مهرجان الشارقة للشعر النبطي: أمسية في سماء الشارقة

وإيماناً من القيادة الرشيدة بدَوره في التعبير عن الهوية الثقافية، والتراث العربي الأصيل، وتتويجاً لهذا الاهتمام، أُقيم مهرجان الشارقة للشِّعر النبطي، الذي يُعَدّ أحد أكبر المهرجانات العربية المُتخصِّصة في هذا اللون الأدبي.

وفي هذا المهرجان، تتردَّد أصداء الحكمة، والحنين، والقصص التي تُلامس أرواح الحضور، لتكون إمارة الشارقة -كعادتها دائماً- مرآةً ثقافيةً تعكس ثَراء الهويَّتَين؛ الإماراتية، والعربية، في إطار شِعريّ يفيض بالإبداع.

مهرجان الشارقة للشِّعر النبطي: حَدَث شِعري عربي أصيل

في إطار اهتمام صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، بالثقافة، والشِّعر، والمعرفة، تُنظِّم دائرة الثقافة في الشارقة مهرجان الشارقة للشِّعر النبطي كلّ عام، والذي يستمرّ أيّاماً عِدَّة تُقام خلالها فعاليات وأُمسيات شِعرية مُميَّزة تأخذ الحُضور إلى عالم الإبداع الأدبي.

ويُقام المهرجان بمشاركة واسعة من شُعراء وشاعِرات تألَّقوا بأشعارهم الشعبيَّة والنبطيَّة على الساحة الإماراتية، بالإضافة إلى الساحَتَين؛ الخليجية، والعربية، وكان قد جرى اختيارهم لإثراء فعاليات المهرجان المُتنوِّعة وبرامجه وأنشطته بروائع أشعارهم ونتاجاتهم الأدبيَّة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المهرجان يحظى أيضاً بحضور جُمهور كبير من الشُّعراء، والمُثقَّفين، ومُحِبِّي الشِّعر النبطي، بالإضافة إلى عدد من النُّقّاد، والإعلامِيِّين، ومن مختلف الدُّوَل العربية.

تاريخ مهرجان الشارقة للشِّعر النبطي: إصرار على التألُّق 

انطلقت الدورة الأولى من مهرجان الشارقة للشعر النبطي عام 1983، بالتزامن مع بدايات تأسيس الدائرة الثقافية في الشارقة، وكانت قاعة أفريقيا في الشارقة حاضنة فعاليّاته وبرامجه، وجرى فيها تكريم كوكبة من رُوّاد الشِّعر الشعبي، وفي العام التالي، انطلقت الدورة الثانية من المهرجان مُحقِّقة النجاح المَرجُوّ منها.

وشهدت الأعوام اللاحقة توقُّفاً للمهرجان وفعاليّاته إلى أن حلَّ عام 1998 الذي مثَّل تاريخ عودته بعد افتتاح بيت الشِّعر في الشارقة عام 1997، وواصل المهرجان مسيرته الإبداعية -سنوياً- حتى عام 2000، وبمشاركة عدد كبير من رُوّاد الشِّعر العربي النبطي.

وخلال هذه الأعوام، أثبتت القصيدة النسائية حُضورها الفاعل في المَشهد الشِّعري والشعبي المحلّي، إلى جانب رُوّاد الشِّعر، والشُّعراء الشباب؛ إذ أُقِيمت أُمسيات شِعرية خاصَّة بالنساء، شاركت فيها مجموعة من الشاعرات من مختلف إمارات الدولة.

ومرَّة أخرى، شَهِدت الأعوام العشرة اللاحِقة توقُّفاً لفعاليات المهرجان إلى أن عاد وانطلقت فعاليّاته في الرابع من يناير عام 2010 في قصر الثقافة، وبمشاركة كَوكَبة من الشُّعراء والشاعرات من دولة الإمارات، ودُوَل الخليج، والدُّول العربية، وإلى عامنا هذا، ما يزال مهرجان الشارقة للشِّعر النبطي حاضراً على الساحة الأدبية، ومُتألِّقاً بما يُقدَّم فيه من أشعار شعبية تحكي قصصاً مُتنوِّعة تُخلَّد في ذاكرة الحضور.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المهرجان يحمل في كلّ سنة شِعاراً يُجسِّد أهمِّية القصيدة العربية النبطية وقيمتها؛ إذ حملت دورة عام 2012 شِعار "القصيدة الشعبية إبداع له تاريخ"، أمّا دورة عام 2013، فحملت شِعار "القصيدة الشعبية ذاكرة تحفظ تُراثها"، بينما كان شِعار "القصيدة الشعبية ذاكرة وطن" عنواناً لدورة عام 2014 التي حقَّق فيها المهرجان نجاحاً باهراً تُوِّج بحُصوله على المركز الأوَّل خليجياً على مستوى المهرجانات النوعية.

