جار التحميل...
تصل مساحة جزيرة جرينلاند إلى 2,166,086 كيلومتراً مربعاً، لتكون بذلك أكبر جزيرة على وجه الأرض، ولتخيّل مساحتها الشاسعة أكثر، يُمكن جمع مساحة كلٍّ من دولة فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، واليونان، وسويسرا، وبلجيكا معاً، لتكون المساحة الكلية لها، مُساوية لمساحة جرينلاند وحدها! أمّا بالنسبة لأبعاد هذه الجزيرة المذهلة فتصل إلى حوالي 1,050 كيلومتراً من الشرق إلى الغرب، و2,670 كيلومتراً من الشمال إلى الجنوب.
بما أنّ اسم جزيرة جرينلاند يعني الأرض الخضراء، قد يظن البعض أنّ أراضيها مليئة بالمساحات والسهول الخضراء الشاسعة، ولكن المفاجأة أنّها على العكس من ذلك تماماً!.. حيث يقع حوالي ثلثي مساحتها ضمن الدائرة القطبية الشمالية ويُغطي الجليد ما يُقارب 80% من مساحة أراضيها، أيّ حوالي 1.8 مليون كيلومتر مربع من إجمالي مساحتها.
تُعد مساحة الطبقة الجليدية هذه في جرينلاند ثاني أكبر كتلة جليدية متصلة مع بعضها البعض في العالم، بعد الكتلة الجليدية في القطب الجنوبي، كما يبلغ سمكها حوالي 1,500 متر، وفي بعض الأماكن يُمكن أن يصل إلى 3,000 متر، والمثير للدهشة أنّ العلماء يرجّحون أنّ الجليد في هذه الطبقة يعود إلى العصر الجليدي، نعم! العصر الجليدي الذي انتهى منذ حوالي 10 آلاف عام!
ولكن لماذا سُمّيت بالأرض الخضراء إذاً؟! السبب الأكثر شهرة هو أنّه قبل آلاف السنين هاجر بعض الرحّالة من آيسلندا إلى جرينلاند لاستيطانها، ولتشجيع من يعرفونهم من الآيسلنديين الآخرين للهجرة أيضاً واللحاق بهم؛ أطلقوا عليها اسم جرينلاند، بحيث يُوحي إلى الطبيعة الجميلة والمُشجّعة للسكن فيها، وهو كذلك بالفعل آنذاك، حيث استقروا في الجزء الجنوبي من جرينلاند والأكثر خضرة، ومن هنا جاءت التسمية.
يبلغ عدد سكّان جزيرة جرينلاند وفق آخر إحصائيات تعداد السكان في عام 2023م حوالي 56,700 نسمة، وما يُقارب 89.1% منهم هم من شعب الإنويت (Inuit)، ونسبة 10.9% المتبقية هم دنماركيون وأوروبيون بشكلٍ عام، وفقاً لإحصائيات توزيع السكان عام 2022م.
ولكن من هم الإنويت يا ترى؟ هم السكان الأصليون لكلٍّ من جرينلاند، وألاسكا، والقطب الشمالي، وكندا، ويعود تاريخ وجودهم في جرينلاند تحديداً إلى أكثر من 4,500 سنة! وفي حال زيارة جزيرة جرينلاند يوماً ما والالتقاء بشعبها، فستكون على الأغلب من أفضل التجارب في الحياة؛ لأنّ هناك الكثير الذي يُمكن اكتشافه والقيام به برفقتهم.
إذ يُمكن التعرّف إلى طريقتهم المُذهلة في صيد الأسماك والحيتان، وكذلك حيوانات الرّنة والفقمة، وأخذ جولة معهم عبر الزلّاجات التي تجرّها الكلاب على الجليد، وكذلك قضاء ليلة فريدة ومميزة عند تجربة النوم في أكواخهم الصغيرة ومشاهدة أضواء الشفق القطبيّ في السماء من النافذة! ولكن لا بدّ من الاستعداد لتعلّم بعض الكلمات من اللغة الجرينلاندية التي تُعد صعبة بعض الشيء، وكذلك لارتداء العديد من طبقات الملابس المصنوعة من فراء الحيوانات وجلد الفقمة؛ لدرجات الحرارة المتدنية جداً في جرينلاند.
بما أنّ ثلثَي جرينلاند يقع ضمن القارة القطبية الشمالية، فلا شكّ بأنّ الطقس فيها يكون بارداً طوال العام، حيث تصل درجات الحرارة في فصل الصيف إلى 4 درجاتٍ مئوية فقط، بينما قد تصل في فصل الشتاء إلى 34 درجة مئوية تحت الصفر! ولكن في تاريخ 9 يناير 1954م رصدت محطة الأبحاث القطبية البريطانية أدنى درجة حرارة وصلت إليها المناطق الشمالية من جرينلاند، وهي 66.1 درجة مئوية تحت الصفر، لتكون بذلك واحدة من أبرد الأماكن على وجه الأرض.
ربما لم يكن ذلك مُتوقعاً، ولكن تضم جرينلاند تنوعاً طبيعياً هائلاً، على الرغم من الظروف الجوية الصعبة ودرجات الحرارة المتدنية، بما في ذلك المساحات الشاسعة من التندرا، التي تشمل نباتاتٍ قصيرةً وأعشاباً مثل الطحالب والأشنات، بالإضافة إلى الأنهار الجليدية المُذهلة والجبال الشاهقة التي تخطف الأنفاس، كما يُمكن رؤية العديد من الثدييات البحرية في المياه المحيطة بالجزيرة، بما في ذلك الفقمات والحيتان، وأكثر من 230 نوعاً من الطيور، كما يُمكن العثور على الذئاب، والثعالب، والدببة القطبية، والرنّة تتجوّل بين الصفائح الجليدية في الجزيرة.
لا تغرب الشمس في المناطق الشمالية من جرينلاند تحديداً كلّ عام في الفترة ما بين 25 مايو إلى 25 يوليو، وتبقى مرئية طوال النهار والليل، ويُطلِق السكّان المحليّون على هذا الحدث الاستثنائي والمُدهش: "شمس منتصف الليل"، والذي يُعد من أغرب الظواهر الطبيعية التي يُمكن مشاهدتها، حيث تصبح الجزيرة كأنّها عالمٌ خيالي لا قيمة للوقت فيه، واليوم ليس له بداية ولا نهاية واضحة كما في بقية أرجاء العالم.
[1] britannica.com, Greenland
[2] greenland-travel.com, Facts about Greenland
[3] denmark.dk, Greenland: The world's largest island
[4] kids.nationalgeographic.com, Greenland
[5] eldey.de, Greenland