هيئة الشارقة للآثار تحتضن وتحمي الإرث والتاريخ

تأسيس هيئة الشارقة للآثار: تعزيزاً لأهمية الإمارة التاريخية

تُعَدّ هيئة الشارقة للآثار (Sharjah Archaeology Authority) الجهة المسؤولة في إمارة الشارقة عمّا يخصّ الآثار، والمواقع، والاكتشافات الأثرية، وبعثات التنقيب، وغيرها من المَهامّ والمسؤوليات ذات الصلة، وكان تأسيسها؛ ترجمةً لرُؤى صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة؛ لإبراز عراقة تاريخ الإمارة، والحفاظ على المكتشفات الأثرية، والاحتفاء بتاريخ الشارقة على الصعيدَين؛ المحلّي، والعالمي، أمّا مَحطّات نشأة هيئة الشارقة للآثار، فبيانها على النحو الآتي:

شهد عام 1986 تأسيس إدارة الآثار في الشارقة، وقد عُرِفت آنذاك باسم "إدارة الآثار والتراث"، وكانت تابعة لدائرة الثقافة والإعلام، أمّا مسؤوليات الإدارة آنذاك، فقد شملت الإشراف على ما تضمُّه الإمارة من مواقع أثرية وتراثية، إلى جانب حمايتها، والمشاركة في بعثات التنقيب الأجنبية والإشراف عليها على أرض الشارقة.

وفي نهاية عام 1992، أسَّست إدارة الآثار في الشارقة بعثة محلّية ترأَّسها الدكتور صباح جاسم، وشارك في عُضويّتها أفراد من الكوادر المحلّية؛ للتنقيب في المواقع الأثرية، والتعاون مع البعثات الأجنبية المُتخصِّصة في التنقيب الأثري، علماً بأنّ هذه البعثة كانت قد تشكَّلت في وقت لاحق من إصدار صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، في العام 1992 نفسه قانون الآثار رقم (1) في إمارة الشارقة؛ لتنظيم أمور الآثار والمواقع الأثرية، وتوفير الحماية لها، بما في ذلك منع تهريب القِطَع الأثرية والاتِّجار غير الشرعي بها.

وبحلول عام 1995، تشكَّلت إدارة الآثار في الإمارة؛ لتولّي عدد من المَهامّ، ومن أبرزها: الإشراف على المواقع الأثرية، وتنسيق التنقيبات الأثرية، وعمليات النشر والتوثيق، وتنظيمها، والتعاون مع الجهات والدوائر الحكومية كلٌّ حسب اختصاصه.

وفي عام 2016، أصدر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، المرسوم الأميري السامي رقم 57 بتأسيس هيئة الشارقة للآثار؛ استكمالاً للجُهود وأوجه الرعاية التي يبذلها سُمُوّه؛ لتمكين مختلف القطاعات في الإمارة، ولتحقيق التميُّز في مجال الآثار، وتيسير عمليات التنقيبات؛ لاكتشاف المزيد من الآثار. 

أهمية هيئة الشارقة للآثار وجهودها: صون الهوية الأثرية للإمارة

تنبثق أهمِّية هيئة الشارقة للآثار من الجهود التي تبذلها، مُمثَّلة في المقام الأوّل بالحفاظ على الهوية الأثرية للإمارة وأهمّيتها التاريخية، بوصفها مُلتقىً للعديد من الحضارات، ومركزاً من مراكز الاستيطان البشري في المنطقة، وتسعى الهيئة إلى إبراز مكانة الشارقة في الخارطة الأثرية العالمية؛ لدورها المُهِمّ في نهضة الحضارة البشرية.

وتُعَدّ عمليات التنقيب من أهمّ مسؤوليات هيئة الشارقة للآثار، وتحرص الهيئة أيضاً على صون المُكتشَفات في الإمارة وحمايتها، إلى جانب ترميمها وصيانتها؛ بوصفها إرثاً ذا أهمية تاريخية ووطنية وإنسانية ينبغي الحفاظ عليه، ومن هذا المنطلق، تُولي الهيئة التنقيب عن المكتشفات الأثرية في مختلف مناطق الإمارة اهتماماً كبيراً، بالتعاون مع البعثات الأثرية الأجنبية، وتُشرف مباشرة على عمليات التنقيب التي تشارك فيها جامعات ومعاهد ذات سُمعة مرموقة على مستوى العالم، ومُتخصِّصة في البحث الأثري، والتراث الثقافي.

وتحرص هيئة الشارقة للآثار على جعل المحافظة على آثار الإمارة جزءاً من الثقافة المجتمعية؛ عبر نشر الوعي بأهمّيتها وقيمتها التاريخية الضاربة في القِدَم؛ حفاظاً عليها للأجيال القادمة، واستفادةً من قيمتها في وقتنا هذا، وتُنظِّم الهيئة فعاليات وندوات وغيرها من الأنشطة في مجال الآثار، بحضور المُختَصّين والمُهتَمِّين بهذا المجال.

