جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

وتؤخذ الدنيا غلاباً: دروس من لاجئي غزة

19 يونيو 2024 / 1:44 PM
صورة بعنوان: وتؤخذ الدنيا غلاباً: دروس من لاجئي غزة
download-img
ليس حق اللاجئين والنازحين أن ندعمهم ونوفر لهم احتياجاتهم الأساسية فقط، بل من حقهم علينا أيضاً، أن نعترف بقدرتهم على العطاء، وأن نأخذ منهم ونتعلم منهم الكثير من الدروس والعبر الإنسانية.
لذا وبمناسبة اليوم العالمي للّاجئين، لن نتحدث عنهم كما اعتدنا في كل مرة، لن نتحدث عن حقوقهم ودور مؤسسات العمل الإنساني، أو مشاريعنا المستقبلية، على أهميتها طبعاً، بل سنسرد حكاياتهم لنتعلم نحن دروس الإصرار في الحياة، وتوفير عوامل استمرارها حتى من العدم، لنثبت أن الأشياء البسيطة في حياتنا اليومية، والتي قد نمر عليها بدون تقدير، تصبح مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم، وأن جوهر الحياة ليس فيما نملك، بل في الإرادة التي صنعت الحياة على مر التاريخ.

في غزة النازحة، وفي مساحات اللجوء المستمرة، نتعلم دروساً تفوق ما يمكن تقديمه في هذه المقالة، فكل لحظة أمل هي درس، وكل تعبير عن التمسك بالحق في الحياة هو درس، وكل مبادرة فردية أو جماعية هي درس. ففي غزة المحاصرة، الممنوعة من كل شيء؛ من الغذاء والدواء ومصادر الطاقة، من البيوت ومراكز الإيواء ومرافق الدعم المجتمعي، من مكان آمن تستظل به العائلات والأطفال.. تعلّمنا كل شيء.

لطالما تحدثنا عن أهمية التعليم في تمكين اللاجئين وتحسين جودة حياتهم وضمان مستقبل أفضل لهم ولأطفالهم، لكن مبادرات التعليم في غزة، والتي تتم بدون دعم وإمكانيات، كشفت عن أساليب جديدة للتعليم غير المتعارف عليها. 

فعلى سبيل المثال "نور نصار" معلمة فلسطينية، أطلقت مبادرة "مدرسة على الطريق" تضع العلم والأمل والمستقبل في حقيبة تحتوي على أدوات تعليم بسيطة، تحملها في كل مكان تنزح إليه مع عائلتها، حيث تجمع الأطفال على قارعة الطريق، وتحولها إلى منصة مصغرة أمام الأطفال الذين تحرص "نور" ألا تتلاشى علاقتهم بالتعليم، على الرغم من كل المخاطر التي قد تنجم عن جمع عدد من الأطفال في مكان واحد تحت احتمالات القصف والقتل.


أما المبادرة الأكثر إدهاشاً فهي مبادرة الدعم النفسي التي نفذها مجموعة من الشباب الذين يتنقلون بين مراكز الإيواء في الخيام ومدارس وكالة غوث اللاجئين وساحات المستشفيات، وينفّذون برامج ترفيهية  للنازحين وبشكل خاص الأطفال، ومن المعروف أن من يقدِّم الدعم النفسي هم أناس يأتون من خارج ساحة المأساة والصراع، وليس ممن  يواجهون الويلات ليل نهار؛ فكيف لمن  كانوا شهوداً على المجازر والجثث المنتشرة في الأحياء والشوارع !، ومن شهدوا بأعينهم خسارة عائلاتهم وأحبتهم،  ما زالوا يمتلكون من القوة والقدرة ما يخففون به المعاناة النفسية عن الآخرين من حولهم. 

إن دروس غزة لا تتوقف عند حد، ومبادرات أبنائها وبطولاتهم المجتمعية أكثر مما يمكن إحصاؤه؛ فإلى جانب التعليم والصحة النفسية، يخرج من بين مشاهد الموت والدمار طفل يبتكر ويخترع بأدوات بسيطة طرقاً لشحن الهواتف النقالة، أو تشغيل الأجهزة المنزلية البسيطة، ورجل يقدم حلولاً لتحلية مياه البحر، وآخر يبتكر طريقة لإعداد الخبز والطعام، وكل هذا يُصنع من العدم وتحت ظروف شديدة الخطورة.

في يوم اللاجئ العالمي، نتعلم الدرس ممن يأخذون الدنيا غلاباً وليس بالانتظار والتمني، ونتعلم أن اللاجئ ليس بالضرورة أن يكون ذلك الشخص الضعيف المحتاج، بل قد يكون هو الأقوى برغم الظروف، وقد نكون نحن من نحتاج أن نلجأ إليه أحياناً.
June 19, 2024 / 1:44 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.