"الشارقة للتراث" يصدر كتاب "رحلة كرستجي إلى الخليج" بنظرة نقدية

الشارقة 24:

أطلق معهد الشارقة للتراث إصداراً جديداً بعنوان "رحلة كرستجي إلى الخليج" من تأليف سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس المعهد، في قراءة نقدية معمقة لرحلة أحد الرحالة الهنود من أصل فارسي إلى منطقة الخليج أواخر القرن التاسع عشر، كاشفاً عن مضمون عنصري وتحامل طبقي في وصف العرب، ضمن سياق استشراقي تأثر بالرؤية الاستعمارية البريطانية.

ويأتي الإصدار ضمن منشورات المعهد للعام 2025، في 68 صفحة، ويُعد ثمرة رحلة ميدانية وثقافية قام بها المسلم إلى مدينة مومباي الهندية في يونيو الماضي، بحثاً في أرشيفها الحكومي عن الوثائق المتعلقة بالخليج، بالتعاون مع عدد من الأكاديميين، من بينهم الباحثة الدكتورة تشايا غوسوامي.

نص صادم ومشروع توثيقي

تعود بدايات المشروع إلى أكثر من عقدين، حين عثر الدكتور عبد العزيز المسلم على كتاب "أرض النخيل" في أحد المكاتب، ليُفاجأ بمضامين صادمة، وصف فيها الكاتب سكان الخليج بعبارات مشينة، منها: "معظمهم من العرب والفرس… يتميزون بطباعهم الفظة ومظاهرهم الشعناء… نادراً ما يغتسل هؤلاء الركاب، أو لا يغتسلون على الإطلاق".

كما وصف العمال بأنهم: "أشبه بجمهة من الصعاليك… ضجيج، قذارة، رؤوس شعناء… يشبههم الركاب بعلي بابا والأربعين حرامي"، هذه اللغة الحادة دفعت المسلم إلى التعمق في نص الرحلة وتحليل السياقات الثقافية والاجتماعية التي شكلت هذه النظرة المتحيزة تجاه سكان الخليج والمنطقة.

تحليل ثقافي لسياق استعماري

ويتناول الكتاب رحلة كرستجي من بومباي إلى البصرة، بين عامي 1916 و1917، في ذروة الحرب العالمية الأولى، حين كان النفوذ البريطاني يتصاعد في الخليج، ويقدم الرحالة وصفاً دقيقاً للموانئ والسكان والعادات والمظاهر الطبيعية والأساطير، لكن قراءته بعين نقدية تكشف عن منظور متحيز يعكس النظرة الاستعلائية التي سادت في الخطاب الاستشراقي البريطاني تجاه العرب في تلك الفترة.

إصدار يمثل مشروعاً مستمراً

وأكد الدكتور عبد العزيز المسلم أن: "هذه الإصدارات ليست مجرد أوراق مكتوبة، بل مشروع فكري يعكس التزام إمارة الشارقة ودولة الإمارات بالحفاظ على التراث الثقافي ونقله إلى الأجيال المقبلة".

وأضاف المسلم أن هذا العمل يمثل الجزء الأول من مشروع موسّع، سيصدر لاحقًا في جزء ثانٍ يتناول ما دوّنه الرحالة كرستجي خلال زيارته لعدد من البلدان والمناطق العربية الأخرى، متضمناً ملاحظاته حول العمارة، الحياة الاجتماعية، الأسواق، والسكان المحليين، في محاولة لربط الصورة النصّية بالواقع التاريخي والثقافي لتلك المرحلة