جار التحميل...
وتنسجم هذه الجهود مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تركز على الاستدامة البيئية والحفاظ على التنوع البيولوجي؛ لضمان حماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
ومن أبرز الأمثلة على النهج العملي المتّبع في إمارة الشارقة بهدف حماية السلاحف البحرية ما يلي:
أُسّس مربى الشارقة للأحياء المائية التابع لهيئة الشارقة للمتاحف بهدف محاكاة البيئة البحرية من خلال الأحواض التي يحتويها، بطريقة تمكّن الزوّار من التعرّف إليها عن كثب، كما أنّ هذا المعلم أظهر اهتماماً بالغاً في الحفاظ على الكائنات البحرية ومنها السلاحف، إضافة إلى حماية موائلها الطبيعية، ومن أمثلة ذلك:
يُعنى برنامج "إعادة تأهيل السلاحف المصابة" بتقديم الرعاية والعلاج للسلاحف البحرية المصابة أو المتضرّرة، التي يعثر عليها أفراد المجتمع أو الصيادون، بهدف تهيئتها للعودة إلى موائلها البحرية من جديد عندما تكون قادرة على ذلك.
ومن صور الرعاية التي يقدّمها هذا البرنامج للسلاحف البحرية أيضاً، تقديم المكمّلات الغذائية أو الأطعمة الملائمة، وتنظيفها من "النو" الذي قد يظهر على أجسامها، وهو عبارة عن طبقة بنية أو خضراء مثل الطحالب.
كما بذل المربى جهوداً كبيرة للإبقاء على حياة السلاحف وحمايتها من الانقراض بكافة الوسائل والطرق المتاحة؛ من خلال توفير بيئة صحية وآمنة داخل مرافق التأهيل، بالإضافة إلى التعاون مع الجهات المعنية للحد من التهديدات البيئية التي تواجهها، مثل؛ الصيد الجائر أو التلوث.
تُجسّد مبادرة "لأننا نهتم" التي أطلقها مربى الشارقة للأحياء المائية جانباً مهماً من التزامه بالحفاظ على السلاحف البحرية؛ إذ تهدف المبادرة إلى رعاية السلاحف المصابة أو المريضة، وتأهيلها طبياً وبيئياً لضمان قدرتها على العودة إلى موائلها الطبيعية بسلام، وتشمل هذه الجهود بعض الأنواع المهددة بالانقراض؛ مثل السلاحف الخضراء المعروفة محليًاً باسم "شيري"، وسلاحف "ذو منقار الصقر" المعروفة باسم "احمسه"، وتتراوح أعمار السلاحف التي شملها البرنامج بين خمس سنوات وثلاثين سنة.
وفي هذا السياق، نظّم مربى الشارقة للأحياء المائية، بالتعاون مع بلدية الحمرية، مبادرة بعنوان "إطلاق السلاحف" في 23 مايو 2023، تزامناً مع اليوم العالمي للسلاحف، وذلك على شاطئ الحمرية، بهدف تعزيز الوعي البيئي لدى المجتمع المحلي، وتشجيع مشاركته في جهود حماية الكائنات البحرية، من خلال إطلاق سلاحف خضعت للعلاج والتأهيل البيطري في بيئتها الطبيعية، تأكيداً على دور المؤسسات المحلية في دعم استدامة الحياة البحرية.
ساهم مربى الشارقة للأحياء المائية أيضاً، بالتعاون مع بلدية الحمرية، في تنظيم عدد من الورش التوعوية التي استهدفت طلبة المدارس بمختلف المراحل التعليمية، وقد حملت هذه الروش رسائل توعوية معنية بشؤون السلاحف البحرية وأهميتها بالنسبة للنظم البيئية المائية، بالإضافة إلى التطرّق إلى كيفية الحفاظ على هذه الكائنات من الانقراض، وضرورة حماية أرواحها عند تعرّضها لأي إصابة، وإطلاعهم على طرق إعادة تأهيلها.
