جار التحميل...
الشارقة 24:
ضمن فعاليات مؤتمر التراث الثاني الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث تحت شعار "التراث الشعبي بعيون الآخر"، نُظمت اليوم الأربعاء، 4 جلسات علمية هامة في مركز التراث العربي بالمدينة الجامعية في الشارقة، شارك فيها باحثون وخبراء من أكثر من 20 دولة.
ناقش المشاركون خلال هذه الجلسات كيف تناولت المدونات الغربية التراث الشعبي العربي، ومدى دقة التوثيق، والانطباعات الثقافية، فضلًا عن نقد الرؤى المستشرقية، وذلك من خلال أوراق بحثية وعروض تحليلية تعكس عمق التجربة العلمية وتنوعها.
ففي الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور حمد بن صراي، قدّم الباحث الكويتي طلال الرميضي عرضاً لتجربة الرحالة الفرنسي ألبير لوندر وتوثيقه لحياة غواصي اللؤلؤ في الخليج عام 1930، مسلطًا الضوء على ظروفهم القاسية.
كما ناقش الباحث البحريني محمد ناصر لوري دقة التوثيق والانحيازات الثقافية في المدونات الغربية، مستعرضاً جهود ترجمة أربعة أعمال رئيسة تعكس هذا التراث.
وأوضح الباحث المصري أحمد بهي الدين بدايات دراسة التراث الثقافي غير المادي في الفكر الغربي، مؤكداً أهمية السرديات الاستشراقية كبداية لعلم الفولكلور.
واختتم الباحث القطري محمد البلوشي الجلسة بتسليط الضوء على أهمية الوثائق البصرية، مثل الخرائط واللوحات، في توثيق التراث العربي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
أما الجلسة الثانية، فقد شارك فيها كل من الدكتور أحمد عبد الرحيم نصر، والباحث محمد عصام الحجار، والدكتور صالح اللهيبي، والدكتور عادل كسادي، حيث تناولوا التراث الشعبي العربي من خلال كتب الرحالة الأوروبيين، مؤكدين على أهمية الدراسات الاستشراقية وأرشيفاتها القيمة.
وناقش الدكتور صالح اللهيبي التعامل مع التراث المخطوط في رحلات الاستكشاف، ودوره في إثراء المعرفة الثقافية.
وأشار الدكتور عادل كسادي إلى الرحلات كمصدر تاريخي مهم لتوثيق الموروث الثقافي في جزيرة سقطرى، موضحاً التفاعل بين الجماعات المختلفة عبر العصور.
وفي الجلسة الثالثة، قدّم الدكتور ربيع أحمد سيد ورقة تناول فيها دور التصوير الاستشراقي في توثيق الآثار الإسلامية، من خلال دراسة لوحات رسام الاستشراق البندقي جنتيلي بلليني.
وتحدث الدكتور حسن أميلي عن رحلة الشاعر الفرنسي جان-أنطوان روشيه في شبه الجزيرة العربية أواخر القرن الثامن عشر، مستعرضًا مشاهداته في اليمن ومصر وسوريا.
كما ناقش الدكتور سالم الطنيجي الموضوعات المتكررة في نصوص الرحالة مثل الأزياء والطقوس، مؤكدًا كيف تشكّلت صور نمطية للشرق بين الإعجاب والتحفظ.
واختتم الدكتور معجب الزهراني الجلسة بعرض حول تصوير التراث العربي في الرواية الفرنسية، مستشهداً برواية "قطرة الذهب" للكاتب ميشيل تورنييه.
اختتمت الجلسات بالجلسة الرابعة التي تناولت صور المدن العربية في الكتابات الرحلية الغربية، بمشاركة الباحثين رانيا العنزي، فاطمة المزروعي، فاطمة المنصوري، الدكتور أسامة لاذقاني، والمهندس سلطان الحمادي.
واستعرضت الباحثة رانيا العنزي أهمية الرحلات كوسيلة للتعرف إلى الشعوب وثقافاتها، فيما سلطت فاطمة المزروعي الضوء على أهمية مدونات الرحالة الألماني هيرمان بورخارت في توثيق الحياة اليومية والعمارة في الجزيرة العربية خلال القرن التاسع عشر.
وأكدت فاطمة المنصوري أهمية الوثائق البريطانية في دراسة تاريخ إمارة أبوظبي والإمارات بشكل عام.
ومن جهته، بيّن الدكتور أسامة لاذقاني كيف أسهم العرب والمستعربون في إثراء التراث العلمي العالمي عبر اللغة العربية.
وأوضح المهندس سلطان الحمادي الدور الاستراتيجي للمواقع التاريخية والمدن المطلة على بحر عمان في التاريخ التجاري والسياسي للجزيرة العربية.
جاء هذا اليوم الحافل بالنقاشات التراثية ليعكس التزام المؤتمر بتسليط الضوء على صورة التراث العربي في عين الآخر، من خلال عدسة النقد الأكاديمي والتحليل المعرفي.
وقدّم المشاركون رؤى متعمقة تثري مسارات البحث، وتفتح المجال لحوار ثقافي يتجاوز الحدود الجغرافية ويعزز من حضور التراث العربي في الفضاء العالمي.
كما أكد المؤتمر أهمية التوثيق العلمي الرصين في تصحيح الصور النمطية، وتعزيز فهم الذات من خلال مرآة الآخر.