أكبر مسجد في دولة الإمارات: صرح إسلامي شاهق

رحلة البناء: تاريخ جامع الشيخ زايد الكبير

بدأت فكرة بناء جامع الشيخ زايد الكبير تتشكَّل في أواخر ثمانينيات القرن العشرين؛ حين أبدى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيَّب الله ثراه" رغبته في بناء مسجد يُمثِّل وَسَطية الدِّين الإسلامي السَّمح، وفي الخامس من نوفمبر عام 1996، انطلقت أعمال البناء الفعلية للمسجد، وبعد 11 عاماً من العمل المُستمِرّ والدؤوب، افتُتِحت قاعات الصلاة للمُصلِّين في عيد الأضحى المبارك عام 2007، ليصبح المسجد رمزاً معمارياً فريداً، وصَرحاً دينيّاً وثقافياً بارزاً في دولة الإمارات. 

وتجدر الإشارة إلى أنّ جامع الشيخ زايد الكبير بُنِي على مَشارف مدينة أبو ظبي ليحتلَّ مساحة تزيد عن 555 ألف متر مُربَّع، وهو يتَّسِع لنحو 55 ألف مُصَلٍّ، أمّا بناؤه، فقد ساهمت فيه مجموعة من الحِرَفيِّين والفنّانين من مختلف دُوَل العالم، إضافة إلى جُهود 3 آلاف عامل شاركوا في بنائه وتشييده، و38 شركة مقاولات عالَمية. 

العناصر المعمارية الرئيسة لجامع الشيخ زايد الكبير

يَزخر جامع الشيخ زايد الكبير بالعناصر المعمارية الرائعة، والتصاميم الفنِّية المذهلة، التي تُخفي بين تفاصيلها الكثير من القِيَم، والمبادئ، والرسائل السامية، ومن أبرزها:

قباب المسجد

للمسجد قباب مُتعدِّدة ساحرة مُغطّاة من الخارج بالرخام المقدوني الأبيض النقيّ حسب الطراز المغولي، ويبلغ عددها 82 قُبَّة مختلفة الحجم تقع أكبرها -بقُطر 32.6 متراً وارتفاع 84 متراً- في مركز قاعة الصلاة الرئيسة للمسجد الكبير، أمّا قباب المسجد، فقد بُنِيت بأسلوب مُميَّزة؛ إذ يظهر أعلاها على هيئة هلال مُزَخرف بفُسَيفساء الزجاج وورق الذهب، في حين يأخذ تاجها هيئة القُلَّة المقلوبة. 

ثريات المسجد

تتزيَّن أسقف جامع الشيخ زايد بسبع ثريات لامِعة مصنوعة من الفولاذ المُقاوِم للصدأ، ومُطَعَّمة بالذهب، ومُرصَّعة بالكريستال الأحمر والأخضر والأصفر، وتتدلّى ثلاث مُتطابِقات كبيرة منها في قاعة الصلاة الرئيسة للمسجد، وأوسطُها من أكبر ثريات العالَم، وهي مُصمَّمة تصميماً يُحاكي هيئة شجرة النخيل المقلوبة، أمّا الثريات الأربع المُتبقِّية، فهي أصغر حجمًا من سابقاتها.

أعمدة المسجد 

تحتوي الأروقة الخارجية للمسجد على أعمدة مرتفعة سُداسية الجوانب يزيد عددها عن 1000 عامود مُستَوحى من شكل النخلة، وهي مصنوعة من الرخام الأبيض النقيّ المُطعَّم بالأحجار شبه الكريمة الساحرة المُستَورَدة من الخارج؛ كالصَّدَف، واللازورد، والجمشت الأرجواني، واليشب الأحمر.

مآذن المسجد 

اجتمعت أساليب العمارة الإسلامية المُتميِّزة بأسلوب فنّي ساحر الجمال في مآذن ومنارات المسجد الأربعة المَطلية بالذهب، والمُغطّاة بفسيفساء الزجاج، والتي تصدح بصوت الآذان خمس مرّات يومياً، وهي توجَد في الزوايا الأربع لصحن المسجد بطول يصل إلى نحو 107 أمتار لكلٍّ منها.

منبر المسجد

صُنِعَ منبر جامع الشيخ زايد الكبير الموجود في الجهة اليُمنى للمحراب من خشب الأرز المنقوش والمُزيَّن بتصاميم دقيقة وعالية الجودة من الزهور، مع تطعيمه بالزجاج المُعشق، والصَّدف، والذهب الأبيض، أمّا الجزء العُلوي منه، فقد صُمِّم على شكل هلال، وهو يتكوَّن من سلَّم ذي 11 درجة يصعد عليها الإمام وصولاً إلى المِنصَّة.

