بالخوذة، وفيه استراحة للزُّوّار، وصالة زجاجية يمكن من خلالها الاستمتاع بإطلالة بانورامية على خورفكان وجمالها الساحر.

ويضمّ نُصب المقاومة أيضاً ردهة بمساحة 898 متراً، وفيها صالتان؛ الأولى مُخصَّصة للعُروض السينمائية، وتتَّسِع لأكثر من 40 شخصاً، والثانية تحتضن مُقتنَيات ومعروضات تتحدَّث عن الحَدَث التاريخي الذي شُيِّد لأجله نُصب المقاومة؛ كالصور، ونماذج الأدوات التي استخدمها سُكّان خورفكان في القرن الرابع عشر؛ للدفاع عن مدينتهم في وجه الغزو البرتغالي.

معلومات أخرى عن نُصب المقاومة في خورفكان

من أبرز الأنشطة التي يمكن ممارستها عند زيارة نُصب المقاومة في خورفكان مشاهدة فيلم "خورفكان 1507" الذي يروي قصَّة البطولات والتضحيات التي قدَّمها أهالي خورفكان ضدّ غزو البرتغاليين، وتتوفّر في المبنى مرافق عِدَّة تُوفِّر تجربة غامرة ومُريحة للزُّوّار؛ كالمصاعد، ومنصَّة الكراسي المُتحرِّكة، ومتجر الهدايا، ومقهى، وخدمة الواي فاي، ومواقف السيّارات.

أمّا أوقات زيارة نُصب المقاومة في خورفكان، فتمتدّ من الساعة 8 صباحاً وحتى 8 مساءً من السبت إلى الخميس، ومن الساعة 4 مساءً وحتى 8 مساءً يوم الجمعة، ويتميَّز هذا المَعلَم البارز بأنّ الدخول إليه مجّاني ولا تُستَوفى فيه أيّ رسوم. 

المراجع

 [1] visitsharjah.com, Khorfakkan
[2] visitsharjah.com, Resistance Monument
[3] sharjahmuseums.ae, Resistance Monument
[4] sheikhdrsultan.ae, سلطان: مبنى نصب المقاومة يبرز للعالم تاريخ خورفكان
[5] sheikhdrsultan.ae, نصب خورفكان والذاكرة الوطنية
[6] sgmb.ae, ‘Narratives of the Place’ recreates Khorfakkan’s valiant resistance against the invaders