ولأنّ الابتكار جزءٌ من الاستراتيجيات التي تحرص إمارة الشارقة على تفعيلها في القطاعات كافَّة، بما فيها التنقيبات الأثرية، والحفاظ على المُكتشَفات، فإنّ هيئة الشارقة للآثار سبّاقة باستخدام أحدث ما توصَّلت إليه التكنولوجيا من تقنيات في عمليات التنقيب، والتوثيق، والحماية.

ومن الأمثلة على هذه التقنيات: نظام المعلومات الجغرافية الأثرية الذي أطلقته الهيئة، ويمتاز باستخدام التصوير ثُلاثي الأبعاد، والأقمار الصناعية، وغيرها من التكنولوجيا؛ لتوثيق المواقع الأثرية، وحمايتها، وتستخدم هيئة الشارقة للآثار أيضاً الطائرات بدون طيّار، والماسح الضوئي "الليزر"؛ لتصوير المواقع بدِقَّة عالية.

نماذج من إنجازات هيئة الشارقة للآثار: جهود متواصلة محلّياً وعالميّاً

حقَّقت هيئة الشارقة للآثار جُملةً من الإنجازات على مختلف الأصعدة، ومنها: تطوير موقعها الإلكتروني؛ لعرض صور القِطع الأثرية المُكتشَفة ثُلاثية الأبعاد، أو باستخدام الواقع المُعزَّز، والنقوش الأثرية، بالإضافة إلى توفير خيارات عِدَّة للزوار؛ للاطِّلاع على المواقع الأثرية في إمارة الشارقة، والتي تشمل المواقع الأثرية (3D)، وخريطة المواقع الأثرية، والواقع الافتراضي، والزيارات الافتراضية.

وتُنظِّم الهيئة أيضاً محاضرات علمية، ودورات تدريبية، مُتنوِّعة المواضيع في إطار مجال الآثار؛ لتطويره، واكتساب الخبرات، وتبادل المعرفة، وهي تُشارك أيضاً في معارض الآثار المحلّية والعالمية، وتُواصل جُهودها بالإشراف على البعثات الأثرية من مختلف أنحاء العالم والتعاون معها، والتي استُهِلَّت بالبعثة العراقية الأثرية عام 1973 لتكون الأولى في الإمارة، وكان موقع مليحة الأثري من أبرز مناطق الشارقة التي عملت فيها هذه البعثة.

وتشمل البعثات الأجنبية الأخرى التي أجرَت الحفريات الأثرية في الشارقة: البعثة الفرنسية (في مليحة، والحمرية، ومدينة الشارقة، ومويلح)، والبعثة الأسترالية (في تلّ أبرق، ومويلح، وجبل الإميلح)، والبعثة النرويجية (في موقع الفشت على ساحل الإمارة)، والبعثة البلجيكية (في موقع مليحة الأثري)، والبعثة البرتغالية (في كلباء، وتحت الماء على امتداد الساحل الشرقي)، والبعثة الأمريكية (في تلّ أبرق)، والبعثة اليابانية (في دبا الحصن، وخورفكان، ومدينة الشارقة، والخان)، والبعثة الألمانية (في وادي الحلو، وجبل الفاية، وجبل البحيص، ومليحة)، والبعثة الإسبانية (في سهل المدام).

وكانت هيئة الشارقة للآثار قد حرصت على توثيق الاكتشافات الأثرية في الشارقة، إلى جانب أهمّ الموضوعات الأثرية في المنطقة والعالم؛ لذا، فإنَّها تمتلك مخزوناً غنيّاً من الإصدارات التي تشمل الكتب المُتخصِّصة في علم الآثار، ومنشورات المواقع الأثرية، وكتب المعارض الدولية، وحولية الآثار، والمقالات العلمية المنشورة، وهي تُتيح للجمهور الاطِّلاع عليها بمختلف اللغات؛ عبر موقعها الإلكتروني.

  المراجع

[1] saa.shj.ae, هيئة الشارقة للآثار
[2] sgmb.ae, " الشارقة للآثار " تنظم في أوزبكستان معرضاً لمكتشفات الإمارة الأثرية
[3] wam.ae, هيئة الشارقة للآثار تكتشف بقايا وأساسات لقلعة تاريخية في خور كلباء
[4] wam.ae, "الشارقة للآثار" تواصل عمليات التنقيب الأثري بالتعاون مع عدد من البعثات الأجنبية
[5] sharjah24.ae, بن يعروف:هيئة الشارقة للآثار تطلق نظام المعلومات الجغرافية الأثرية