جار التحميل...

°C,

الاتصال الحكومي ومهمات العصر

September 09, 2023 / 11:17 AM
ليس في الأمر مبالغة إذا قلنا: "إن الاتصال غيّر شكل العالم، وللتأكيد على دقة هذا القول نعود إلى المرحلة التي تم فيها اختراع المذياع"، كانت المرة الأولى التي أصبح الناس فيها يستمعون لمصدر إخباري وثقافي واحد، وبات الاتصال بين الجهات الرسمية وجمهورها فورياً، وما يجري في مكان ما من العالم يُعرف بنفس اللحظة من شعوب الدول الأخرى.
إن القفزة في أسلوب التواصل تجاوز تأثيرها ساحة الرأي العام، ووصل إلى حد المساهمة بصورة فعّالة في تشكيل الاحتياجات والذائقة العامة، والتي بدورها ساهمت في رسم مساحات حياتنا الاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية، إلى جانب القيم والمهارات، وغيرها من المظاهر التي لم تعد هي ذاتها بعد ظهور المذياع.

هذه الحقيقة التاريخية تجعلنا ندرك بأننا كصناع اتصال، ورثة منجز بشري جوهري وتحوّل تاريخي عظيم؛ تحوّل رسّخ المكانة والدور التاريخي لكافة أشكال التواصل، الأمر الذي يجعلنا نبحث دوماً عن كيفية تطوير أدائنا وعن المهام والمسؤوليات التي تقع على عاتقنا في كل مرحلة.

ولعل أول مسؤولية علينا تجاه الاتصال، هي وعي بحقيقة أن الاتصال الحكومي تطوّر عبر التاريخ وأصبح عملية مخططة ومدروسة ومنهجاً قائماً بذاته، له استراتيجياته بعيدة المدى، وأن الحكومات الآن والمجتمعات تضع ثقتها في فرق الاتصال الحكومي، ليكونوا منبعاً للأفكار والثقافات والمبادرات، وليس مجرد موظفين ينتظرون الخروج للجمهور بما يصلهم من دوائر صنع القرار.

إن هذا التحوّل يعني أن تتسع فرق الاتصال الحكومي، لتشمل خبراء مختصين في أهم منهجيات الاتصال الحديث، وأن تُبني شبكة من علاقات التعاون مع الخبراء والجهات ذات العلاقة بالتنمية والثقافة وعلوم الاجتماع والسلوك وغيرها من المجالات، وأن تبدأ هذه الفرق باختيار مهامها ووضع خططها واستراتيجياتها الشاملة، ليتحول دورها من ناقل للأحداث إلى صانع لها، ومن وسيلة لتعميم التوجهات وتعريف الجمهور بها إلى مؤسس ومساهم في تصميمها.

 وباختصار، لم تعد وظيفة الاتصال الحكومي تعميم الثقافة والتعريف بها، بل أصبحت صناعة هذه الثقافة التي تنسجم مع متطلبات المسيرة الكبرى للمجتمع والمبادرة إلى دعمها، وتهيئة المناخ لنجاحها عبر التعامل مع كافة العناصر، التي تؤثر فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.

ونحن في دولة الإمارات العربية المتحدة لدينا أكثر من غيرنا لنبادر إليه، فعلى سبيل المثال، وصلت مساعي القيادة لتمكين المرأة في الاقتصاد والمجتمع إلى مستويات متقدمة من الإنجاز، هنا علينا ومن باب الشراكة أن نطرح سؤالاً: ما هو المستوى القادم الذي نطمح إليه؟ 

ومن ثم نبادر من خلال الاتصال في رسم ملامحه وتحديد مساره، الأمر ذاته ينطبق على كافة عناصر الثروة البشرية وسبل تطويرها، لدعم مساعي الدولة نحو بناء منظومة الاقتصاد المعرفي والإبداعي.

ولعل خير مثال لما نطرحه هنا يتجسد في وظيفة المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، خلال دوراته الماضية، كان فريق التحضير للمنتدى يرصد تحولات ومتغيرات العصر، ويقيّم اتجاهاتها ويحيط بالقضايا التي يجب أن يتناولها في ظل كل ذلك.

 وفي دورته الحالية، يتناول المنتدى قضية قديمة ومتجددة وهي قضية الموارد والثروات واستثمارها في التنمية، ومن بين محاور المنتدى اخترنا استشراف ثروات المستقبل، وبهذا نحن ندمج الاتصال الحكومي في عملية قراءة وتحليل توجهات العلوم والابتكارات لنحاول بذلك تسليط الضوء على الثروات التي قد تنشأ، وتلك التي تتلاشى أو سيصبح دورها ثانوياً.
September 09, 2023 / 11:17 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.