في إطار جهودها المستمرة لحماية البيئة البحرية، أطلقت هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في إمارة الشارقة عام 2021، وبالتزامن مع يوم السلاحف العالمي برنامجًا مخصصًا للاستجابة لجنوح الحياة البحرية، ويهدف البرنامج إلى حماية البيئة الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتعزيز الاستدامة البيئية، وذلك من خلال خطط مدروسة لإنقاذ الكائنات البحرية وموائلها الطبيعية، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية.
كما يشمل البرنامج التحقيق والاستجابة لجنوح الزواحف البحرية مثل السلاحف، بالإضافة إلى الثدييات والطيور البحرية الجانحة؛ إذ جرى تنفيذ العديد من عمليات التدخل لإنقاذ السلاحف المتضررة، وتقديم الرعاية اللازمة لها تمهيدًا لإعادتها إلى موائلها الأصلية، كما يعمل البرنامج كجزء من جهود البحث والمسح لفهم أسباب تضرر هذه الكائنات والتهديدات التي تواجهها، إلى جانب دعم تطوير السياسات والإجراءات الهادفة للحفاظ عليها.
عبّرت دولة الإمارات عن مسؤوليتها في حماية السلاحف البحرية من خلال انضمام موقعين من إمارة الشارقة، وهما محمية خور كلباء لأشجار القرم إلى جانب جزيرة صير بونعير، كأطراف مشاركة في مذكرة التفاهم العالمية بشأن الحفاظ على السلاحف البحرية وموائلها الطبيعية في منطقة المحيط الهندي وجنوب شرق آسياIOSEA.
وتُعد محمية أشجار القرم الواقعة على ساحل خليج عُمان مركزاً متكاملاً لإعداد الأبحاث العلمية والتعليمية، نظراً لاحتوائها على تجمعات كبيرة من السلاحف البحرية، سواء المحلية أو المهاجرة، كما ساهم هذا التنوّع البيولوجي في تعزيز جهود الهيئة لإطلاق برامج إعادة تأهيل السلاحف المتضررة، إلى جانب تنظيم حملات توعوية تهدف إلى رفع الوعي بأهمية حماية هذه الكائنات وموائلها الطبيعية.
حظيت البيئة البحرية باهتمام كبير من وزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات؛ فقد أطلقت الوزارة "الخطة الوطنية للمحافظة على السلاحف البحرية"، بمشاركة كافة إمارات الدولة، ومنها إمارة الشارقة التي كان لها دور بارز في دعم وتنفيذ هذه الخطة، والتي تهدف إلى حماية السلاحف البحرية من الانقراض، عبر إجراء دراسات علمية متخصصة لرصد مسارات هجرتها ومواقع تعشيشها، وتحليل التهديدات التي تواجهها.
كما تم تعزيز الإطار القانوني لهذه الجهود عبر القوانين الاتحادية، مثل القانون رقم 23 لسنة 1999 بشأن استغلال الثروات المائية الحية وحمايتها بما في ذلك السلاحف البحرية، والقانون رقم 24 لسنة 1999 بشأن حماية البيئة، إضافة إلى قرارات تنفيذية تحظر صيد السلاحف أو إزعاجها أو العبث بأماكن تعشيشها.
وفي الختام، لا بدّ من تثمين الجهود المتواصلة لإمارة الشارقة في تبني فكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للحفاظ على التوازن البيئي، من خلال حماية الكائنات البحرية؛ مثل؛ السلاحف، ويظهر هذا جلياً من خلال قيام المؤسسات المختلفة بهذه المهمّة النبيلة، بالتعاون مع جهات رسمية إلى جانب مشاركة المجتمع المحلّي هناك.
المراجع
[1] moccae.gov.ae, جهود الدولة في المحافظة على السلاحف البحرية
[2] sharjahevents.ae, مبادرة إطلاق السلاحف
[3] sharjah24.ae, انضمام خور كلباء لأشجار القرم لشبكة حماية السلاحف بالمحيط الهندي