جار التحميل...
يُعَدّ سباق الهجن -والهجن نوع من الإبل- من الرياضات التراثية التقليدية في دولة الإمارات، والتي تكتسب أهمّيتها لأمور عِدَّة، من أهمّها: المكانة الرفيعة التي تحظى بها الإبل في الدولة، وارتباطها الوثيق بتاريخها، وعاداتها، وتراثها؛ فلطالما كانت الإبل رمزاً لحياة البدو، وللعَراقة، فضلاً عن أهمّيتها في الماضي؛ إذ كانت مصدراً للغذاء، والكساء الذي يُصنَع من أوبارها، وغيرها من الاستخدامات الأخرى لجلودها، إلى جانب قدرتها على الترحال والسفر في أقسى الظروف.
وكان العرب قد مارسوا هذه الرياضة خلال القرن السابع قبل الميلاد، ثمّ انتشرت في مختلف أرجاء المعمورة لتصل إلى دول عِدَّة، مثل: أستراليا، والباكستان، والهند، علماً بأنّها كانت تُقام في أنحاء الجزيرة العربية على المستوَيَين؛ الفردي، والجماعي، وبين العائلات، وعلى نطاق القبيلة، وكانت القبائل البدوية تُنظّم سباقات الهجن؛ لأغراض الترفيه، وتسوية النزاعات بينها.
تُعقَد سباقات الهجن في مختلف مناطق دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم تحت رعاية الحُكّام الشيوخ، أمّا سُلالات الإبل التي تُشارك في هذه السباقات، فيحرص المُدرِّبون على اختيارها بعناية، وتشمل سُلالات محلية من دولة الإمارات، وسُلالات الهجن المُهجّنات، وأخرى من سلطنة عُمان، والسودان، وتتميّز هذه السُّلالات عموماً بقدرتها على العَدو بسرعة 40كم/ الساعة في سباقات المسافات الطويلة، أو 65كم/ الساعة في السباقات القصيرة.
وقبل مشاركة الإبل في سباق الهجن، يجري التحقُّق من صِحَّتها بإخضاعها لفحص طبّي شامل، بالإضافة إلى أنّ المُدرِّبين يولونها اهتماماً بالغاً ورعاية من مختلف النواحي، وخاصة الغذاء المُقدّم لها، والذي يشتمل على التمور، والنخالة، والشوفان، وقد يلجؤون إلى تغذيتها بحليب الأبقار؛ لزيادة قوّتها، وبناء عضلاتها.
ويجدر بالذكر أيضاً أنّ دولة الإمارات؛ وفقاً للقانون الاتِّحادي رقم (15)، والصادر عام 2005، بخصوص تنظيم المشاركة في سباقات الهجن، لا تسمح للأشخاص الذين تقِلّ أعمارهم عن 18 عاماً -من كلا الجنسين- بالمشاركة في سباقات الهجن.
وتلجأ الدولة أحياناً إلى استخدام الفُرسان الآليّين؛ لوضعهم على ظُهور الإبل المشاركة في سباق الهجن؛ إذ يتميّز هؤلاء الآليّون بالوزن الخفيف، والقدرة على تتبُّع مُعدّل ضربات قلب الإبل، وسُرعته، بالإضافة إلى أنَّهم مُزوَّدون بجهاز راديو ثُنائي الاتجاه يُتيح لمالك الإبل، أو مُدرِّبه إصدار الأوامر عَبره للإبل، أو تشجيعه بصوت مألوف يستجيب له.
وعند انطلاق الإبل في المضمار المُخصَّص لسباق الهجن، تتنافس بالعَدو السريع، ويحصل مالِكو الجِمال الفائزة، أو مُدرِّبوها، على هدايا مالية، أو عَينيّة، مثل: السيارات الفاخرة، والكؤوس.
يتجلّى الاهتمام بسباقات الهجن في صور عِدَّة، منها الدعم والرعاية التي تحظى بها هذه الرياضة على أعلى المستويات في دولة الإمارات؛ حفاظاً عليها، وحمايةً لها من الاندثار، وتحرص الجهات المَعنيّة على التعريف بسباق الهجن على المستوى الدولي بوصفها جزءاً من موروث الدولة ﺍلثقافي والحضاري.
ويتولّى اتِّحاد الإمارات للهجن تنظيم المسابقات والفعاليات التي يتنافس فيها المشاركون من داخل الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، مثل: مهرجان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، لسباقات الهجن العربية الأصيلة، ومنافسات المهرجان الختامي السنوي للهجن العربية الأصيلة "ختامي الوثبة"، ومنافسات جائزة زايد الكُبرى لسباقات الهجن، ومهرجان ختامَي المرموم، ومهرجان الظفرة.
وتُبذَل جهود جادة أيضاً لاستقطاب اهتمام الشباب إلى هذه الرياضة؛ من خلال مواصلة تطويرها عبر توظيف التكنولوجيا، ورعاية الإبل وتدريبها وفق أفضل الممارسات الدولية.
تضمّ دولة الإمارات نُخبة من النوادي المتخصّصة في سباقات الهجن، والتي تتولّى مسؤوليات عِدَّة في إطار هذه الرياضة، ومنها: تنظيم السباقات، والحفاظ على هذا الموروث الشعبي، وتطوير رياضة الهجن، وتوسيع نطاقها، ومن هذه النوادي: نادي الشارقة لسباقات الهجن.
وتجدر الإشارة إلى أنّ دولة الإمارات توفّر الميادين المُهيَّأة، وغيرها من التجهيزات؛ لتنظيم سباقات الهجن؛ إذ تضمّ نحو 34 ميداناً مُخصَّصاً لهذه الرياضة، شُيَّد أغلبها في أطراف المُدُن؛ ليكون الوصول إليها سهلاً، وزُوِّدت بالمرافق المناسبة، مثل: المُستشفَيات البيطرية، ومرافق التدريب.
ومن الأمثلة على هذه الميادين: ميدان الذيد في إمارة الشارقة، وميدان المرموم في إمارة دبي، وميدان الشيخ سلطان بن زايد للتراث بمنطقة سويحان في إمارة أبوظبي، بالإضافة إلى ميدان السوان في رأس الخيمة، والتلة في عجمان، واللبسة في أم القيوين.
المراجع
[1] uaelegislation.gov.ae, قانون اتحادي في شأن تنظيم المشاركة في سباقات الهجن
[2] dubaicrc.ae, نادي دبي لسباقات الهجن
[3] visitrasalkhaimah.com, ميدان السوان لسباق الهجن
[4] wam.ae, الرياضات التراثية ركيزة أساسية في ترسيخ الهوية الوطنية
[5] shjcrc.ae, نادي الشارقة لسباقات الهجن