تشهد الأيام العشر تجمع أمهات العبادات من صلاة وصيام وصدقة وحج، فتصبح بذلك موسمًا مميزًا للخير والبركات. ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر" (رواه البخاري)، ما يجعلها فرصة ثمينة للتنافس في الأعمال الصالحة.
فضائل الذكر تتجلى في هذه الأيام، إذ يكون ذكر الله كالغيث الذي يروي القلوب ويطهر النفوس من الأدران. قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، فقال: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" (رواه أحمد).
يأتي الصيام كأحد أعظم القربات في هذه الأيام، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، كما جاء عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر" (رواه أحمد وأبو داود).
الأضحية تعتبر من العبادات المميزة في هذه الأيام، إذ تُعَدّ تجسيدًا للإخلاص والكرم، وتجلب الأجر الوفير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من وجد سعة لأن يضحي فلم يضح فلا يحضر مصلانا" (رواه أحمد وابن ماجه)، كما قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].
تتميز عشر ذي الحجة بأنها فرصة لإعادة ترتيب الحياة وتجديد العهد مع الله، والسعي لتحقيق رضا الله والبعد عن المعاصي. "اللهم اجعلنا من الذاكرين لك، الشاكرين لنعمك، المُكثرين من صالح الأعمال، العاملين بكتابك، والمتبعين سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعنا على صيامها وقيامها وتحقيق ما تمنينا من الخير فيها."
نُذكر أنفسنا بأن هذه الأيام ليست كغيرها، فكل لحظة فيها تساوي ذهبا، وكل ساعة هي فرصة للتقرب إلى الله. لنجعل من بيوتنا مساجد عامرة بالذكر والعبادة، ولنتخذ من هذه الأيام محطة للتوبة والإنابة إلى الله.
في الختام، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلنا من الفائزين في هذه الأيام المباركة، ويمن علينا بفضله ورحمته. لنعيش هذه الأيام بشغف وإيمان، ونسعى لنجعلها نقطة تحول نحو حياة مليئة بالطاعات والبركات.