جار التحميل...
تعد مدينة خورفكان مركز المنطقة الشرقية في إمارة الشارقة، وتتميز بموقعٍ استراتيجي على الساحل الشرقي للإمارة والمطل على خليج عُمان، على بُعد 137 كيلومتراً تقريباً باتجاه الشرق من العاصمة مدينة الشارقة، وتقع مدينة خورفكان على حدود إمارة الفجيرة، تحديداً في منتصف المسافة بين دبا والفجيرة، وهي من أشهر المدن الساحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتمتع بجمال الطبيعة والمقومات السياحية، ويقطنها 53 ألف نسمة بحسب نتائج تعداد إمارة الشارقة 2022، مما يجعلها ثاني كبرى المدن في الإمارة من حيث الكثافة السكّانيَّة بعد العاصمة الشارقة.
وبالنسبة إلى الطقس في مدينة خورفكان، فتسودها أجواء معتدلة، وهو ما يميزها عن مناطق أخرى في الإمارة؛ والسبب في ذلك يعود إلى موقعها المُطِلّ على بحر العرب المفتوح على المحيط الهنديّ، أما ارتفاعها فيبلغ 20 متراً فوق مستوى سطح البحر.
وتُعدّ خورفكان كبرى المُدن على الساحل الشرقي، وقد حباها الله بجمال الطبيعة الخلابة، والتي من مظاهرها الجبال التي تحيط بها من ثلاث جهات، وتتفاوت في ارتفاعها بين الجبال منخفضة الارتفاع (10-50 متراً)، والمتوسطة الارتفاع (50-200 متر)، وعالية الارتفاع (200 متر فأكثر)، ويُعدّ جبل القادسية أعلى جبل في خورفكان، وتحيط بشواطئ المدينة غابات أشجار المرخ، والسدر، والغاف، والرمث، ومزارع تضمّ محاصيل عديدة من الحمضيات، والموز، والبرتقال، والمانجو.
يعود السبب في تسمية خورفكان بهذا الاسم إلى وقوعها على خليج يبلغ قطره 4 كيلومترات تقريباً، ممّا يجعل من المدينة خَوراً يوجد في أولهِ وآخرهِ رأسان داخليان يقعان في البحر، ويشبهان في شكلهما الفكَّين، ومن ذلك اكتسبت خورفكان اسمها (أي خَوراً له فكّان)، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أنّ ابن بطوطة هو من أطلق عليها هذا الاسم، وقد زار خورفكان قرابة العام 1350 ميلاديّة، وذكرها في كتابه "رحلة ابن بطوطة".
وتُعدّ خورفكان من مدن الإمارات التي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد، وهذا ما أثبتته التنقيبات الأثرية عام 1995، والتي أسفرت عن اكتشاف مستوطنة يعود تاريخها إلى الألف الثانية قبل الميلاد، كانت مُشيّدة على سفوحٍ جبليةٍ بجوار البحر، وقد ضمّت بيوتاً مستطيلة الشكل استخدم المستوطنون الأحجار المحلية في بنائها، وكشفت التنقيبات الأثرية في خورفكان كذلك عن أدواتٍ عُثِر عليها في بيوت المستوطنة، كانت تُستخدم في الحياة اليومية، مثل: أواني الفخار، وأوانٍ أخرى من الحجر الصابونيّ الناعم، وأدوات معدنيَّة، وأدوات لصيد الأسماك، وغيرها للطَّحن.
وعلاوةً على ذلك، فقد كشفت تنقيبات أثرية أخرى معلوماتٍ عمّا كانت عليه خورفكان في العصور الإسلامية؛ حيث كشفت في أحد جبال المدينة عن أطلالِ قلعةٍ، ومساكنَ، وحوضِ ماء، ومسجدٍ، كما عُثِر من خلال تنقيبات قرب مدخل ميناء خورفكان على مساكِنَ، ووُرَش للتَّصنيع، ومَبانٍ احتوت فخّارياتٍ يعود تاريخها إلى القرون 14-16 الميلادية، وهي مستوردة من إيران، والصين، وبورما، وتايلاند، بالإضافة إلى فخّاريات صفراء مُزجَّجة من القرن 13 الميلاديّ مستوردة من اليمن، وأدوات أخرى معدنية وزجاجيَّة، مثل: الأواني، والأسوِرَة، ممّا يدلّ على المكانة التجارية المهمة التي حَظِيت بها خورفكان في العصور الإسلامية الوُسطى.