محراب المسجد

يزدان محراب مسجد الشيخ زايد الكبير بخطوط مُموَّجة ومُلوَّنة باللون الذهبي المُستوحى من أنهار العسل في الجنَّة، واللون الأبيض المُستَوحى من أنهار اللَّبن، أمّا أعلى المحراب، فيُمثِّل خلية النحل التي تخرج منها خُطوط ذهبية مُموَّجة ومُغطّاة بفسيفساء مُصمَّمة باستخدام الزجاج وورق الذهب؛ لتُحاكي شكل أنهار العسل في الجنة. 

قاعة الصلاة الرئيسة (قاعة النور)

تُعَدّ قاعة الصلاة الرئيسة، وتُعرَف بـ "قاعة النور"، أكبر قاعات الصلاة في مسجد الشيخ زايد؛ إذ تتَّسِع لنحو 8000 مُصَلٍّ، وتبلغ مساحتها الإجمالية 5700 متر مُربَّع، وفي قاعة النور، تنسجم العناصر المعمارية والجمالية كلُّها انسجاماً مثالياً، وتشمل الثريا، والسجّادة، والأعمدة الداخلية، والجُدران، إضافة إلى تناظر التصاميم الهندسية على جوانبها لتبدو وكأنَّها انعكاس بعضها عن بعض. 

بهو الزهور 

تُحيط بقاعة الصلاة الرئيسة للمسجد من الشمال، والجنوب، والشرق، ثلاثة أبهاء نباتية رائعة الجمال مُصمَّمة بتناغُم مع الأرضيات المُزيَّنة بالرُّخام المُشكَّل بأنواع عديدة من الزهور، وبما يُمثِّل قِيَم التعايُش والتواصل والتقارب بين الشعوب المختلفة في العالم؛ إذ يحتوي البهو الشرقي الرئيس على زهور تنمو في الشرق الأوسط، بينما يضمّ البهو الجنوبي زهوراً ونباتات تنمو في القطر الجنوبي، ويزخر البهو الشمالي بزهور تنتمي إلى القُطر الشمالي من الأرض. 

سجّادة المسجد

فُرِشَت أرضية قاعة الصلاة الرئيسة في جامع الشيخ زايد الكبير بسجّادة مصنوعة يدوياً نُسِج أغلبها من الصوف، وهي تُعَدّ أكبر سجّادة في العالم -حسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2017-؛ إذ تصل مساحتها إلى نحو 5400 متر مُربَّع، أمّا وزنها، فيبلغ نحوـ 35 طُنّاً.

صحن المسجد 

يتَّسِع  صحن مسجد الشيخ زايد الكبير لنحوـ 31 ألف مُصَلٍّ يصطفّون للصلاة جنباً إلى جنب في مساحته الواسعة التي تبلغ 17400 متر مُربَّع، وصُمِّم باستخدام ما يزيد عن 30 نوعاً مختلفاً من الرخام؛ كالرخام الصيني، والإيطالي، واليوناني، والهندي.

الأحواض العاكسة

تُحيط بجامع الشيخ زايد الكبير 10 أحواض مائية عاكسة ومستطيلة الشكل، إذ تُعَدّ من رموز العمارة الإسلامية البَهية، وتصل مساحتها الكُلِّية إلى 7000 متر، وتتألَّف من آلاف قِطَع الفسيفساء الجميلة المُلوَّنة والمُتدرِّجة بتدرُّجات اللون الأزرق، بحيث تعكس الصور وملامح الوجوه نهاراً، وتتراقص على صفحتها صور أعمدة المسجد المنعكسة عليها ليلاً، لتُشكِّل مشهداً هندسياً بديعاً يزيد جمال المسجد وبهاءه. 

الإضاءة القمرية

صُمِّم نظام الإضاءة القمرية في مسجد الشيخ زايد الكبير تصميماً مُميَّزاً ومُبتكَراً يعتمد على دورة القمر الشهرية؛ إذ بُرمِج بنظام تشغيل مُرتبِط بـالساعة القمرية، بحيث يجري تعديل سُطوع الأضواء على الجُدران الخارجية للمسجد كلّ يومَين طوال الشهر الهجري ليُحاكي مراحل اكتمال القمر؛ بدءاً من اللون الأزرق الداكن بالتزامن مع الهلال، ووصولاً إلى اللون الأبيض الساطع تزامُناً مع البدر، وبعدها يعود اللون تدريجياً إلى الأزرق الداكن تزامُناً مع اختفاء القمر لإعادة الدورة مُجدَّداً. 

 المراجع 

[1] szgmc.gov.ae, العمارة الإسلامية في الجامع.
[2] abudhabiculture.ae, جامع الشيخ زايد الكبير.
[3] myland.dmt.gov.ae, مسجد الشيخ زايد الكبير.
[4] moec.gov.ae, معالم سياحية رئيسية في الإمارات