قرية نجد المقصار: كنز من التراث والتاريخ

 قرية نجد المقصار ليست مُجرَّد وجهة سياحية، بل فرصة لاستكشاف حياة الأجداد، وتطوُّر المجتمع، كما تُجسِّد هذه القرية مزيجاً بين الأصالة والمعاصرة، ممّا يجعلها نموذجاً للحفاظ على التراث، مع مواكبة مُتطلَّبات العصر الحديث، وفيما يأتي بعض تفاصيل هذه القرية وتجاربها المُميّزة.

الموقع الاستراتيجي: شرفة تطِلّ على عراقة المكان

تتربَّع قرية نجد المقصار "NAJD AL MEQSAR" على قِمَّة جبلية شامخة في منطقة وادي"وشي" التابعة لمدينة خورفكان التاريخية في إمارة الشارقة، وهذا الموقع الاستراتيجي يمنح القرية أهمية فريدة؛ إذ تُشرف على مشهد طبيعي خلّاب يمتدّ عبر سلسلة جبال خورفكان، كما تتميَّز القرية بإطلالتها البانورامية الآسِرة على الوادي المحيط، والتلال المُتموِّجة، والغابات الكثيفة التي تمتدّ حتى الأفق البعيد.

ويضفي الارتفاع الشاهق للقرية سحراً خاصّاً على تجربة زُوّارها؛ إذ يُمكنهم الاستمتاع بمشاهد لا تُنسى لغروب الشمس وهي تُلوِّن السماء بألوان ساحرة، وفي الليل تُزيِّن النجوم السماء الصافية فوق هذا الملاذ الجبلي الهادئ، ويعكس موقع القرية الاستراتيجي أهميتها التاريخية باعتبارها نقطة مراقبة طبيعية للمنطقة المُحيطة، ممّا يجعلها شاهداً حَيّاً على التاريخ العريق لمنطقة خورفكان، والتراث الغني لإمارة الشارقة.

تاريخ القرية وأهميتها الأثرية: شاهد حي على حضارة عريقة

يعود تاريخ تأسيس قرية نجد المقصار إلى نحو 300 عام، ممّا يجعلها شاهدة على حِقَب زمنية مُتعدِّدة في تاريخ المنطقة، وهي تُعَدّ من أهم المراكز السكنية القديمة؛ إذ تضمّ 13 منزلاً تقليدياً يعود تاريخها إلى قرابة قرن من الزمان مُشَكِّلة بذلك متحفاً للعمارة التراثية، وتكمن أهمّيتها الأثرية في الاكتشافات المذهلة التي حصلت فيها؛ إذ عثر علماء الآثار على نقوش صخرية تُصوِّر الإبل والخيول يعود تاريخها إلى 2000 عام قبل الميلاد، وهذه الاكتشافات تُؤكّد قِدَم الاستيطان البشري في المنطقة، وتفتح نافذة فريدة على حياة سُكّانها القدماء وثقافاتهم.

وتحمل القرية في طيّاتها قصصاً تاريخية مُثيرة؛ إذ تُشير الدلائل إلى أنَّها كانت ملاذاً آمِناً لسُكّان المناطق المجاورة خلال فترة الاستعمار البرتغالي في العصور الوُسطى؛ فقد لجأ الأهالي إلى هذه البقعة الجبلية المنيعة؛ هرباً من الاضطهاد والغزو، ممّا يضفي على القرية بُعداً إنسانياً وتاريخياً عميقاً، ويجعل منها وجهة استثنائية للباحِثين والمُهتَمّين بالتراث والحضارات القديمة.

العمارة التقليدية والمعالم الرئيسية: تناغم بين الطبيعة والتراث

تُجسِّد قرية نجد المقصار روح العمارة الجبلية التقليدية؛ إذ تتناغم مَبانيها بإتقان مع محيطها الطبيعي الخلّاب، وكان سكّانها المحلّيون قد برعوا في استغلال موارد بيئتهم؛ فاستخدموا الحجارة والطين المُستخرَج من الجبال المحيطة في تشييد منازلهم ومرافقهم، ويُشار إلى أنّ القرية تتميَّز بتنوُّع مبانيها التي تشمل المساكن، والمخازن، إضافة إلى المسجد الذي يبرز كمَعلَم رئيس في القرية، ويلفت الانتباه استخدام صخور أكبر حجماً في بناء بعض المُنشَآت، وخاصَّة المسجد، ممّا يعكس أهمّيتها ودورها المِحوَري في حياة السكّان.

