جار التحميل...
فمن منطلق الإيمان العميق بأهمية التراث في ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء كرّست إمارة الشارقة جهودها لتكون حاضنةً عالميّةً له، انطلاقاً من رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وجهوده المستمرة لصون التراث الثقافي بكافة أنواعه وحفظه للأجيال القادمة.
أصدر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة المرسوم الأميري رقم (19) لسنة 2017، والذي ينصّ على إنشاء جائزة دولية في الإمارة تسمى: "جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي"، تتمتّع بالشخصية الاعتبارية والأهلية اللازمة لتحقيق أهدافها.
وجاءت هذه الجائزة التي يتولى تنظيمها وتنفيذها معهد الشارقة للتراث تقديراً للجهود المبذولة على المستويات المحلية والعربية والدولية لحماية عناصر التراث المادي وغير المادي المتنوعة، وتوثيقها وضمان بقائها للأجيال القادمة.
وتجدر الإشارة إلى أنها تعدّ الجائزة الأولى من نوعها عربياً تتبنّى الطابع الدولي في مجال التراث؛ إذ تكرّس دعمها للرواة والجمعيات والمؤسسات والباحثين الذين يسعون للحفاظ على التراث الثقافي.
أُنشئت جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي لتحقيق جُملة من الأهداف، تتمثل بتحفيز روح التنافس الإيجابي بين الباحثين والممارسين في الميدان الثقافي؛ بهدف الارتقاء بأعمال البحث العلمي والتطبيقي في مجال التراث الثقافي، بالإضافة إلى تقدير الممارسات الناجحة والتجارب الفعالة في صون التراث، وتكريم أفضلها طبقاً للمعايير الدولية المعتمدة.
كما تهدف الجائزة إلى الاحتفاء بحَمَلَة التراث وتقدير دورهم المحوري في نقل المعارف والخبرات، والتعريف بأساليب السرد الشفهي التي تسهم في حفظ الذاكرة الثقافية وصونها، مما يعني توفير بيئة داعمة لاستدامة التراث الثقافي وضمان انتقاله للأجيال القادمة، والتعريف بالتراث الإنساني سواءً التراث الخاص بالشعب الإماراتي، أو التراث الإنساني للمجتمعات الأخرى، في إطار مساعي الشارقة لتعزيز الحوار العالمي والتفاهم بين الثقافات عبر منهجية مدروسة وواعية.
تُمنَح جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي في ثلاثة حقول رئيسية تعكس تنوّع الجهود المبذولة في حفظ التراث، وهي: أفضل ممارسات صون التراث الثقافي، والباحثون في مجال التراث الثقافي، والرواة وحَمَلة التراث بوصفهم كنوزاً بشريّةً.
ويتضمّن كل حقل من هذه الحقول الثلاثة ثلاث فئات تغطي النطاقات المُشارِكَة؛ الفئة المحلية، والفئة العربية، والفئة الدولية، ليصل مجموع الفئات إلى تسع.
تحظى جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي بتشجيع ودعم سخّي من صاحب السمو حاكم الشارقة؛ فقد تمكّنت في فترة وجيزة من استقطاب الأقلام الواعدة في مجال التراث الثقافي، والأعلام الرائدة، وكوكبة من الخبراء والرواة والمختصين والباحثين، الذين بذلوا جهوداً مُضنية لخدمة التراث الثقافي وصونه، مُحقّقةً إضافةً نوعيّةً في مجالها، لذلك تشهد الجائزة مشاركةً دوليّةً واسعةً وإقبالاً كبيراً، وسط منافسة قوية بين المشاركين.
فقد شهدت الدورة الخامسة من الجائزة حضوراً بارزاً من مختلف الدول، وجرى تكريم الفائزين بمنحهم الدروع التذكارية وشهادات تقديرية، ففي حقل أفضل الممارسات في حفظ التراث الثقافي حصل مجمع القرآن الكريم بالشارقة على الجائزة ضمن الفئة المحلية، بينما حظي المعهد الملكي للفنون التقليدية في السعودية بجائزة الفئة العربية عن جهوده في صناعة الأبواب الخشبية التقليدية، فيما نالت مؤسسة مالايبار للبحث والتطوير في الهند جائزة الفئة الدولية.
وجرى في حقل الرواة وحملة التراث تكريم نخبة من الأفراد المتميزين على المستويات المحلية والعربية والدولية؛ من الإمارات، والسعودية، وإيرلندا، أما في حقل البحوث والدراسات كان التكريم من نصيب دراسات بارزة من دولة الإمارات، وسلطنة عمان، وفرنسا.
ختاماً، تمكنت جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي منذ انطلاقها من ترسيخ مكانتها كمنصة مرموقة على الساحة الثقافية العالمية؛ للدور الذي تلعبه في دعم التراث وحُماتِه من الأفراد والمؤسسات، فقد نجحت الجائزة في إحداث أثر ملموس في مجال صون التراث الثقافي وتوثيقه،وأسهمت في تعزيز الوعي بقيمته كجزء أصيل من الهوية الإنسانية المشتركة.
المراجع
[1] sheikhdrsultan.ae, سلطان القاسمي يصدر مرسوماً بإنشاء وتنظيم «جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي
[2] sharjah24.ae, "الشارقة للتراث" يطلق النسخة 5 من "جائزة التراث الثقافي"
[3] siach.ae, جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي
[4] sharjahevents.ae, تراث ثقافي.. تواصل إنساني