إن الاتصال من أقدم المهارات البشرية التي عرفها التاريخ، وسعى من خلالها الفرد إلى بناء المجتمعات الأولى وتنظيم العلاقات بينها وتحديد المسؤوليات والتواصل مع المجتمعات البشرية الأخرى، حتى وصل بها إلى هذا المستوى الذي نشهده اليوم من الحداثة. فخلال هذه المسيرة كان الاتصال حاضراً بشكل دائم، وكان عاملاً حاسماً في صناعة منجزات الشعوب والتعبير عنها.
واليوم، ونحن على أبواب الدورة الـ13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، نستطيع القول بثقة إن الاتصال يعطي الثروة البشرية المؤهلة القوة اللازمة لتحقيق المنجزات وتجسيد الطموحات الشخصية والعامة.
ومهما امتلكت الكوادر البشرية من مهارات، فستبقى محدودة الفعالية بدون إتقان مهارة الاتصال بأدواته الحديثة، مما ينعكس على التنمية والتطور والرقي الاجتماعي، لذلك دخل الاتصال في منظومات المفاهيم الحديثة، مثل المهارات الناعمة، والمهارات الاجتماعية والمهنية، وأصبحت الحكومات تركز بشكل رئيسي على بناء هذه المهارة لدى أفراد مجتمعاتها منذ المراحل العمرية الأولى.
ويخصص المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته هذا العام مساحة واسعة للأطفال والشباب على حد سواء، فمهارة الاتصال يجب أن تكون مكوناً أصيلاً في شخصية الفرد وثقافته وممارساته، وهذا يعني أن يبدأ الاهتمام بغرسها منذ الصغر في وعي الأجيال الجديدة، وأن تستمر عملية صقلها وتطويرها بدون توقف.
في زمن التنافسية والانفتاح أصبحت العلاقات بين الأمم والثقافات تتسم بتنافسية شديدة. ومع ظهور ثقافات دخيلة لا تتناغم مع خصوصيات المجتمعات المختلفة، تواجه هذه العلاقات تحديات كبيرة. فرغم أن الاقتصاد القوي، والثقافة العريقة، والقيم النبيلة تعد من ركائز قوة الأمم، إلا أن تأثيرها يظل محدودًا إذا لم تكن مدعومة بقدرة عالية على الاتصال الذي يشكل ثروة وطنية وقومية تعزز من قوة وتأثير تلك الركائز.
ويبقى التقدم محدوداً إذا لم يتم دعمه بجيل متمكن من مهارات التخاطب والتأثير وبناء العلاقات البناءة الذي يعكس تقدم بلاده، ويترجم قيمها النبيلة.
For an optimal experience, please