فعاليات المهرجان وبرامجه المُتنوِّعة: مَشهَد ثقافي وحضاري

يُستهَلّ المهرجان عادةً بعَرض تسجيليّ عن مجموعة من الشُّعراء المُكرَّمين يتضمَّن مَحطّات من مسيراتهم الأدبية، وفصولاً من سِيَرهم الذاتية، مع توجيه التحية والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة على وجه العموم، وإمارة الشارقة على وجه الخصوص؛ لاحتضانها مثل هذه الفعاليات التي تُسهِم في إثراء العقول.

ثمّ تبدأ القراءات الشِّعرية للشُّعراء والشاعرات المشاركين من مختلف بلدان الوطن العربي، فيُلقون على المَسامِع روائع شِعرية تحمل أبهى المعاني والسِّمات، وتتناول موضوعات مختلفة؛ كالحنين، وحُبّ الوطن، والغَزَل، والحكمة، وغيرها، ضمن أجواء احتفالية مُبهِجة.

وفي كلّ يوم من أيّام المهرجان، تُقام أُمسِية شِعريَّة يُحييها عدد من الشُّعراء، تليها في رُكن التواقيع جلسات توقيع لمجموعة من الشُّعراء؛ إذ يُمضون للحُضور على إصداراتهم ودواوينهم الشِّعرية الصادرة عن دائرة الثقافة.

ومن الجدير بالذكر أنّ المهرجان لم يغفل عن المرأة ودورها البارز في مجال الأدب -كما ذُكِر سابقاً-؛ فسلَّط الضوء على دورها وإبداعها فيه، وأكَّد على اهتمامه بإبراز الشِّعر النَّسوي الخليجي والعربي على حَدٍّ سواء؛ إذ يتضمَّن المهرجان -إلى جانب الأُمسِيات الشِّعرية- أُصبوحة شِعرية للشاعرات المُبدِعات.

ويجدر التنويه إلى أنّ المهرجان يتضمَّن ندوة فكرية تتحدَّث عن النّتاج الشِّعري الشعبي والنبطي، والموضوعات المُتعلِّقة به، وتُديرها مجموعة فَذَّة من المُختَصّين ومُتذوِّقي الشِّعر النبطي بصورة خاصَّة.

ومن مدينة الشارقة إلى مُدُن الذيد، وخورفكان، ودبا الحصن، تتنقَّل فعاليات المهرجان وفي جُعبته سلسلة أُمسِيات شِعرية مُتنوِّعة، ثمّ تُختَتَم في كلباء؛ فمنذ سنوات عِدَّة، امتدَّت فعاليات المهرجان وأُمسِياته لتشمل المنطقة الوُسطى والمنطقة الشرقية من الإمارة، بعد أن كانت مُقتصِرة على مدينة الشارقة في قصر الثقافة، ويُسهم هذا التغيُّر والتنوُّع في مواقع الفعاليات والبرامج في جذب جمهور أكبر، ويُعزِّز تفاعُل أبناء المجتمع المحلّي معها.

وفي ختام الفعاليات، يتفضَّل صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، بتكريم الشعراء المُميَّزين؛ تأكيداً على إيمانه الكبير بأهمِّية الشِّعر النبطي، وضرورته للحفاظ على الهوية والذاكرة الشعبية.

ومن الأهمِّية بمكان الإشارة إلى أنّ دورة عام 2024 من المهرجان تضمَّنت توجيهاً من صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، لدائرة الثقافة باستحداث "جائزة الحيرة للشِّعر النبطي"؛ تقديراً منه للقصائد المُميَّزة المنشورة في مجلَّة "الحيرة من الشارقة"؛ إذ يجري اختيار قصيدة من كلّ عدد من أعدادها التي تُصدرها الدائرة شهرياً، ليصل عدد النُّصوص الفائزة إلى 12 قصيدة.

المراجع

[1] sgmb.ae, حاكم الشارقة يفتتح مهرجان الشارقة للشعر النبطي بدورته الـ 18
[2] sdc.gov.ae, مهرجان الشارقة للشعر النبطي
[3] sharjahnews.gov.ae, مهرجان الشارقة للشعر النبطي الاثنين المقبل
[4] sheikhdrsultan.ae, سلطان القاسمي يفتتح مهرجان الشارقة للشعر النبطي بدورته الـ 18
[5] sharjah24.ae, 8 شعراء يتغنون بالأوطان والحياة في مهرجان الشارقة للشعر النبطي