ويُعَدّ الحصن التاريخي أحد أبرز المَعالم في قرية نجد المقصار؛ إذ يقف شامخاً على قِمّة الجبل منذ ما يزيد عن 300 عام، وكان قد اضطلع بدور حيوي في الدفاع عن القرية؛ إذ كان جزءاً لا يتجزّأ من شبكة خورفكان الدفاعية في العصور الماضية، ويتميّز الحصن بموقعه الاستراتيجي الذي يُعزّز دوره باعتباره نقطة مراقبة طبيعية للمنطقة المحيطة، وهو يعكس أهمية القرية التاريخية في حماية المنطقة وتأمينها، كما يُتيح الحصن فرصة فريدة للزُّوّار لاستكشاف التاريخ العسكري والاستراتيجي للمكان، ممّا يجعله شاهداً على التراث الغني والتاريخ العريق لمدينة خورفكان وإمارة الشارقة.

الأنشطة والتجارب السياحية: مزيج من الأصالة والراحة العصرية

تُوفِّر قرية نجد المقصار ملاذاً هادئاً للزُّوّار الباحثين عن الراحة والاتِّصال بالطبيعة، وتُتيح هذه البيوت الجبلية الريفية تجربة فريدة لا تُنسى للمستكشفين المتحمّسين، وعُشّاق التاريخ، والباحثين عن الهدوء، وسط جمال الطبيعة الخالد، وصدى الماضي، فيجد الزُّوّار السكينة والإلهام، وينمو في نفوسهم التقدير المُتجدِّد لبساطة الحياة وجمالها.

وتحتضن القرية بيوت كارين "Kareen Houses"؛ وهي غرف مُصمَّمة بنمط تقليدي يحتفي بالثقافة الإماراتية الأصيلة، وتتميّز هذه البيوت بإطلالات ساحرة على القرية الجبلية والساحل، ويتجلّى فيها مزيج فريد من السحر الريفي والأناقة الخالدة، كما يبرز جمال المفروشات الريفية والسجّاد المنسوج يدويّاً مع الجدران الحجرية والأبواب الخشبية، ممّا يخلق أجواء من الدفء والحنين، وتتنوّع بيوت كارين بين غُرَف مُزدوجة ومفردة، مع إمكانية تحويل بعضها إلى غُرَف عائلية؛ لتلبية احتياجات مختلف الزُّوّار.

ومن حيث المرافق والخدمات، جُهِّز كلّ بيت بوسائل الراحة العصرية مع الحفاظ على الطابع التقليدي الذي يعكس روح المكان، وتشمل هذه الخدمات خدمة واي فاي مجّانية، وتكييفاً، وثلّاجة صغيرة، وآلة لصُنع القهوة، بالإضافة إلى خدمة الغُرَف، وصندوق أمانات شخصيّة، علاوة على أنّ هذه البيوت تتميّز بمساحات معيشيّة خارجية تُوفِّر إطلالات خلّابة، ممّا يعني أنّ بيوت كارين تُوفِّر للزُّوّار فرصة فريدة للاستمتاع بالراحة العصرية وسط أجواء تراثية أصيلة، وبالتالي ضمان الإقامة المريحة والمُميَّزة.

ويُتيح "مطعم وشي" تجربة طعام مُتميِّزة على مدار اليوم؛ إذ يُوفّر مجموعة مُتنوّعة من الأطباق العالمية التي تُرضي مختلف الأذواق، علماً بأنّه يتَّسِع لعدد كبير من الزُّوّار في مساحاته الداخلية والخارجية، ممّا يُتيح لهم الاستمتاع بوجباتهم في أجواء مختلفة حسب رغبتهم.

ويجدر بالذِّكر أنّ في القرية أنشطة مُتنوّعة للزُّوّار، ومنها: ركوب الخيل، ومسارات التنزّه وسط البيئة الطبيعية، وهذه الأنشطة تُتيح للزُّوّار فرصة استكشاف جمال المنطقة، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلّابة المحيطة بالقرية، ممّا يجعل الإقامة في نجد المقصار تجربة شاملة تجمع بين الراحة، والمغامرة، والاتِّصال بالطبيعة والتراث. 

المراجع 

[1] sharjahcollection.ae, NAJD AL MEQSAR .. HISTORY ON TOP OF A MOUNTAIN
[2] worldscoolestwinter.ae, قرية نجد القصار
[3] sharjahnews.gov.ae, إمارة الشارقة .. "7" كنوز سياحية تحتضنها الإمارة بتراثها التاريخي وإرثها الثقافي العريق وتنوعها الفريد
[4] sgmb.ae, حاكم الشارقة يفتتح حديقة شيص وقرية نجد المقصار بخور فكان ويتفقد عدد من المشاريع التنموية
[5] shurooq.gov.ae, بدور القاسمي تتفقد ثلاثة مشروعات رائدة للحفاظ على التراث وتطوير السياحة في المنطقة الشرقية للشارقة