نظَّم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة أمس الثلاثاء ندوة نقدية بعنوان الشعر والفرح، تناولت تجليات الفرح في القصيدة العربية عبر العصور، ومواسمه التي عطرت ديوان العرب، وشارك فيها كل من الشاعر يوسف أبو لوز، والإعلامي فواز الشعار، وقدمها د. هيثم الخواجة.
الشارقة 24:
ضمن نشاط منتدى الثلاثاء، نظَّم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة أمس الثلاثاء ندوة نقدية بعنوان الشعر والفرح، تناولت تجليات الفرح في القصيدة العربية عبر العصور، ومواسمه التي عطرت ديوان العرب، وشارك فيها كل من الشاعر يوسف أبو لوز، والإعلامي فواز الشعار، وقدمها د. هيثم الخواجة، الذي رحب بالحضور والمشاركين، وأثنى على جهود بيت الشعر والقائمين عليه في رفد الساحة الشعرية والثقافية بالنشاطات التي غدت مواقيتا يضبط عليها الشعراء ومحبو الشعر نبضات قلوبهم. وصاحبت الندوة قراءات شعرية ماتعة للشعراء د. أحمد الحريشي من المغرب، ومحمد عمر فلاتة من السودان. وانعكس الصدى الجميل للأمسية حضورا امتلأت به ساحة البيت، وذلك بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبد الله البريكي.
وحضر الشعر كموضوع أساسي لقصائد شعراء الأمسية، فطرحوا رؤاهم عن الشعر بالشعر، ووصفوا تجاربهم وعلاقتهم الجميلة الشائكة معه في أسلوب رائع ورائق، كما حضر حوار الذات مع نفسها وما حولها الذي طرح تساؤلات تأملية وفلسفية عميقة عبر القصيدة، وتنوعت المواضيع لتشمل الحب والوطن والغربة في قصائد شنفت الآذان، ولاقت الاستحسان الكبير من الحاضرين.
الشعر والفرح
افتتحت الأمسية بندوة الشعر والفرح، التي تناولت عدة محاور حول مفهوم الفرح في الشعر العربي تناولاً منهجياً علمياً يكشف جماليات حضوره، ويرصد مكوناته وأبعاده الدلالية في النصوص، واستحضر المشاركون نماذج من مختلف العصور، في دعوة إلى قــــراءة التراث الشعري العربي قراءةً نقديةً واعيةً تنقب عن الخبايا والخصائص الفنية واللغوية والأسلوبية للنص، بغرض الإفادة والإمتاع من الإرث اللغوي والجمالي.
تلتها القراءات الشعرية، وافتتحها الشاعر أحمد الحريشي الذي افتتح بقصيدة تساؤل في ثوب تلاعب لفظي جميل ولافت، يؤنسن السنة ويحاول معرفة ما تخبئه في رأسها/ بدايتها، معلنا احتفاله بنفسه لا بها، وسيره إليها متخففا من الأمنيات، حازت إعجاب الحضور وتصفيقهم، يقول:
بـِنفسي سَأحتفلُ العامَ.. إنِّي
بِنَفْسِي سَأَحْفَلُ.. لا بالسَّنَةْ
سأمضي خَفِيفاً من الأمنياتِ
خَفيفاً.. الى سَنَةٍ مُمْكِنةْ
أُعانقُ فيها الذي قد تَبَقَّى
مَنَ الرُّوح والأهلِ والأمكنةْ
ثم ارتجل الشعر والحياة مقاطعاً شعريةً عذبة اللغة عميقة المعاني، تستلهم الحكمة والتأمل ويعلو فيها صوت الأنا الوجودية، يقول:
أَنَا رَعْشٌ لِقَافِيَةٍ
كَأَنَّ نُزُولَهَا بَرْدُ
وَكَانَ لِبَرْدهَا وَقْدُ
كَأَنَّ حُضُورَهَا فَقْدُ
تُرَاوِدُنِي.. وَأَعْرِفُهَا ..
إِذَا مَا شَفَّهَا الْوَجْدُ...
ويواصل مباهيا بصوته الشعري الخاص الموغل في تيه الشعر بحثا عن التفرد، يقول:
أُبَايِعُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ
كَلَامٍ عَقَّ مَا سَمعَا
وَحَسْبِي تِيهُ أَشْرِعَتِي
وَأَنِّي لَمْ أَكُنْ تَبَعَا ..
تلاه الشاعر محمد عمر فلاتة الذي أجرى الشعر نهرا يغسل عناء العابرين ضفافه، وتمتد يده ظلا للغرباء، يقول:
الشّعرُ كالنّهرِ الوسيمِ .. فجُد به
للعابرين على امتدادِ عناءِ
في الشّعرِ يولدُ شاعرانِ عليهما
وقعُ انحناءٍ .. أو شموخُ إباءِ
الصبحُ أنتَ .. إذا تنفَّسَ حُلمَه
ويَدٌ .. تمدُّ الظلَّ للغرباءِ!
ثم أشرع نوافذ الأسئلة في قصيدة تشدو للحياة بحكمة من يرى النصف المليء في الكوب، حاثا ذاته على رؤية ما يحفها من نور وأمل، يقول:
لمَ تكتوي ظمأً .. وعمرُك غيمةٌ
تختالُ بين فتوّةٍ وشبابِ
أتجوعُ مثلَ النارِ، كيف .. وهذه
فأسُ الحياةِ وهمّةُ الحطَّابِ ؟!
النُّورُ حولكَ ..والفراغُ مُسربلٌ
فلِمَ النزوحُ لبارقٍ .. وسرابِ ؟!
ثم قرأ نصوصاً وجدانية مضمخة بالمسك والشيحِ لاقت استحسان الحضور وتصفيقهم.
وفي الختام كرَّم الشاعر محمد عبد الله البريكي المشاركين ومقدِّم الأمسية.