جار التحميل...
وظهر مفهوم "السياحة المُستدامة" كواحدٍ من أنواع الاستدامة، لجعل الفوائد الإيجابية للسياحة تطغى على الآثار السلبية التي قد تنجم عنها، مثل احتمالية زيادة معدل التلوث؛ بسبب وسائل النقل السياحي، والنفايات التي قد يتركها السُيّاح، وكذلك تلف المواقع الأثرية؛ بسبب سوء الإدارة، وعدم تنظيم زيارات السُيّاح بشكلٍ فعّال.
وفقاً لمنظمة السياحة العالمية "UN Tourism"، يُمكن تعريف السياحة المستدامة "Sustainable Tourism" بأنّها السياحة الّتي تُراعي تأثيرها الحالي والمُستقبلي في كلٍّ من الاقتصاد، والبيئة، والمُجتمعات ككل، حيث تهدف إلى وضع خطط سياحيّة شاملة للحفاظ على الموارد الطبيعية، وحماية الحياة البرّية عند تطوير الأنشطة السياحية وإدارتها، كما تُعد وسيلة للحفاظ على التراث الثقافي، من خلال توعية السُياح حول أهمية التاريخ الثقافي للمنطقة.
من ناحيةٍ أخرى تسعى السياحة المُستدامة إلى الوقوف أمام السُيّاح الّذين يسعون إلى تشويه التراث والثقافة المحلية للمنطقة، وتفرض قوانين صارمة لتطبيقها بشكلٍ فعّال للحفاظ على البيئة، كما تُحقّق السياحة المُستدامة المنفعة المُتبادلة، من خلال دمج أفراد المُجتمع المحليّ مع السياح من مختلف أنحاء العالم.
فيما يلي أبرز الوجهات العالمية للسياحة المستدامة، على سبيل الذكر لا الحصر:
تقع بوتان في جبال الهملايا جنوب قارّة آسيا، وتُعد من أبرز الدول الّتي تُطبّق نهج قياس السعادة الوطنية الإجمالية "GNH"، والذي لا يُركّز على النمو الاقتصادي فحسب، بل يشمل معايير أخرى أهمها الحفاظ على البيئة، مما يجعل بوتان واحدة من أبرز الوجهات التي تسعى إلى تحقيق مفهوم السياحة المُستدامة، من خلال الحفاظ على مواردها الطبيعية، وثقافتها المحلّيّة.
تفرض بوتان قيوداً على عدد السياح الذين يدخلون البلاد؛ للحفاظ على البيئة، وتجنّب الزحام السياحي قدر الإمكان، كما تسعى إلى تطوير بنية تحتية سياحية صديقة للبيئة، مع استخدام الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير، وإدارة النفايات بشكلٍ فعال، بالإضافة إلى كونها تشمل مساحاتٍ شاسعة من الغابات الخضراء، الأمر الذي يُسهم في تحقيق هدفها المُتمثّل في التخلّص من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تقع فنلندا في شمال أوروبا، وتشتهر بغاباتها الواسعة الّتي تشكل 80% من إجمالي مساحتها، مما يُتيح تجربة مجموعة متنوعة من الأنشطة الطبيعية المذهلة عند زيارتها، ومن الجدير بالذكر أنّ فنلندا تهدف إلى أن تصبح الوجهة السياحية الأكثر نمواً من حيث الاستدامة في بلدان الشمال الأوروبي، وليس ذلك فحسب إذ تهدف أيضاً أن تكون أول دولة مستدامة وخالية من الوقود الأحفوري بحلول عام 2035.
تقع كوستاريكا في أميركا الوسطى، وتُمثل مزيجاً مُذهلاً من التنوّع البيولوجي البريّ والبحريّ، إذ تُشكّل المتنزهات الطبيعية الوطنية، والمحميات، والملاجئ البرية نسبة كبيرة من أراضيها، بينما تعتمد بنسبةٍ كبيرة جداً على مصادر الطاقة المُتجددة في إنتاج الكهرباء، مما يُقلل من انبعاثات الكربون.
حققت رواندا الواقعة وسط القارة الأفريقية تقدماً كبيراً في مجال السياحة المستدامة في السنوات الأخيرة، للحفاظ على تنوعها البيولوجي الغني، خاصةً في الغابات المطيرة، والمتنزهات الوطنية المميّزة بوجود الغوريلا الجبلية النادرة، كما يظهر اهتمام رواندا بالاستدامة بشكلٍ عام في مُخططها، الّذي يهدف لأنّ تصبح الدولة خالية تماماً من عنصر الكربون بحلول عام 2050، أي أنّها تعتمد بشكلٍ كامل على الطاقة المتجددة.
فيما يلي مجموعة من الوجهات السياحية البيئية المستدامة في دولة الإمارات:
تقع محمية مروّح في إمارة أبو ظبي، وهي أول "محمية محيط حيوي" في دولة الإمارات -وهي مناطق محمية وفقاً لاتفاقياتٍ دولية، تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتوفير بيئة مستدامة، حيث تمتاز المحمية بأنظمتها البرية والبحرية المتنوعة، وتحتوي على مجموعةٍ واسعة من الكائنات البحرية، والشعاب المرجانية، بالإضافة إلى الطيور البحريّة، والسلاحف، كما تحتوي على امتداداتٍ شاسعة من أشجار القرم.
تقع محميّة الياسات في إمارة أبو ظبي، وأُنشئت بهدف تعزيز السياحة المُستدامة، والحفاظ على البيئة الطبيعية للمنطقة، إذ تشمل أربع جُزر مع المياه المحيطة بها، وتمتاز بنظامها البيولوجي المُتنوّع، فهي موطن للعديد من الكائنات البحرية، بما في ذلك السلاحف، والدلافين، والطيور البحرية، وحيوانات أبقار البحر "الأطوم" المُهدّدة بالانقراض.
يقع جبل جيس في إمارة رأس الخيمة، ويمتاز بموقعه ضمن سلسلة جبال الحجر، وهو أعلى قمة جبلية صخرية في دولة الإمارات، حيث يصل ارتفاعه إلى ما يُقارب 2,000 متر فوق مستوى سطح البحر، ويُوفّر الموقع إطلالات طبيعية خلابة، ومجموعة مُتنوعة من الأنشطة، الّتي يمكن ممارستها عنده، مثل ركوب المسار الانزلاقي الأطول في العالم.
ختاماً، تسعى إمارة الشارقة إلى ترسيخ مفهوم السياحة المُستدامة، وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة، ونشر الاستخدام الذكيّ للموارد، بالإضافة إلى نشر ثقافة المنطقة بين الأجيال في كلّ مكان، حيث يظهر ذلك جليّاً في جهود هيئة الإنماء التجاري والسياحي بإمارة الشارقة، الّتي تُولي اهتماماً كبيراً بتنمية السياحة المُستدامة، وحماية الإمارة من أيّ ممارسات سياحية تضُر بالبيئة؛ لتحقيق مفهوم السياحة الخضراء الصديقة للبيئة، الّتي تُعزّز الآثار الإيجابية للسياحة في المنطقة بأكملها.
المراجع
[1] sdgs.un.org, Sustainable tourism
[2] visitrasalkhaima.com, Sustainable Travel and EcoTourism Destinations in UAE
[3] sustainabilitymag.com, Top 10 Most Sustainable Travel Destinations
[4] greenmatch.co.uk, Top Green Destinations: Sustainable Travel Spots for 2024
[5] sgmb.ae, هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة تتبنى الاستدامة ببرامجها ومبادراتها