فوز الشارقة بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية يأتِي نتيجة تميز وإبداع

وتأتِي جهود الإمارة ضمن مجموعة من السياسات المتكاملة والإبداعية التي كانت ولا تزال تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتوجيهه المستمر وإشرافه، وهي على النحو الآتي:

إنشاء المتاحف والمعارض الثقافية الإسلامية

تضمّ الشّارقة مجموعةً واسعةً من المتاحف يصل عددها الحالي إلى 16 متحفاً، وهذه المتاحف تعكس تراث الإمارة الإسلاميّ وحضارتها العريقة، وقد شكّلت معاً مشهداً إبداعياً استحقّت معه الإمارة بجدارة لقب عاصمة الثقافة الإسلامية.

وتتضمن أبرز هذه المتاحف: متحف الشّارقة للتراث الذي يعرض لزائريه عادات الإمارة وتقاليدها بدءاً من العادات الدّينية حتّى المعيشية ضمن البيئة الصّحراوية، وكذلك متحف الشّارقة للحضارة الإسلامية الذي يحتوي أكثر من 5 آلاف قطعة فنّية من المخطوطات، والسيراميك، والقطع النقدية، والأسطرلاب، التي تُجسِّد عراقة الحضارة الإسلامية، والمُقسّمة ضمن طابقيْن، يشمل الأول جوانبَ من العقيدة الإسلامية وإنجازاتٍ مهمّة لعلماء وفلكيين عرب، أمّا الثاني فيعرض الخلفية التاريخية للفنون والحرف الإسلامية كالمنسوجات والحليّ وغيرها.

ويستضيف متحف الشارقة للفنون بدوره مهرجان الفنون الإسلامية دوريّاً، وهو بذلك يُشكّل حدثاً فنّياً دولياً إبداعياً تُنظّمه دائرة الثقافة في حكومة الشّارقة، وتعرض فيه الأبعاد الحضارية والجمالية للفنون الإسلامية متنوّعة الأنماط.

تنفيذ تصاميم العمارة الإسلامية

حرص قسم التصميم في دائرة الأشغال العامّة بالشّارقة -ضمن جهود الإمارة في التأكيد على هويّتها الثقافية الإسلامية وما تحتويه من إرثٍ غنيّ ومتنوّع- على تنفيذ التصاميم التي تعكس الهوية المعمارية التراثية والإسلامية جنباً إلى جنب مع متطلّبات العمارة الحديثة؛ في مشهدٍ يجمع بين الأصالةِ والحضارة.

ويعدّ مسجد الشّارقة واحداً من أبرز المباني ذات التصميم المعماريّ الإسلاميّ في الشّارقة، وهو تحفة معمارية تجذب السيّاح من أنحاء العالم كافة، ويتميّز بمزجه بين أنواعٍ مختلفةٍ من فنون العمارة الإسلامية التي تُظهر على نحو ساحرٍ تعاقب العصور في الحضارة الإسلاميةِ من فجر الإسلام حتّى نهضته.

وقد اعتُمد الطّابع الشّرقيّ في تصميم القبّة والرواق الداخليّ للمسجد، أمّا الفناء الخارجيّ والحديقة فيحملان طابعاً أندلسياً، واتّسم التزجيج والزخرفة بالطابع المغاربيّ الأندلسيّ والمناور، ويأتي الجسم الخارجيّ للمسجد على شكل حصونٍ وقلاع مُستَلهمةٍ من الطابع الخليجيّ.

ويتميّز مسجد الذيد بجمعه بين الطابع الحديث والطراز الإسلاميّ المتمثّل في الطرازيْن الفاطميّ والعثمانيّ، وكذلك مسجد النور الذي يتميّز بتصميمه وفقاً للعمارة العثمانية وما تشتمل عليه من وحداتٍ زخرفيةٍ زجاجية وفراغات داخلية واسعة، ويشتمل المسجد على ثماني قباب؛ منها قبّةٌ كبيرةٌ تتوسّطه وتُحيط بها أنصاف قباب، إلى جانب قبابٍ أخرى صغيرة، ويتزيّن من الداخل بمخطوطاتٍ من الآيات القرآنية المُصمّمة بالزخارف والنقوش الإبداعيةِ المتميّزة.

ويُستوحى تصميم مسجد الشيخ راشد بن أحمد القاسمي الواقع في مدينة دبا الحصن من العمارة الإسلامية الموشّحة بالنقوش والزخارف البديعة.

كما يتميّز مبنى بلدية الشّارقة باحتوائه على الأعمدة والقباب المقوّسة وفقاً للطراز الإسلاميّ الأندلسيّ، وكذلك الأسوار التي يمزج شكلها بين الطراز الخليجيّ المتمثّل بجسم القلاع والطراز الأندلسيّ الذي يظهر جلياً في الأسوار ذات البروج والأعمدة المتوالية، ويُمكن مُلاحظة العمارة الإسلامية في مختلف المرافق والأمكنة الأخرى؛ كالبوّابات والحديقة وغيرها.