في عام 1507، تعرّضت مدينة خورفكان للغزو البرتغاليّ، وقد عُرِفت خلال تلك الفترة بأهميتها التجارية؛ بسبب موقعها، إذ كانت السفن تتوقَّف في مينائها خلال الرِّحلات البحرية، وقد قاوم سكّان خورفكان هذا الغزو، وضَحّوا بحياتهم للدفاع عن المدينة، وتكريماً لما قدَّموه من تضحيات وصمود؛ فقد وَصّى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، ببناء مبنىً لأهل خورفكان يُعرَف باسم نُصب المُقاوَمَة، والذي باتَ من أهمّ معالم المدينة.
يُطلَق على خورفكان لقب "عروس الساحل الشرقي"؛ لما تتمتَّع به هذه البقعة الجغرافيَّة من إمارة الشارقة من جمال الطبيعة؛ فخورفكان معروفة بالشَّواطئ المُغطّاة بالرِّمال الناعمة البيضاء القريبة من المياه، والتي تتراوح ألوانها بين الزرقة والاخضرار، فضلاً عن إحاطة المناظر الطبيعية الخلابة بها من مختلف الجهات؛ من وديان، وجبال شاهقة، وساحلٍ شاسع، وغيرها من التضاريس المُتنوِّعة.
وقد أثبتت خورفكان أحقِّيَّتها بلقب "عروس الساحل الشرقي" عندما حازت لقب أفضل مدينة سياحيَّة لعام 2023، وذلك بعد تنافسها مع عدد من كُبرَيات المُدُن السياحيَّة العربيَّة، وظفرت بجدارة بهذه الجائزة من تنظيم الاتِّحاد العربيّ للإعلام السياحيّ ضمن فعاليات بورصة برلين للسياحة في ألمانيا، ممّا يُثبت ويُؤكِّد ما تتمتَّع به من مكانة مُتميِّزة على خارطة السياحة محلِّياً، وإقليميّاً، وعالَميّاً.
في مدينة خورفكان العديد من المعالم الأثرية، والثقافية، والترفيهية، والسياحية وغيرها، ومن أبرزها ميدان خورفكان الذي يتميَّز بسارية علم دولة الإمارات على ارتفاع يزيد عن 75 متراً، بالإضافة إلى وادي شيص الواقع بين جبال الحجر، والذي يُعَدّ مَلاذاً للباحثين عن الهدوء وسط الطَّبيعة، أمّا استراحة السُحُب فتُمكِّن لزُوّارها مشاهدة المدينة من جهاتها كلِّها من ارتفاع 600 متر، إلى جانب سوق شرق الذي يُمثِّل وجهةً مهمَّة لكلِّ مَن يرغب في الشُّعور بعَبَق الماضي.
ومن معالم خورفكان الأخرى برج العدوانيّ الذي كان منارة لميناء المدينة، ويتميَّز عن أبراج الخليج الأخرى بعدم استخدام الأخشاب في بنائه، بينما تضمُّ قرية نجد المقصار بيوتاً يعود تاريخها إلى قرابة قرن من الزمن، ونقوشاً أثريَّة يعود تاريخها إلى 2000 عام قبل الميلاد، وبالنسبة إلى حصن خورفكان فهو موطن للمُقتَنَيات الأثريَّة التي عُثِر عليها في المنطقة.
وهناك أيضاً مدرج خورفكان الذي حُفِر في سفح جبل السيِّدة، ويتَّسِع لما يزيد عن 3500 شخص، أمّا سدّ الرفيصة فيُعَدّ من أنسب الوجهات العائلية في المدينة، ويمكن لزُوّاره تجربة التَّجديف بقوارب الكاياك، بينما يشتهر مسجد سالم المطوع بالمئذنة الشَّبيهة بالقوس، فضلاً عن أنَّه بُنِي قبل قرنَين من الزَّمانِ.
[1] visitsharjah.com, Khorfakkan
[2] visitsharjah.com, Geography & Environment
[3] كتاب إمارة الشارقة
[4] dhm.gov.ae, بوابة بلدية الذيد، المجلس البلدي لمدينة الذيد يزور “مدينة خورفكان”
[5] mcy.gov.ae, موقع خورفكان
[6] أطلس السياحة الجيولوجية في الإمارات
[7] sharjahmuseums.ae, Resistance Monument
[8] sgmb.ae, سلطان بن أحمد القاسمي يشهد حفل إعلان نتائج "تعداد الشارقة 2022"