الشارقة 24:
استضاف المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر" خلال فعاليات دورته السادسة، المصوّرة العالمية يانا أندرت، في جلسة حوارية بعنوان "من قلب الحرب على داعش" تحدثت خلالها عن مهمتها الشاقة المحفوفة بالمخاطر خلال تغطيتها للحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي والقضاء عليه في كلٍّ من سوريا والعراق، حيث نقلت قصصاً إنسانية ومشاهد مأساوية عايشتها طيلة أشهر في هذين البلدين.
واستهلت أندرت حديثها بالقول: "إن اختيارها لهذه المهمة الشاقة والخطرة نَبَعَ من إيمانها بضرورة أن يكون لها تأثير، وأنها لا تعتقد أنها متكاملة، بل إن هناك دوماً ما ينقصها وتحتاج للعمل على إتمامه".
وكشفت إن اختيارها للشرق الأوسط مسرحاً لعملها جاء نتيجة لأن جدها كان يعمل دبلوماسياً في سوريا، مشيرة إلى أنها زارت سوريا قبل الحرب وخلالها، كانت زيارتها الأولى طبيعيّة وهادئة، بينما كانت الثانية مليئة بالأحداث المأساوية.
وقالت أندرت: "كان العراق محطتي الأولى قبل التوجه إلى سوريا، وقد مكثت شهوراً هناك، وعايشت مأساة السوريين في مخيمات اللجوء بالعراق، وهناك ظلّت علاقتي مقتصرة على قوات البيشمركة الكردية في البداية، قبل أن أتمكن من فتح قنوات التواصل مع الجيش العراقي، وتحديداً مع الفرقة الذهبيّة، وقد تطلّب الأمر وقتاً طويلاً لبناء الثقة فيما بيننا، خصوصاً في ظل عدم وجود نساء في صفوف الجيش العراقي".
وأضافت أندرت: "أن الأوضاع في مدينة الموصل، مسرح المعركة ضد تنظيم "داعش"، كانت مأساوية للغاية، فقبل عملية التحرير كان يقطنها نحو مليوني شخص، وبعد أن دارت رحى المعركة وملأ أزيزُ الرصاص الأفق، كان هناك ما لا يقل عن مليون شخص داخل المدينة، وكان الجميع هلعاً ومذعوراً وأمنيتهم الخروج من ذلك الجحيم، وهو الأمر ذاته الذي جعل المعركة صعبة للغاية".
وتابعت: "تختزن ذاكرتي مئات المشاهد المأساوية من الموصل لا يمكنني نسيانها، فضلاً عن آلاف الحالات التي لم توثق، من بينها طفل مذعور كان يحمل رضيعاً بين يديه وقد تاهت بوصلته وسط الجحيم الذي فرّ منه، وكذلك مشهد فتاة صغيرة فارقت الحياة على قارعة الطريق وهي في وضع مزرٍ، لقد كانت الكلمات عاجزةً عن وصف المدنيين الهاربين من تنظيم "داعش" الذي كان يتخذهم دروعاُ بشرية، كانت هناك فوضى عارمة ورائحة الموت تفوح من كل مكان، وكنت أسأل نفسي أحياناً: "لما أنا هنا؟"، خصوصاً عندما حوصرنا ذات يوم من قبل عناصر "داعش" لثلاث ساعات، وكانوا يستهدفوننا خلالها بالقنابل، كما كانت المتفجرات مزروعة في كل مكان".
وواصلت حديثها: "بعد أن انتهيت من توثيق معركة الموصل، توجهت إلى سوريا، وتحديداً إلى منطقة دير الزور، وبقيت هناك لمدة 5 أشهر مع المقاتلات الكرديات، وبعد انتهاء معركة "الباغوز" التي قضت على تنظيم "داعش" كليّاً، استسلم عدد كبير من عناصر التنظيم، من ضمنهم أجانب، وقد قررت الوصول إلى هؤلاء تحديداً لإجراء مقابلات معهم والتعرف على أسباب انضمامهم إلى التنظيم".
واستطردت قائلةً: "لقد كانت مهمة شاقة للغاية وعملاً محفوفاً بالمخاطر، حيث كنت أتجول بين عناصر خطرة من تنظيم "داعش" داخل زنازين ضخمة، لدرجة أنني شعرت بأنني دخلت لإحدى مناطق سيطرة التنظيم، فارتديت الحجاب قبل الاقتراب منهم، وهناك قابلت شخصاً قادماً من هولندا، فتقدّم نحوي وسألني: "لماذا تُغطين نفسك؟ لستِ مضطرةً لذلك، وقد كان ذلك كلاماً غريباً حقاً، وكان تناقضاً وأشبه بالخيال بالنظر إلى الفظائع التي كان يرتكبها عناصر التنظيم في مناطق سيطرتهم".