تنظيم الفعاليات والمهرجانات والمسابقات لتعزيز الثقافة الإسلامية

لا تتوقف الإمارة في ظلّ رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة واهتمامه بالثقافة الإسلامية عن تنظيم فعاليات وأنشطة ومهرجانات ومسابقات منوعة وموجهة إلى شرائح المجتمع وفئاته كلها، في المجالات المُرتبطة بالثقافة والهوية الإسلامية.

فتأتِي فعالية "أيام الشارقة التراثية" لتُحيي عادات الإمارة وتقاليدها وهويتها الثقافية الإسلامية، بينما يعزز "ملتقى الشارقة للخط" من مفهوم احترام الفنون الخطية كأحد أهم جوانب الثقافة الإسلامية، و"مبادرة لغتي" تؤكد الجهود الكبيرة لصاحب السمو حاكم الشارقة في خدمة اللغة العربية لغة القرآن ودعمها.

وتوجد أيضاً الفعاليات والمبادرات التي تُقام بالشارقة في المناسبات الدينية من شهر رمضان المبارك، وعيد الفطر وعيد الأضحى، التي تُحيي هذه الشعائر كونها جزءاً مهماً من الهوية الإسلامية، والتي تعكس قيم الدين الإسلامي الحنيف في أجواء من الأنشطة المنوعة، والترفيه، والتفاعل.

الحفاظ على المواقع التاريخية الإسلامية في الإمارة

تسعى الشّارقة للحفاظ على المواقع التاريخية في الإمارة بوصفها أمكنة ثقافيةٍ وأثرية إسلاميةٍ، وتسعى إلى تعريف العالم بها، ومن أبرز مُنجزات الإمارة في هذا الخصوص، كان ملف الترشيح المتكامل الذي أعدّته هيئة الشّارقة للآثار لموقع مليحة الأثريّ، الذي حمل عنوان: "مليحة: فترة ما قبل الإسلام في جنوب شرق الجزيرة العربية"، وأشارت فيه إلى القيمة الأثرية والتاريخية للموقع، والعناصر المعمارية والمقتنيات التي عُثر عليها في عمليات التنقيب المستمرّة في المكان.

وقد عنيت الإمارة بالحفاظ على "حصن وفلج الذيد" بوصفه منطقة تاريخية عريقة تضمّ آثار سكّانها، وكذلك منطقة "قلب الشّارقة وحصن الشّارقة" التي تحتوي على مجموعةٍ من أهمّ المباني التاريخية، مثل: حصن الشّارقة التاريخيّ، والأسواق التجارية والمباني التاريخية التي تعكس الثقافة الإسلامية.

ممّا يجعل للشّارقة دوراً ريادياً في حماية التراث والثقافة في العالم الإسلاميّ بصرف النظر عن الحقبة الزمنية إذا ما كانت قبل الإسلام أم بعده، لافتراض الترابط التاريخيّ للحضارات، ووفقاً لذلك فقد اعتُمدت المواقع الأثرية الثّلاثة المذكورة ضمن لائحة التراث في العالم الإسلاميّ، من قبل لجنة التراث التابعة لمنظمة العالم الإسلاميّ للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".

اتّباع أعلى المعايير الأخلاقية الإسلامية

تُعد المنظومة الأخلاقية جزءاً أساساً من الثقافة الإسلامية، وقد برعت الشّارقة ولا تزال في تطبيق قيمها الأخلاقية الإسلامية المُستندة إلى مبادئ العدالة، وحفظ الحقوق، وتحقيق التكافل الاجتماعيّ، وحماية البيئة، والمحافظة عليها، وغيرها؛ كلّ ذلك جعلها مُستحقّةً للفوز بلقب عاصمة الثّقافة الإسلامية.

ويمكن ملاحظة تطبيق المبادئ الأخلاقية الإسلامية في مؤسسات الدولة وهيئاتها كافة، ورغم ذلك توجد أيضاً الجهات الخاصّة التي تتولّى نشر هذه الثّقافة بين أفراد المجتمع، مثل: دائرة الشؤون الإسلامية، والمنتدى الإسلاميّ في الشّارقة وما يعقدانه من جلسات توعوية وندوات تستهدف شرائح المجتمع المختلفة، وتسعى إلى ترسيخ الأخلاق والقيم الإيجابية في نفوسهم.

المراجع

[1] supc.shj.ae, استكشاف الشارقة
[2] visitsharjah.com, متحف الشارقة للتراث
[3] sharjahevents.ae, مهرجان الفنون الإسلامية
[4] visitsharjah.com, أنشطة الثقافة الغنية
[5] sharjah24.ae, "إسلامية الشارقة" تعزز أخلاق وقيم الطلاب خلال الإجازة المدرسية